هل صارت عوامل التحول إلى كبش فداء واقعاً ملموساً ينطبق على مشوار الأستاذ عبد الباسط سبدرات في قطار الإنقاذ؟ فالمقصود ليس وجود حملة منظمة حياله تقضي على دوره وبصماته خلال سنوات مشاركته في الحكم التي وصلت ما يقارب العشرين كان هائماً فيها على طاولة الصولجان. وفي المقابل هل فات على المراقب الموضوعي قراءة المشهد السيريالي الذي يجسد اسلوب الملاحقة وتصفية الحسابات على نار هادئة صوب الأستاذ سبدرات من بعض العناصر في حزب الأغلبية الحاكم في سياق تثبيت الإشارات السالبة ودلق العاصفة حول تجربته في السلطة دون التوغل كثيراً في ظلال الفرقعات وإعدام الشخصية والمصادمات الغليظة معه؟!! حقائق الأشياء تؤكد بأن الشخصية السياسية التي تقدم في سجل التاريخ على صورة كبش فداء قد تكون مظلومة وربما تكون صاحبة مزايا في رسم الأدوار المحددة!! وقد تلعب على وتر المصالح الآنية لكن سرعان ما تتوارى عن الأنظار وفقاً لمجريات الأمور. ومن هذا المنطلق يرى البعض بأن العميد «م» صلاح كرار عضو مجلس الإنقاذ السابق قد كان يتراءى يومذاك في مشهد القرارات الاقتصادية الملتهبة بينما المسألة القطعية أن الذين كانوا يديرون تلك الإجراءات القاسية ظلوا وراء الكواليس. وعلى السياق هنالك من يعتقد بأن قيادة الحركة الشعبية قد قدمت الأستاذ ياسر عرمان في شكل كبش فداء عندما رشحته في انتخابات الرئاسة الأخيرة لتقوم بإخراجه من المنازلة دون مبررات منطقية عند اقتراب الشوط من النهاية!! للوهلة الأولى يعود عبد الباسط سبدرات في الواجهة من جديد بعد أن ذهب للظل من خلال وجود معطيات منسوجة على خيوط رفيعة تتراقص فوق صفحة التأويلات والاستنتاجات حول من يريد ملاحقته وإثارة الغبار حول المنهج والأسلوب الذي كان يتخذه أيام التكاليف في الحكم وقد كانت المجالس والمنتديات مسرحاً لهؤلاء في دلق المعلومات والأقاويل التي تركز على تصوير سياسة سبدرات بالإخفاق والخيبة والخروج عن خط المرجعية ومعالمه. زوايا خلافهم مع سبدرات كانت تعلو وتهبط حول الموقف من الجنائية وطرائق الانفتاح من منظوره وأسلوب التعامل مع القضايا المالية المرتبطة بوزارة العدل. وقد تكون القناعة العدلية البحتة للوزير سبدرات لا تتوافق مع دهاقنة النظرة الجهادية وهو يحاول معالجة بعض مآلات الجنائية من زاوية مصحوبة بالرؤية القانونية والسياسية المطاطة التي ترتكز على تجنيب الوطن ويلات طاحونة المحكمة الجنائية!! ومن هنا صار سبدرات لا يتواءم مع أفكارهم في حربه الطويلة معهم التي ربما كانت تدور على مرأي من رجال الصف الأول في بطارية السلطة. مشهد أن يكون سبدرات كبش فداء قد تكون مسألة مثيرة للخيال والجدل وأن تصدر حياله أحكام غير وردية من منطلقات الخصومة والصراع فإن الخطوة قد تكون مرتبطة بحكمة جزاء سنمار فقد ظل الرجل على الدوام ملتزماً بمنهج الإستراتيجية العامة للمؤتمر الوطني وإحداث صداقات عميقة مع القيادات الحاكمة بل أن سبدرات قال عن نفسه بأنه تجاوز مرحلة الممثل في بلاط الصولجان إلى المخرج الذي يرسم الأدوار والتكاليف. النتيجة المنطقية تؤكد بأن سبدرات عندما التحق بالسلطة الحاكمة منذ البداية لم يكن يحمل غير بطاقة الشيوعية القديمة وقدرات هائلة من البلاغة والدراية القانونية. سبدرات ليس له التزام علي عثمان ولا أخوانية الدكتور نافع غير أنه صاحب موهبة خارقة في تقليد الإسلاميين حتى تحسبه أنه واحد منهم قد تربى على أدبياتهم. لم يكن مفاجئاً أن يعارضه البعض في التنظيم الأصيل فقد حط عليهم كالعصفور الأسترالي لكنه كان مفيداً ورائعاً معهم. أذهل سبدرات الكثيرين بشطارته في التنقل بين المواقع الدستورية على النطاق الوزاري والاستشاري، وبذلك أعطى الميكانيكا الإنقاذية قدراً من الاعتدال والأناقة. وفي الإطار عندما عندما ترجل عن جواده قامت الدنيا ولم تقعد وظلت الهواتف النقالة ترصد الموقف في هجعة الليل في حين اقتضى الأمر قيام خصومه بتركيز الهجوم عليه في ملحمة كأنها حكاية إسطورية أو خطوة جريئة لإظهار ما تحت القبعة!!