{ يردد البعض في «الخرطوم»و«جوبا» عبارات مكرَّرة وخائبة من شاكلة (إن اتفاقية السلام أقرت بحق الجنوبيين في الانفصال.. فلماذا نتباكى الآن ونذرف الدموع على الوحدة.. وعلى اللبن المسكوب)..! { صحيح أن الاتفاقيّة قالت بخيار (الانفصال)، لكنها أكدت على ضرورة عمل طرفي الاتفاقية، وهما (المؤتمر الوطني) و(الحركة الشعبية)، على جعل خيار (الوحدة) هو الأساس.. وفي برتوكول «مشاكوس» الذي وقَّع عليه الفريق «سلفاكير ميارديت» - شخصياً - إنابة عن الحركة والجيش الشعبي، مع ممثل الحكومة الدكتور «غازي صلاح الدين» في 20/ يوليو 2002م وفي الجزء (أ): (المباديء المتفق عليها) تقول الفقرة (1-1) الآتي: (إن وحدة السودان التي تقوم على أساس الإرادة الحرة لشعبه والحكم الديمقراطي، والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة لجميع مواطني السودان، ستظل هي الأولوية بالنسبة للطرفين، وأنه من الممكن رد مظالم شعب جنوب السودان وتلبية طموحاته ضمن هذا الإطار). { هل يذكر سعادة الفريق سلفاكير الكلمات أعلاه التي وقَّع عليها، وهل يعلم أنها جزء من اتفاقية السلام الشامل؟! إذا كان يعلم فلماذا خرج علينا (ثائراً) بعد عودته من رحلة أمريكا ليعلن (أنه - شخصياً - سيصوِّت لصالح الانصال)؟! { (وحدة السودان ستظل هي الأولوية للطرفين).. هكذا قالت الاتفاقية يا عملاء «أوغندا»، وربائب الصهيونية العالمية.. وخونة هذا الوطن الكبير.. { والاتفاقية أيضاً حظرت - تماماً - على «الجيش الشعبي» إمداد قواته بأيّة أسلحة أو ذخائر أو معدات حربية طوال الفترة الانتقالية التي تنتهي في (يوليو) عام (2011م).. وليس (يناير).. { لكن الفريق «جيمس أوث» رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي لا يبالي بالاتفاقية، ولا يعيرها اهتماماً، ورغم ذلك يلوك ذات العبارات القديمة السخيفة عن (عدم التزام المؤتمر الوطني بالاتفاقية)..!! { «جيمس أوث» هذا الجنرال المنتفخ بأموال الجوعى والعرايا من فقراء الجنوب، يعلن عبر الزميلة «السوداني» أمس الأول «الأحد» 24/ اكتوبر، في ثنايا حوار أجرته معه المحرِّرة المثابرة «رفيدة يس» من «جوبا»، يعلن أن الجيش الشعبي قد تزوَّد بالفعل بأسلحة ثقيلة وطائرات، وأنه - الجيش - مستعد لكافة الاحتمالات..!! { يقول الجنرال «أوث»: (أريد أن أؤكد لك أننا بالفعل لدينا كمية كبيرة من الأسلحة، لأن جيشنا كبير، فمن البديهي أن يتم التسليح بحسب عدد الجيش. طبعاً الجيش يعمل لكل الاحتمالات، ونحن نظمنا أنفسنا لكي نخوض حرباً، وجاهزون للدفاع عن أنفسنا ومواطنينا وبلادنا)..!! لاحظو كلمة (بلادنا)..!! سعادة الجنرال يتحدث منذ الآن.. باعتبار أن (الجنوب) بلاد أخرى.. لا علاقة لها بالسودان..!! { وفي إجابة على سؤال آخر أكثر إلحاحاً بشأن التسليح يقول الفريق «أوث»: (عندنا سلاح.. وعندنا طائرات.. وما في حاجة ما عندنا.. إحنا مسلحين بأحدث الأسلحة وبأعداد كبيرة)!! هكذا قال رئيس الأركان.. فماذا تقول الاتفاقية؟! { في المرفق (1) الخاص بوسائل تنفيذ وقف إطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية الموقَّع في «نيفاشا» يوم (31) ديسمبر 2004م، وفي الفقرة (5 - 3) الآتي: (يجب أن يشمل الإيقاف الدائم للأعمال العدائية إنهاء الأنشطة التالية نهائياً).. لاحظ كلمة (نهائياً). { والأنشطة التالية هي: (التحركات العسكرية والاستطلاع والتعزيزات العدائية والتجنيد.. الخ. ثم العمليات البرية والجوية والنهرية. ثم استخدام القوة ضد المدنيين وسوء معاملتهم).. وهذا بالضبط ما يفعله الجيش الشعبي بالمدنيين في الجنوب. { دعك من كل هذا، ودعنا ننتقل إلى الفقرة (5 - 3 - 5) من الأنشطة الممنوعة (نهائياً) وتقول: (يُمنع إعادة الإمداد بالذخائر والأسلحة والمعدات القتالية أو العسكرية). { من الذي خرق الاتفاقية يا سيد «أوث».. بل من الذي (داس) عليها ب (البوت) الأوغندي.. ومزَّقها.. ورمى بها في (زبالة) الجيش الشعبي؟! { هل كانت الحركة الشعبية وحكومتها في «جوبا» وجيشها الشعبي يطبِّقون الاتفاقية وهم يتسلمون في شهر أغسطس الماضي (10) طائرات عسكرية روسية من طراز (أم. آي. 17) من إنتاج مصانع «كازان» الروسية؟! هل الاتفاقية نصت على حق حكومة الجنوب والجيش الشعبي في التسليح بأسلحة ثقيلة ناهيك عن طائرات..؟! { الأنشطة المسموح بها في الفقرة (9) من المرفق (1) في برتوكول الترتيبات الأمنية، في ما يتعلق بالإمداد، تنص على الآتي، في (9 - 7): (الإمداد بمواد غير قتالية (الأغذية، الماء، الأدوية، الوقود، زيوت التشحيم، الأدوات المكتبية والأزياء..)!! { زيوت التشحيم يا جنرال «أوث» وليس الطائرات من طراز (أم. آي. 17) والدبابات، فقد تسلم الجيش الشعبي مائة دبابة من طراز (تي. 72) حسب ما ذكر مركز (آي. اس. اتش) في ولاية «كلورادو» الأمريكية قبل شهرين..!! { هذه هي الاتفاقية.. وتلك هي نصوصها، وما خرقته «الحركة الشعبية» وجيشها (البربري) كثير.. كثير.. وأول الخروقات وجود قوات للجيش الشعبي داخل مدينة «جوبا»، حيث يقيم هذا الجنرال (الأهوج)، فقد نصّت الاتفاقية على تجميع قوات الجيش الشعبي في (8) مراكز تجميع بالاستوائية، و(5) بأعالي النيل، و(4) في بحر الغزال، وتركت مهمة الأمن في «جوبا»و«ملكال» و«واو» للقوات المشتركة (24 ألف ضابط وجندي في جنوب السودان). { هل نفّذت «الحركة» هذه البنود من برتوكول الترتيبات الأمنية.. يا أستاذ «سيد الخطيب» ويا سيد «إدريس عبد القادر».. ويا سيد «يحيى حسين» ويا سيد «علي حامد».. ويا سيد... ويا «فلان» و«علان».. و«فلتكان» من عباقرة وعلماء «نيفاشا»..؟! { إذا كانت الاتفاقية لم تقل بتسليح «الجيش الشعبي» بالطائرات والدبابات.. وإذا كانت الاتفاقية لم تسمح بالإمداد الحربي.. وإذا كانت الاتفاقية لم تسمح بوجود قوات «الجيش الشعبي» في «جوبا».. وإذا... وإذا...؟؟؟ { فهل نصت الاتفاقية فقط على حق (الانفصال)؟! { ما بُني على باطل فهو باطل.. وإجراء الاستفتاء في ظل كل هذه الانتهاكات باطل.. ونتائج مفاوضات «أديس أبابا» القادمة ستكون أسوأ وأضل من «نيفاشا»، فهل من (منقذ) ملهم؟!