في الوقت الذي يقول فيه جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إن على واشنطن المساعدة في إيجاد طريقة سلمية نحو مستقبل السودان ويؤكد دعم الولاياتالمتحدة للسلام في السودان، يقول المبعوث الأمريكي سكوت غرايشن قبل 79 يوماً من التاسع من يناير «ليس هناك وقت لإضاعته» وأن على الطرفين - ويقصد هنا بالطبع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية - أخذ تعهد إستراتيجي بتجنب الحرب والتوصل إلى سلام دائم. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد حذر في حديث له في منتصف أكتوبر الجاري من خطر وقوع ملايين القتلى إذا ما فشل الاستفتاء المنصوص عليه في اتفاق انهى في 2005م حرباً اهلية استمرت عشرين عاماً. هذا هو الموقف والمشهد الأمريكي الذي يبدو التناقض فيه واضحاً تجاه السودان، وإذا اخذنا حديث غرايشن فما الذي يضير بلاده إذا استعجلنا الاستفتاء أو لم نستعجله؟ وما الداعي لإدخال كل هذه الأنف التطفلية في شأن داخلي، فالسودان حتى هذه اللحظة لم يطلب من أمريكا التدخل لحل إشكالاته الداخلية ولم يطلب مدداً ولا سنداً لتحديد خياراته ومصيره، فأمريكا سجلها غير ناصع في كل العالم حتى تكون دولة مناصحة واستعانة، فهي حتى هذه الساعة لم تنجح في المسرح العراقي ولا الأفغانستاني بل فشلت وتريد الفكاك من ذلك المستنقع، وعندما تتحدث الآن عن السودان لا نجد في رصيدها ولا في ملفها أي بشائر خير، لذا فهي غير مرغوبة وغير مطلوبة لأن كل مواقفها تدخل في خانة العداء السافر المبطن بالحديث المعسول تارة هنا وتارة هناك وهي في هذا أبعد من ذاك بكثير، فمن الذي جندها وصية على الأمم والشعوب؟ ومن أين جاءت بهذه الجرأة وهذا الجواز الذي يعبر القارات والأقاليم والدول بلا استئذان؟، فالإدارة الامريكية قبل أن تعد بأصابعها الزمن من هنا وحتى الاستفتاء لتقول حان الوقت أم لم يحن عليها أن تجلس مع نفسها وتجرد بحساب الربح والخسارة سياساتها في المنطقة وتحديداً العراق وافغانستان فإن لم تحاسب نفسها الآن وتعمل على إصلاح ما هو معوج سيدمغها التاريخ وستحاسب هذه الدولة من كل الأمم والشعوب طال الزمان او قصر، فيجب عليها أن تحسب هندسياً الدائرة جيداً قبل أن تعود على الدائرة الدوائر.