ونحن نبحث عن فتح خطوط التعاون ما بين جيل الشعراء المخضرمين والفنانين الشباب الذين يمتلك أكثرهم أصواتاً غاية في الروعة، لكن تنقصهم الكلمة الجميلة والحرف المدوزن، وهذه الصورة لاتروق لكثير من الشعراء الكبار الذين يرون أن ما يُقال ويُغنّى ليست شعراً، ولن أنسى أو تنمحي عن أذني أو تزيح عن بصري (هبَّة) البروفيسور السر دوليب في سهرة (سهران يا نيل) لمقدم البرنامج سعد الدين، وقال ليه وبمنتهى الحسم (يا اخي شعر شنو)، وسعد الدين يحاول أن يجد العذر لبعض الكلمات التي (تفلت) في أغنيات الشباب وهي غالباً ما يتداولونها في نقاشهم وأحاديثهم العادية، وإن كنت قد دافعت أكثر من مرة عن نوع الكلمة التي يغنيها الفنانون الشباب في ظل الحصار الذي يمارسه بعض الفنانين الكبار، مانعين إياهم ترديد أغنياتهم، إضافة إلى حالة العزلة المفروضة عليهم، حيث لا يد تمتد لهم تصويباً أو حتى تزويداً بالرصين من الكلمات، فانتفت المجايلة وانقطع حبل الود ما بين الكثير من الشعراء الكبار والفنانين الشباب، وهذا ما يجعلني أسأل: هل هؤلاء الشعراء غير مقتنعين بهذه الأصوات الجديدة؟ وحتى وقت قريب كنت أظن الإجابة نعم، إلى أن تفاجأت بتعاون فني بين شاعر كبير وواحدة من الفنانات المغمورات لم أجد له ما يبرره إطلاقاً، خاصة وأنها اشتهرت بتقديم الأغنيات الهابطة، ولا أعتقد أنها تمتلك ولو ربع ما يمتلكه بعض الفنانين الشباب من حلاوة الصوت وطلاوة الأداء، وشاعرنا هو الأستاذ الشاعر الكبير الصادق الياس، وما أدراك ما الصادق الياس، هذا الذي منح حنجرة الجابري أجمل كلماته وقلّد صوت ابن البادية وشاحات الطرب والسلطنة وأسبغ على الأمين عبدالغفار شلالات ذهب القصيد وماسّه، ليتبادر إلى ذهني سؤال سريع: لما يغامر الصادق الياس بربط اسمه بمغنية كل ما أذكره عن اسمها آيه كده الملازمين، إضافة إلى أن الكلمات ليست في مستوى أشعار الصادق الياس، وكأنه مغصوب عليها غصب. على فكرة أنا لست ضد أن يمنح شاعر كبير أغنية لفنانة غير معروفة، لكن على شرط أن تكون صاحبة صوت طروب وطرح غنائي جاد، وليست مغنية مناسبات لا تفرق معها أن تغني (من طرف الحبيب جات أغرب رسائل) أو (الفي ريدو فرّط دقس بجي غيره يعمل مقص)، وقاسي جداً علينا كمعجبين قبل أن نكون نقاداً أن (يتنازل) أمثال الصادق الياس ليكتبوا كلمات لم نتعود على جرسها ولا قافيتها ولا مضمونها من أمثالهم، وحتى نكون أكثر وضوحاً وشفافية ربما أن الشاعر أحياناً يجد المقابل لما يكتب بصورة مجزية من فنان ما، وربما يجزل له العطاء، لكن عليه قبلاً أن يضع أمام عينيه سيرته وتاريخه والأسماء التي تعامل معها، فيا شاعر (بعيني الحبيب الليلة لابس التوب والتوب زاد جمالك حشمة يا المحبوب) امنح كلماتك لمن يستحقها ولمن هو قادر على صعود السلم وليس من هو قاعد وسيقعدها معه!! { كلمة عزيزة لن أغالط أحداً إن قال لي إن النيل الأزرق قد غيرت من المفهوم الجمالي لشكل المذيعة ومنحتنا منذ بداية بثها مذيعات على قدر من الجمال بدءاً من سلمي سيد ونسرين سوركتي وحتى جيل إسراء محمد عثمان وإسراء عادل وتسابيح خاطر ونجود حبيب، ولن أغالط أحداً إن قال إن بالنيل الازرق الآن من استطعن أن يخلقن لأنفسهن كاريزما وحضوراً، وعندما أتحدث عن هذه المواصفات تقفز إلى ذهني نجود حبيب وتسابيح خاطر وإسراء عادل ونسرين نمر، لذا فإن على الإخوة في النيل الأزرق أن يمنحوا هؤلاء فرصة الخروج من قوالب البرامج التقليدية إلى برامج يستطعن أن يبرزن فيها إمكانياتهن ويمتلكن مزيداً من الثقة، وإن كانت نسرين نمر قد تحرّرت إلى حد كبير من التقليدية والرتابة وأضافت إلى نفسها الكثير، لذا تقع على عاتق القناة مهمة كبيرة في تدريبهن ومنحهن الخبرة اللازمة لأن الموهبة وحدها لم تعد تكفي في سوق لا يبيع فيه إلا النابغون والنابهون. { كلمة اعز مرحباً بالأخ عبدالباقي خالد عبيد إضافة ل (الاهرام اليوم) وبرافو وأنت تمنحنا أمس ملفاً فنياً راقياً.