قديماً كتب البروفيسور عبد الله الطيب رحمه الله قصيدته الرائعة للأطفال ودُرِّست في المنهج التعليمي «شوينا السُّنبل النضر. على الجمر.. على الجمر» وحتى عهد قريب كان أهل الخرطوم يأكلون «الذرة الشامية» أو «عيش الريف» كما يسميه معظم أهل السودان في مواسمه ولكنه الآن تجارة رائجة ويُشوى أمام الزبون مباشرة. فالبائع مسلح بكل أدوات الشواء التي يحملها في «درداقة» ويجوب بها الشوارع رغم حملات المحليات وتحفُّظها أحياناً. «الأهرام اليوم» التقت بالمزارع الصغير صاحب العشرين عاماً القادم من مدينة السوكي وهو يقف خلف (درداقته) المليئة ب«عيش الريف» والجمر يتوهج في «منقده» المحمول فسألته عن مصدر الذرة الشامي الذي يبيعه؟ فقال إنه يأتي به من السوق المحلي بالخرطوم بسعر 95 جنيهاً للجوال ولا يدري عدد القناديل به، وعندما يشويه كاملاً ويبيعه يتحصل على صافي ربح 25 جنيهاً وهذا لا يحدث إلا في 48 ساعة إن كان السوق جيداً. وأردف إن أسعار «عيش الريف المشوي تنخفض في الموسم ويصبح سعر القندول الكبير 50 قرشاً والصغير 30 قرشاً، بينما يبيعه الآن بسعر 50 قرشاً للصغير وجنيه للكبير بعد دخول فصل الشتاء. وأكد محمد رابح عيسى وهذا اسمه أنه يرسل المصاريف أسبوعياً لعائلته بمدينة السوكي بمعدل 50-60 جنيهاً أسبوعياً بواسطة تحويل الرصيد وأشار إلى أنه درس بالخلوة فقط ولم ينل تعليماً نظامياً وأنه يسكن الآن داخل السوق المركزي حتى يحين موعد حصاد فدادينه التي زرعها هناك فهو قد دخل الخرطوم لجمع تكاليف الجوالات الفارغة وأجر الدقاقة والبابور ومصاريف العتالة. وعن سؤالنا له إن كان بإمكانه أن يرتاح حتى يحين موعد الحصاد، فقال إنه يطمع في عائد كبير وتلك المصاريف تؤثر على عائد الذرة الذي زرعه هناك إن خُصمت منه. وختم بقوله أنه يجيد مهنة الحدادة ولكنها أصبحت طاردة بمنطقة السوكي إذ لا يوجد عمل هناك الآن. وعن زبائنه قال إن طالبات الجامعات هُنّ أهم الزبائن في الخرطوم.