اكتظت الأسواق ومحلات السيوبر ماركت بعشرات الأصناف اللهم اجعلها نعمة وليست نقمة من عبوات مياه الشرب المعروفة ب «مياه الصحة» والمياه الغازية وأنواع العصائر، لكن المشكلة ليست في الاكتظاظ، فمعدلات الاستهلاك «تبارك الله» في ارتفاع مستمر، بل المشكلة في شمس السودان الملتهبة طوال العام إلا ما ندر في فصل الخريف، والمشكلة أيضاً في أصحاب هذه الأسواق و«السيوبرماركتات». وباندماج المشكلتين معاً تنتج ظواهر صحية خطيرة جداً، فبقاء مياه الشرب والمياه الغازية والعصائر المعبأة في عبوات بلاستيكية طوال اليوم تحت أشعة الشمس المباشرة؛ يؤدي إلى تفاعلات سريعة بين محتوى العبوات والمواد الكيميائية المصنعة منها تلك العبوات، وتنتقل تلك التفاعلات بالتالي إلى المستهلك الذي يفاجأ في وقت وجيز بآلام في المعدة وعسر في الهضم وقلقلة في الأمعاء، فيتناول المهدئات الطبية والبلدية، وبعد فترة تستفحل حالته فيجد الاطباء بعد الفحوصات الدقيقة ظهور أورام سرطانية، وبالتقصي عن تاريخ الحالة والمأكولات والمشروبات التي كان يتناولها المريض؛ يثبت لديهم المتهم الأول وهو المواد الكيميائية المتحللة في تلك العبوات البلاستيكية الملقاة أمام الأسواق ومحلات المواد الاستهلاكية تحت أشعة الشمس في إهمال واضح يشاهده الغادي والرائح يومياً دون أن تتحرك بلدية، أو محلية، أو مواصفات ومقاييس، أو حماية مستهلك، أو وزارة صحة، أو حتى الأممالمتحدة. من خلال هذا الطرح نستنفر الجميع ونرفع أعلى إشارات التحذير من الآثار المترتبة على ترك تلك العبوات تحت أشعة الشمس المباشرة، منبهين إلى أن أكثر من يتناولون محتوياتها هم أطفالنا فلذات أكبادنا وشبابنا في مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم، وهؤلاء هم نصف الحاضر وكل المستقبل. لا شك أن بلادنا تتمتع حالياً بالوفرة في الكثير من المواد الغذائية والمشروبات، لكن لا يعني ذلك أن نترك الأسواق بلا رقابة، وأن نتعامى عن مشاهدة الخلل البائن في طرق عرض ما نأكله ونشربه بهذه الكيفية الموغلة في الإهمال!! ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.