{ فضائله لا تحصى، فهو يوم العتق من النار، وهو يوم الوقفة بعرفات، حيث يبتهل الحجاج ويدعون ربهم، يذكرونه في هذا اليوم العظيم، الذي أقسم الله عز وجل به تعظيماً لفضله وفضل الأيام العشر من ذي الحجة التي تظلنا. { وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آيه؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا) «المائدة: 3» قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. { ومما روى الإمام مسلم في صحيحه، ذاك الحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة). وقد روى أهل السّنن عنه عليه أفضل الصلاة والسلام قوله: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب). { (يوم عرفة) هو اليوم الذي أقسم الله به، ولا يقسم ربنا إلا بعظيم، قال تعالى: (وَشَاهِدٍوَمَشْهُودٍ)، فقد جاء في سنن الترمذي وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبينا عليه السلام قال: (اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة). أما ابن عمر رضي الله عنه فيروي عن نبينا صلى الله عليه وسلم قوله: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) { بلا جدال فإن الدعاء في هذا اليوم قمين بالاستجابة، وقضاء حوائجنا مضمون، ما دام رب العزة لا يرد داعياً، ولا يخيب رجاء سائل، خصوصاً في يوم استجابة الدعاء. { وفي هذا اليوم الأغر شهدت الإنسانية دعوة عظيمة للمحافظة على الدماء والأموال والأعراض، حيث أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، وسيبقى هذا النداء الخالد أساساً عظيماً يلتزمه المسلمون، ويطبقونه جيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالدماء معصومة، والأعراض محرمة والأموال مصانة، قد ارتبطت قداستها وحرمتها بحرمة البلد الحرام والشهر الحرام. { أعاد الله علينا وعليكم هذا اليوم وبلادنا ترفل في ثياب الوحدة، ويلهج عباد الله فيها بالحمد والثناء على خالقهم أن وهبهم نعمة الأمن والاستقرار، وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. { أضحى مبارك وكل عام والجميع بألف خير.