{ طالبنا كثيراً في هذا المساحة حزب (المؤتمر الوطني) باستغلال (كرت) الجنوبيين المقيمين في (الشمال)، وهم لا يقلون عن «ثلاثة ملايين» في خمس عشرة ولاية.. وكتبنا بضرورة تنويرهم ومخاطبتهم خطاباً (رسمياً) واضحاً بأن إقامتهم في الشمال يتهدَّدها الخطر، إذا لم يتحرَّكوا أماماً لممارسة حقوقهم الشرعيَّة والدستوريَّة في استفتاء تقرير مصير جنوب السودان. { لكنَّ أحداً لم يسمعنا، بل ذهب الرئيس البشير - نفسه - إلى تطمين المواطنين الجنوبيين المقيمين في الشمال بأنَّهم باقون في الشمال، وأنَّهم لن يُضاروا. أمَّا السيد والي الخرطوم الدكتور «عبد الرحمن الخضر» فقد أكد مراراً وتكراراً أن الجنوبيين من سكان ولاية الخرطوم هم مواطنون يتمتَّعون بكافة الحقوق، بغضِّ النظر عن نتيجة الاستفتاء!! { وها قد جاء موعد التسجيل للاستفتاء.. وها قد جاء موعد (المفاصلة) الحقيقيَّة من أجل الوطن وواجبات (المواطنة)، لا من أجل حزب، أو حركة.. شعبيَّة كانت أم إسلاميَّة، فأين اختفى (المواطنون) الجنوبيُّون الذين وعدتهم بالحماية وحقوق المواطنة يا سيادة الوالي؟! لماذا بدأ التسجيل هزيلاً.. و(غريباً) في الخرطوم.. بل وفي جميع ولايات الشمال، من البحر الأحمر والشمالية وكسلا ونهر النيل، وإلى النيل الأزرق..؟! بينما تدافع الآلاف في صفوف طويلة لتسجيل أسمائهم في «جوبا»، و«ملكال»، و«واو»؟! { والي الخرطوم قال إن هناك (جهات) تحاول عرقلة عملية تسجيل الجنوبيين في الخرطوم..!! إذن ما هي هذه (الجهات) ولماذا هذا الاستخدام (الخجول) للعبارات، في أيام لا تحتمل الدبلوماسيَّة والحياء و(الأدب الزائد)..!! { لماذا لا تقولون إنها الحركة الشعبية.. وبعض موظفي مفوضيَّة الاستفتاء الذين يعرقلون إجراءات التسجيل في بيروقراطية (مريبة) رغم محدوديَّة العدد الذي جاء للتسجيل..!! والفريق أول سلفاكير قال قبل أيام إن (معلوماته) تؤكد أن المؤتمر الوطني سجَّل أسماء ملايين الجنوبيين قبل بداية عملية التسجيل..!! من أين استقى (الرئيس) سلفا معلوماته الخطيرة؟! فقد بلغ عدد المسجلين في أحد المراكز بولاية الخرطوم في اليوم الأول (4) - أربعة اشخاص فقط!! { الآن.. لا مجال لتكرار الأخطاء والمهادنة الغبية.. وادّعاء العقلانيَّة. { الآن.. إمَّا أن يخرج (جميع) الجنوبيين في (الشمال).. واحداً.. واحداً، لتسجيل أنفسهم لخوض معركة بقاء الوطن واحداً موحداً.. أو استمرار مقاطعة الكثيرين منهم للتسجيل ائتماراً بأمر الحركة الشعبية، أو خوفاً من تهديداتها (السريَّة) عبر كوادرها المنتشرة في الشمال.. وفي الحالة الثانية فإنه لا يستحق (المواطنة) في الشمال كل (عميل) للحركة الشعبيَّة.. خائن أو جبان. { إمَّا أن يخرجوا (جميعاً) للتسجيل أو يذهبوا (اليوم) قبل (الغد) إلى الجنوب.. ما داموا أوفياء إلى هذا الحد.. مطيعين للحركة الشعبية (الانفصالية)، فماذا يكسب الشمال من بقاء الطابور الخامس؟! { الحركة الشعبية تستخدم الأساليب الفاسدة بالتخويف والإغراء لمنع تسجيل الجنوبيين في (الشمال) خوفاً من تصويتهم لصالح (الوحدة)، أو عدم اكتمال النصاب (ثلثي المسجلين) عند الاقتراع، والمؤتمر الوطني عاجز حتى هنا في الشمال.. عن اختراق تجمعات الجنوبيين.. عاجز حتى هنا في الشمال!! { كيف تسنَّى للحركة الشعبية أن تمارس الإرهاب والابتزاز والخداع على الجنوبيين في الخرطوم.. وجميع ولايات الشمال، في وجود كل هذه الأجهزة (الأمنيَّة) و(الشرطيَّة)، وأفرع (المؤتمر الوطني) المنتشرة في الأحياء.. والحارات.. والقرى والفرقان. { إنَّ المسؤولية تقع على ولاة الولايات (الشمالية) ومعتمدي المحليات، من البحر الأحمر شرقاً إلى دارفور غرباً.. ومن الولاية الشمالية شمالاً وإلى جنوب كردفان.. والنيل الأزرق.. والنيل الأبيض جنوباً.. يجب أن تفوق نسبة التسجيل للاستفتاء نسبة التسجيل للانتخابات الأخيرة.. فقد هرع (الولاة) و(المعتمدون) في تلك الأيام إلى تسجيل الناس بالملايين من أجل أن يفوز «فلان» و«علان».. و«فلتكان» و«زعيط» و«معيط» في انتخابات «الولاة» و«المجلس الوطني».. بينما يتكاسلون الآن ويتراخون ويستسلمون للحركة الشعبية، ولفرضها خيار الانفصال.. بينما الفرق شاسع بين هذا التسجيل وذاك.. فالأول لصالح فرد.. أو حزب.. أمَّا الثاني فلصالح بقاء الوطن الكبير واحداً.. موحداً.. لصالح السودان العزيز.. أرض الجدود والآباء و«الحبوبات».. والأمهات.. { إذا عجز المؤتمر الوطني عن تسجيل الجنوبيين بنسبة تفوق تسجيل الناخبين في انتخابات أبريل الماضي، فإنَّها ستكون فضيحة.. بل خيانة وطنيَّة لا جدال فيها.. { ومن الغرائب والعجائب أن يصرِّح السيد «دينق ألور» وزير خارجيَّة الجنوب لإحدى صحف أمس متسائلاً عن سبب اهتمام المؤتمر الوطني بضعف إقبال الجنوبيين على التسجيل في الشمال، وقال: (إصرار المؤتمر الوطني لدرجة التشنُّج يخلق علامات استفهام كبيرة)..!! «دينق ألور» يتحدَّث وكأنَّما الاستفتاء حق أصيل للحركة الشعبية لا ينازعها فيه حزب..!! { أليس «المؤتمر الوطني» حزباً لديه قطاع كامل للجنوب.. وأعضاء جنوبيون بالآلاف.. ووزراء ومستشارون في المركز والولايات من الجنوب؟! ماذا يعمل هؤلاء؟! أين اختفى «رياك قاي»؟! أليس من حق «المؤتمر الوطني» يا سيد «دينق الور» أن يروِّج لخيار الوحدة.. ويحشد الناخبين ويدعوهم للتسجيل في الشمال والجنوب.. من أجل التصويت لخيار الوحدة.. وإسقاط رمز «الانفصال» الشيطاني؟! { هل يريد «دينق ألور» أن يقف «المؤتمر الوطني» متفرِّجاً على استخدام الحركة للأساليب الفاسدة.. ثم لا تنتظر منه سوى الترحيب بنتيجة الاستفتاء..!! { إنَّ التاريخ لا يعرف «سلفاكير»، وبالتالي لا يعرف «باقان».. ولا «عرمان».. وغيرهم من عملاء المخابرات.. لكنَّه يعرف أن انفصال جنوب السودان قد تمَّ في عهد يحكمه الحزب «س» والرئيس «ص».. فهل تعرف الأجيال الحديثة أسماء «مبارك زروق» و«أبو حسبو» و«الفضلي» و«حماد توفيق»؟! كلا.. إنها تعرف فقط أن الاستقلال حقَّقه حزبا «الوطني الاتحادي» و«الأمَّة».. وأن علم الاستقلال رفعه السيد «إسماعيل الأزهري».. بمعاونة السيد «محمد أحمد المحجوب».. { التاريخ لا يعرف «دينق ألور» و«نيال دينق».. كما أنَّه لا يعرف «سيد الخطيب».. و«إدريس عبدالقادر».. { المسؤوليَّة الآن تقع على عاتق الرئيس البشير، ثم نائبه الأستاذ علي عثمان، ثم مساعده الدكتور نافع علي نافع.. فعليهم أن يعملوا إلى آخر ثانية لصالح وحدة السودان. «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» صدق الله العظيم