عماد الدين عبد القادر الشريف يوافق الخميس القادم العاشر من محرم يوم عاشوراء، وهو من أيام الله المباركة، نجَّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون ومن معه، فصيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم (صوم يوم عرفة يكفر سنتين، ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية) رواه مسلم وغيره. وصيام عاشوراء مستحب غير واجب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه) رواه مسلم وغيره، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا اليوم الذي تصومونه)؟ فقالوا: هذا يوم عظيم نجّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه. فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فنحن أحق وأولى بموسى منكم) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمر بصيامه. ولعظم هذا اليوم فقد بوَّب البخاري في صحيحه الآية (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وبوّب البخاري رحمه الله أيضاً في صحيحه الآية: (أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) وقال تعالى (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ). إن الصلاة وصيام رمضان أعظم من صيام عاشوراء ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر). رواه مسلم والترمذي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وتكفير الطهارة والصلاة وصيام رمضان وعرفة وعاشوراء للصغائر فقط وكذا الحج لأن الصلاة ورمضان أعظم منه)، وقال النووي رحمه الله: يُكَفِّرُ (صيام يوم عرفة) كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ، وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة، فأوصي إخواني بالتوبة والندم قبل أن تبلغ الروحُ الحلقومَ، فالندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وثمة ما يبلغ المرء شفاعة سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام فإنه قال (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وقال: ( ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين)، بل إن (المقام المحمود الشفاعة).. (يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميون)، رواه البخاري. وقد علم رسول الله صلى لله عليه وسلم أمته بعض أبواب الخير التي تبلغهم شفاعته عليه السلام، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا مخلصا من قلبه) رواه البخاري، وقوله (من صلى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)، وقوله (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري وأصحاب السنن. وأما استحباب صوم يوم التاسع مع صوم عاشوراء فدليله قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، وقال الحافظ ابن القيم في تهذيب سنن أبي داوود: يصام يوم قبله أو يوم بعده، قال ابن حجر: ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعاً (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده)، وأما إفْرَادُ يوم عاشوراء بالصوم دون صوم التاسع والحادي عشر فلا حرج فيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يعني مع العاشر).