هل هنالك جاذبية كهربائية تدفع القارئ الموضوعي للبحث عن صحيفة سياسية محددة من المكتبات والسؤال عنها كأولوية من الباعة دون سائر الصحف الأخرى؟ وبالقدر نفسه ما هو شكل التأثير الكيميائي الذي يسري في دواخل رواد الصحف السياسية وهم يتحفزون بأعصاب مشدودة للحصول على صحيفتهم المفضلة؟ الإجابة واضحة: إن ما وراء الصورة دلالات كثيرة ومعانٍ عميقة، فالإنسان يجري وراء الألق العميق والإكسير الغالي والذهب الأصيل والبضاعة النفيسة. عطفاً على تلك المعطيات هالني الاستقبال الرائع من جمهور القراء الكرام وهم يحتضنون جريدة «الأهرام اليوم» في مشهد سيريالي منذ لحظة الميلاد يوم أن عانقت أرض الواقع بتاريخ 21 ديسمبر 2010م. لقد جاءت «الأهرام اليوم» إلى حيز الوجود لتسد حاجة وطنية ومهنية في آن واحد؛ فالبلاد صارت تواجه مرحلة دقيقة وظروفاً بالغة الحساسية والمسرح السوداني تموج بداخله مشاهد الاستقطاب وإرهاصات الخطوب والبلايا والتحركات المتضاربة، لذلك كان لزاماً في هذا البلد السبّاق في مجال العطاء الإنساني أن تقوم في ربوعه صيغة إعلامية تجسِّد مستوى قامته السياسية ووعيه العام. من هذا المنطلق أطلت «الأهرام اليوم» في الأفق لتكون منبراً حراً يساعد في إيقاف العاصفة الهوجاء المرتقبة من خلال بسط المنهج الديمقراطي والحرية ودفء المحاججة، فضلاً عن ترسيخ قيم الانتماء القومي والوحدة الوطنية وتنمية العقول والزرع والضرع. نجحت «الأهرام اليوم» في أن تكون رمزاً إعلامياً متميزاً حتى تقدّمت الصفوف في سلم الصدارة من حيث التوزيع وإقبال القراء لتصبح الصحيفة السياسية الأكثر رواجاً. وأعطاها تنوعها الفريد وقدرتها على خطف الألباب نكهة غير مسبوقة؛ فقد زواجت بين المادة الإلكترونية والمادة الحية، وابتكرت معالم الحوار السياسي والتحقيقات المتطورة في الزوايا المختلفة، وقدمت الجرعة الأدبية والفنية والثقافية وقضايا المجتمع في قالب عصري يرتكز على عنصر الصدمة والتشويق. يقود سفينة «الأهرام اليوم» الأستاذ الهندي عز الدين، وهو يستند على شقاء سنوات ومتوالية إبداع ولا يختلف اثنان في أنه ربّان ماهر قادر على التقاط القلادة الذهبية. وقد وصف الأستاذ علي السيد القيادي الاتحادي في قولة مشهورة الأستاذ الهندي عز الدين بأنه «صانع الصحف الأولى في بلادنا». والهندي حرقته جمرة المهنة ألف مرة حتى صار مفعماً بالاطمئنان والمنعة، يدرك طرائق النجاح الباهر وسلم القمة. أما الأستاذ عبد الله دفع الله المدير العام فهو نموذج ساطع لرجل الأعمال الحيوي الذي يستثمر في المجالات التي تلهب العقول والتثقيف دون الالتفات إلى طاحونة الأرباح، ويقف وراء ماكينة التحرير الأستاذ نبيل غالي وهو رجل نبيل لفظاً ومعنًى يعمل في صمت وديناميكية والصامت دائماً يتفوق بشهادة عالية. ويزداد التألق بوجود المايسترو الأستاذ محمد الفاضل صاحب المذاق السحري في توزيع أوركسترا التحرير. وقد لا يسع المجال لذكر جميع الزملاء والزميلات في كتيبة «الأهرام اليوم» الذين استطاعوا بجدارة إطفاء الشمعة الأولى لصحيفتهم المتألقة. وفي السياق لا أستطيع الإفصاح بأن «الأهرام اليوم» مؤسسة متكاملة لا تغشاها الإخفاقات والمثالب حتى لا أدخل في دهاليز المبالغات والتدليس، فالحكمة تؤكد بأن الأخطاء من نصيب الذين يكدحون ويعملون وحبيبات العرق لا تتقاطر من الجسد النائم. والمحصلة يا ترى ما هي جاذبية جريدة «الأهرام اليوم»؟ فالشاهد أنها صارت تعطي الانطباع القوي الذي يبقى طازجاً في ذاكرة القارئ وهو أنها تحاول تطويع الحراب لتكون بوتقة للرأي والرأي المضاد تستوعب جميع المدارس الفكرية والسياسية سواء كانت اتوقراطية أو ثيوقراطية. وسط تراكم الغيوم وفظاعة الأحداث تكبر تحديات «الأهرام اليوم» ونراها تدخل في أتون القضايا الملتهبة كالسهم المنطلق. وهكذا تواكب مآلات استفتاء جنوب السودان وأبعاده والوتيرة السريعة للملف الدارفوري وتداعيات الجهوية وإيقاعات المعارضة وخلافات الشريكين ومهددات الوطن وإشكاليات الفساد ونقص التنمية. وفي الإطار يبقى الخط المرسوم ل«الأهرام اليوم» هو الاستقلال والمصداقية والموضوعية والاعتدال والبعد عن الشتائم والانفعالات والانحياز لفئة على حساب الأخرى وعدم الانزلاق في أعراض الناس. في ثنايا المشهد تتأطر حيويّة «الأهرام اليوم» بإثارة الأعمال والقضايا الإستراتيجية المتصلة بأحوال السودانيين في سياق تقديم المادة الإعلامية الصادقة دون تجميل، وتقدير خطورة الكلمة التي تعتبر أشد فتكاً من النار. ومن هنا تريد «الأهرام اليوم» أن تصبح علامة دالة عليها كما البحر والنخيل والصحراء. والأحلام الكبيرة دائماً يحققها الكبار.