إذا كان ضوء الشمس يعالج اكتئاب الشتاء فإن الحصول على جريدة (الأهرام اليوم) من المكتبات والباعة يمثل متعة الفرح والتأثير الكهربائي عند رواد السياسة والمجتمع الذين يطوقون صحيفتهم المفضلة كل يوم بالدفء والحنان والوفاء.. كقوة النيل واندفاعه جاءت (الأهرام اليوم) إلى حيز الوجود لتسد حاجة وطنية ومهنية في آن واحد، وها هي توقد الشمعة الثانية ملء العين وملء القلب تعانق القمة.. وفي الصورة المقطعية تتراءى أكثر شباباً وأفصح لساناً وأقوى ثباتاً. تتأطر في الأفق مشاهد الاستقطاب وإرهاصات الخطوب والبلايا وملامح التشكيل الوزاري الملغوم، ويطل شبح الفاتورة الاقتصادية القاسية على المواطنين وتتناثر حبيبات الشبكة الإجرامية الدولية.. في خضم هذه اللوحة المخيفة تكبر تحديات (الأهرام اليوم) لتكون منبراً حراً يساعد في إيقاف العاصفة الهوجاء المرتقبة على الوطن في بسط المنهج الديمقراطي وأمانة النصح وعمق المحاججة والدخول في أتون القضايا الأساسية والملتهبة كالسهم المنطلق. هكذا كان خط (الأهرام اليوم) في العامين الماضيين.. صحيفة مواكبة مسؤولة ترسم المبادرة الوطنية وتخلق البدائل قبل أن تكتفي بالدور المهني، فقد كانت بالشواهد الدالة طرفاً أساسياً من خلال قلم الأستاذ الهندي عز الدين، رئيس التحرير، في معالجة مخاطر اتفاقية أديس أبابا بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية حتى جاء القرار الحاسم من الرئيس البشير، وبذات القدر كانت مساهمة رئيس التحرير الواضحة في قيام مشروع الشراكة بين الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني وإيقاف ارتفاع أسعار المحروقات وبعض السلع الحياتية. النهج المرسوم الذي تقوم عليه صحيفة (الأهرام اليوم) يرتكز على البعد من الانفعالات والشتائم والتجريج والدخول على أعراض الخلائق حتى تكون منبراً يجسد قيم التوازن والاستقامة والانقلاب على أمراض المجتمع في سبيل الوصول إلى لحمة وطنية معافاة على صعيد المسرح السوداني. في الكيمياء الحياتية تموت الأسطورة وتبقى الجوهرة.. فالأسطورة تكون مصحوبة بالضجيج والأجواء التي تغلف الحكاوي بالمبالغات.. أما الجوهرة فهي تمثل الشعور الصحيح بإحساس الجماليات والرونق على أرض الواقع، ولا يحتاج العقل إلى الترميم للإمساك بالحقائق. من هنا عندما يطالع القارئ الحصيف الذي يطالع (الأهرام اليوم) وهي تكسر المسلمات والتقليد المهني على أوتار الحداثة حول فظاعة الأحداث وغيوم المآلات في الساحة السودانية فإنه يكون قد التقط الجوهرة، وأهل الفن يقولون: ما أروع التقاط الجوهرة.. يوجد في كتيبة (الأهرام اليوم) نخبة من الزملاء والفنيين الأفذاذ الذين جعلوا صحيفتهم تدرك طرائق النجاح الباهر لتصبح في سلم الصدارة من حيث التوزيع والإقبال، فقد كان لهم دورهم المتعاظم في قدرتها على خطف الألباب وتقديم النكهة السحرية في التحرير والإخراج في قالب عصري يرتكز على عنصر الصدمة والإبهار والتشوق. في السياق يوجد الأستاذ نبيل غالي الرجل الذي يعمل في صمت ودنياميكية، والأستاذان الفاتح وديدي وخالد سعد؛ فالأول يتميز بالدقة والبراعة والثاني بالجسارة والقدرة. ولا يفوتني الإفصاح عن إعجابي بالصحفي الشاب طلال إسماعيل الذي أتوقع له مستقبلاً زاهراً في بلاط صاحبة الجلالة. وفي الإطار لا يسع المجال لذكر جميع الزملاء والزميلات في كتيبة (الأهرام اليوم) الذين استطاعوا بجدارة إطفاء الشمعة الثانية لصحيفتهم المتألقة.. يقود سفينة (الأهرام اليوم) الأستاذ الهندي عز الدين، ولا يختلف اثنان في أنه ربان ماهر.. يعرف كيف يحوز على القلادة الذهبية.. والهندي مثل جدول الرياضيات لا يقبل الوساطة والمجاملة والمحاباة ولا يستجيب للأهواء في مهنة الصحافة. ومن الأشياء المذهلة والرائعة التي تستحق التأمل الشفيف والرؤية العميقة حصول (الأهرام اليوم) على شهادة التميز والتقدير من بعض قيادات ورموز المجال السياسي على صعيد القطر على رأسهم الأستاذ علي عثمان محمد طه، والإمام الصادق المهدي، ومولانا محمد عثمان الميرغني، والشيخ حسن الترابي، والأستاذ محمد إبراهيم نقد، فضلاً عن أقطاب المجتمع المدني والروافد الاجتماعية الأخرى. في اللوحة السيريالية سيكون برنامج (الأهرام اليوم) بعد إطفاء الشمعة الثانية امتداداً طبيعياً لدواع ميلادها الذي عانق أرض الواقع بتاريخ 21 ديسمبر 2010م، بذات الحيوية الجارفة والنهضة الإبداعية والينابيع المهنية التي لا تجف من خلال الحبل الممدود مع القارئ السوداني الحر الذكي.. بهذه القناعة والمعطيات ستكون (الأهرام اليوم) عصية على التدمير والاندثار.. ستبقى قوية كالجبل الأشم.. أما أعداء النجاح فإنهم عابرون إلى لجة الظلام!!