{ للمرة الأولى حاولت قيادة (عجلة).. { وبعد مساعدة من أقراني اندفعت بها.. { وفجأة وجدت نفسي وإطار العجلة الأمامي يتوسط أرجل حمار أمامية.. وحتى أتحاشى السقوط، تركت ميزان العجلة وأمسكت بأذني الحمار!! { وكان وجهي لحظتها مقابلاً لوجه رجل كبير في السن وهو الذي كان ممتطياً الحمار.. { وصرخ الرجل بأعلى صوته في وجهي مسدداً لي صفعة: دا شنو.. يا حمار؟ { ومنذ تلك الحادثة ازداد اهتمامي بالحمير.. { ففي مطلع الثمانينات من القرن الماضي اختارتني مدرسة سنار الثانوية لاختيار نص مسرحي ليمثله الطلاب وذلك للمشاركة في منافسات الدورة المدرسية آنذاك على امتداد الوطن.. ومن ثم وبترصد اخترت نص (الحمير) لمؤلفه الأستاذ توفيق الحكيم وقمت بسودنته وإخراجه.. { كانت المنافسة حادة وقتها إلا أننا استطعنا اجتياز المنافسة على مستوى المحافظة ثم الإقليم وكان الوصول إلى محطة المنافسة الأخيرة.. الخرطوم. { علم الزميل الصحفي آنذاك طلحة الشفيع بأمر النص الذي جئنا به للمنافسة في العاصمة وكان وقتها مشرفاً على قسم المنوعات بجريدة (الصحافة) فنشر خبراً بالصحيفة كان عنوانه (نبيل غالي يجيء بالحمير من سنار إلى الخرطوم!). { كاد هذا العنوان (المستفز) أن يشرخ العلاقة بيني وإدارة المدرسة والطلاب الذين يؤدون الأدوار في المسرحية إلا أنني استطعت امتصاص سحابة الغضب تلك. { وأصدقائي يدهشون وأنا في هذه السن المتقدمة التي خط فيها الشيب الرأس، يتعجبون من اهتمامي وترديدي لأغنية الواد سعد الصغير التي تقول: (بحبك يا حمار/ وبعزك يا حمار/ ولعلمك يا حمار/ أنا بزعل قوي/ لما حد يقولك يا حمار). { وكان أصدقائي يضربون كفاً بكف لأن (ذوقي) انحدر إلى هذا الدرك والسباحة في الموجات المبتذلة من الأغاني.. فإن كان أذن الأمة بأكملها من المحيط إلى الخليج قد أصيبت بتدهور الذوق وبلادة الحس، فما الذي يمنع العبد لله أن يركب الموجة.. وأصبحنا نردد على طريقة الراحل عبد الحليم حافظ (إني أغرق!). { المهم أن سعد الصغير لم يرتكب جريمة بالغناء للحمار.. فهناك كثر غنوا للحمار قبله ومنهم المطربة والممثلة المعروفة شادية والنجم الكوميدي اسماعيل ياسين.. بل إن الأديب الكبير يحيى حقي احتفى ب (الحمار) في باب كامل بمذكراته التي صدرت له في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين. { وأصدقائي ما زالوا في حيرة من أمرهم وكاد الغيظ يفتك بهم حينما كنت أشجع الهلال مع أنني مريخابي على السكين في ذاك الزمن الجميل.. أشجع الهلال في أي مباراة يشارك فيها اللاعب الفنان المدهش (الدحيش)!! { والأمة العربية من أدناها إلى أقصاها، شعبياً ورسمياً، كانوا يراهنون على (أوباما) الحصان الأسود في انتخابات الرئاسة الأمريكية آنذاك وكانوا يظنون أنه سوف يحل كل مشاكل بؤساء الساسة والجماهير العربية المقهورة.. وكما تعلمون فإن شعار حزبه (الديمقراطي) الذي رشحه هو (الحمار).. وحين اتضحت الرؤية وزالت الغشاوة، تساءل الكثيرون: من الحمار؟! { وفي إحدى الولايات الهندية استأجر متظاهرون حماراً ودفعوا به إلى المقدمة وساروا وراءه.. والي الولاية لجأ للمحكمة، مبيناً أن الحمار قام بدور مهم في المظاهرة، من ثم تم حجز الحمار بقسم الشرطة وأقيمت دعوى ضد المتظاهرين والشرطة.. وبناءً على هذه الحادثة يرددون في الهند: (القانون هو الحمار)!! { بالمناسبة هل لدينا إحصائية لدى الخدمات البيطرية عن عدد الحمير في السودان؟! { إن لم يكن الحمار من الأهمية بمكان فلماذا أعد عنه الباحث إلهامي فرح رزق الله رسالة دكتوراة ونوقشت بجامعة القاهرة؟! { مساطيل كانوا يتفرجون على مباراة والمذيع كان يردد: دربكة في الدفاع.. دربكة في الوسط.. دربكة في الهجوم.. دربكة أمام المرمى.. قووون. { واحد من المساطيل قال: الظاهر إنو (دربكة) دا لاعب خطير وحريف جداً!!