تحاول الصين التي تمسك بورقة النفط، والولاياتالمتحدة التي تمسك بورقة النفوذ السياسي، لعب أوراقهما كل على طريقته لإثبات وجوده على الخريطة السياسية في جنوب السودان، المنطقة الشاسعة الغنية بالموارد الطبيعية والمرشحة لأن تصبح دولة مستقلة هذه السنة. وتعتبر الولاياتالمتحدة، التي استثمرت الملايين في المساعدات الإنسانية التي قدمتها للجنوب السوداني خلال الحرب الأهلية واستضافت آلاف الجنوبيين، حليفاً إستراتيجياً لجنوب السودان بعكس الصين التي تعتبر الحليف الرئيسي للخرطوم. وأدت الولاياتالمتحدة دوراً مركزياً في التوصل إلى اتفاق السلام الذي أنهى في 2005 الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من عقدين بين الشمال والجنوب، ولا يزال دورها مهماً في المفاوضات حول مستقبل العلاقات بين الشمال والجنوب. أما بالنسبة إلى الصين فهي المستورد الأول للنفط السوداني والمزود الأول للخرطوم بالسلاح والداعم الأساسي للنظام السوداني في مجلس الأمن الدولي وسائر المحافل الدولية. ولكن واقع أن (80%) من احتياطيات النفط السوداني المقدرة بأكثر من ستة مليارات برميل تقع في باطن الأراضي الجنوبية دفع بكين إلى تغيير صورتها كحليف للخرطوم في أنظار الجنوبيين. ففي جوبا عاصمة الجنوب الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي فتحت الصين قنصلية في 2008، في حين استثمرت الشركة النفطية الصينية «سي إن بي سي» أموالاً في مركز معلوماتي تابع لجامعة محلية. كما استقبلت حكومة الجنوب في الربيع الماضي وفداً من الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.