تحاول الصين التي تمسك بورقة النفط، والولاياتالمتحدة التي تمسك بورقة النفوذ السياسي، لعب أوراقهما كل على طريقته لإثبات وجوده على الخارطة السياسية في جنوب السودان، المنطقة الشاسعة الغنية بالموارد الطبيعية والمرشحة لأن تصبح دولة مستقلة هذه السنة. وتعتبر الولاياتالمتحدة، التي استثمرت الملايين في المساعدات الإنسانية التي قدمتها للجنوب السوداني خلال الحرب الأهلية واستضافت آلاف الجنوبيين، حليفا استراتيجيا لجنوب السودان بعكس الصين التي تعتبر الحليف الرئيسي للخرطوم. ويتابع الأمريكيون من كثب الاستفتاء الجاري في جنوب السودان لتقرير مصير هذه المنطقة، فالرئيس الأسبق جيمي كارتر والسناتور جون كيري والمبعوث الخاص سكوت جرايشن جميعهم يراقبون سير الاستفتاء الذي سينتهي السبت ويتوقع أن يقود إلى استقلال جنوب السودان وبالتالي ولادة دولة جديدة في القارة الإفريقية. وأدت الولاياتالمتحدة دورا مركزيا في التوصل لاتفاق السلام الذي أنهى في 2005 الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من عقدين بين الشمال العربي المسلم والجنوب الإفريقي المسيحي، ولا يزال دورها مهما في المفاوضات حول مستقبل العلاقات بين الشمال والجنوب. وبين رفع العقوبات الاقتصادية وشطب السودان عن قائمة الدول الداعمة للإرهاب والمساعدة في خفض ديون السودان، تبدو الولاياتالمتحدة أنها تمتلك كثيرا من ''الجزرات'' لإقناع الخرطوم بإبقاء العلاقات الشمالية الجنوبية سلمية في حال انفصل الجنوب. أما بالنسبة إلى الصين فهي المستورد الأول للنفط السوداني والمزود الأول للخرطوم بالسلاح والداعم الأساسي للنظام السوداني في مجلس الأمن الدولي. ولكن واقع أن 80 في المائة من احتياطات النفط السوداني المقدرة بأكثر من ستة مليارات برميل تقع في باطن الأراضي الجنوبية دفع بكين إلى تغيير صورتها كحليف للخرطوم في أنظار جنوب السودان.