{ يبدو أنها لم تلاحظ أنني ألاحظ قلقها الذي فضحته يدها التي تتسارع كل لحظة إلى ترتيب تصفيفة شعرها ومحاولة تثبيتها على الجانب الذي وضعتها عليه، أو محاولاتها التلصص نظراً في النافذة الزجاجية القريبة منها لتتأكد من أن مكياجها تمام، وأن الكحل الذي زين عيونها لم يسِل أو يسِح، فيرسم منظراً قبيحاً بدلاً عن الجمال الذي يفترض أنه وضع لأجله، وصاحبتنا القلقة أرادت أن تتأكد من حسن هيئتها لتكمل الحفل الذي دعيت له له بذات الثقة التي دخلته بها من بدايته، فقالت لصاحبتها: معاكِ مرايه؟ فقالت الثانية: أكيد وأنا ما بطلع من البيت إلا ومعاي مرايتي! وأردفت قائلة «إنتِ لمّن مقلّقة كده ما تخلي معاك مراية على طول الخط بدل هذه المحاولات المستميتة للتأكد من شكلك أو سؤال الناس كل دقيقة مكياجي تمام؟ وشكلي حلو؟!» { وأنا أراقب وأستمع لهذا الحديث اكتشفت أن واحداً من أهم اختراعات البشرية هو المرآة، محدبة كانت أم مقعرة أم مستوية، لأنك تنظر للتي تريد أن يظهر شكلك من خلالها كما تحب إما ضعيفاً جداً أو ممتلئاً جداً أو بصورة معكوسة أو مماثلة ومطابقة للحقيقة، حتى وإن جاء اليمين شمالاً والشمال يميناً، وقلت في نفسي مالو لو الحكومة عملت ليها مراية تشوف فيها نفسها؟ مش أحسن ما تكون عايشة على وهم الجمال والكمال ومساحيق تجميلها سائلة وملخبطة وهي لا تدري؟ ولمّن أقول إن على الحكومة أن تعمل ليها مرايه فأنا أقصد أن تكون أجهزتها الرسمية من تلفزيون وإذاعة وحتى صحف هي أقرب وأكثر الناس حرصاً على الحقيقة وعلى إبراز الرأي الآخر وسماع الأقوال، مهما كانت ساخطة وعنيفة، لأنها بهذه الطريقة ستضمن أنها سترى نفسها من غير تجميل ومن غير تذويق فتسارع إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه حتى لا تبدو سوءاتها بالقبح الذي ينفر عنها الناس ولا يحتملون حتى النظر إلى وجهها. بالمناسبة معظم إن لم تكن كل الأجهزة الإعلامية العالمية التي تحترم متابعيها تمارس حق الحديث في الممنوع والمسكوت عنه وتفتح المجال واسعاً لبرامج (التووك شو) وهذا أسلوب أولاً ينفس عن الناس ويمنحهم وسيلة مضمونة لإبراز قضاياهم لتصل للمسؤولين لأنهم إن كانوا ما فاضين يسمعوا فهناك من يسمع وينقل إليهم خاصة إن كان ما سمعوا (شماراً قوياً) وما بتأجل، وثانياً الحديث والنقاش حول الهم الوطني والقضايا الوطنية العالقة في الهواء الطلق وبصوت مسموع سيجعلنا نحترم آراء غيرنا ولا نضيق بها طالما كانت مسؤولة ونظيفة وخالية من الغرض، اللهم إلا إصلاح الحال وعدل المائل. وثالثاً في رأيي وهو سبب مهم ليكون الإعلام منفتحاً وحراً حتى لا يضطر الناس إلى متابعة أخبارهم الداخلية من الخارج فيُدس فيها ما يُدس ويضاف إليها من التوابل حسب نكهة ومزاج صانعيها! لذا سأظل أقول إن على الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها أن لا تمل ولا تضيق من النظر إلى المرآة التي تعكس لها هيئتها كاملة حتى لا تظل في حالة ارتباك وهبّيش وفقدان للثقة كصاحبتنا الأولى التي لم تكتشف أن تسريحتها معووجة وأن مكياجها (بايظ) إلا بعد أن استعارت مرآة صديقتها ووقتها لم يكن هناك وقت للترتيب والتجميل لأنه ببساطة كان الحفل قد انتهى!! { كلمة عزيزة حديث سلفاكير النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب أمس في حق الرئيس عمر البشير واصفاً إياه بأنه بطل وأنه رجل السلام حديث يستحق الاحترام، من قائله والموجه له.. سيدي الرئيس أنت لست غريباً على هذا الشعب فهو يعرفك من (ميوم) ويكفي برهاناً على حبه لك رده على قرار أوكامبو السخيف، لذا مُدْ حبال الصبر ما استطعت لكل القوى السياسية واستمع أكثر للشارع ولنبضه فعنده تجد الخبر اليقين، وعمره عشمنا فيك ما انقطع. { كلمة أعز مجرد سؤال هل وزارة الثقافة الاتحادية معنية فقط بالنشاط الثقافي في الخرطوم أم أن ولايات السودان المختلفة من رعاياها؟ مجرد سؤال ورد غطاه!