وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    مصطفى تمبور: المرحلة الحالية تتطلب في المقام الأول مجهود عسكري كبير لدحر المليشيا وتحرير دارفور    حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الممارسات فورًا والعمل على محاسبة منسوبيها..!    تصاعد أعمدة الدخان من قاعدة عثمان دقنة الجوية عقب استهدافها بمسيرة تابعة للدعم السريع – فيديو    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرادة الشعوب غلاّبة
نشر في الأهرام اليوم يوم 15 - 02 - 2011


عماد الدين عبد القادر الشريف
لا بُد للحكام العرب المتورطين بالفساد والإرهاب وقمع إرادة شعوبهم أن يستغلوا تلك الفسحة من الوقت لمراجعة سياساتهم بعد أخذ العبرة مما حدث للأنظمة في تونس والآن مصر، وإصلاح ما يمكن إصلاحه لأنظمتهم الاستبدادية الفاسدة ومحاولة مد الجسور مجدداً مع شعوبهم بأي قدر كان لإبطال مفعول صاعقة التغيير القادمة إليهم إن عاجلاً أو آجلاً لا محالة وهم يدركون قبل غيرهم استعداد شعوبنا للتسامح والعفو والمغفرة، فهذه الصفات موجودة في نفوسنا بفعل ثقافتنا العربية والإسلامية إلا أنهم تغافلوا وتعاموا وسدوا آذانهم بطينة والأخرى بعجينة عن سماع شكاوى الجياع والمظلومين والمضطهدين والمحرومين من متطلبات الحياة الحرة الكريمة في حدها الأدنى، وكأنهم يملكون حقاً ربانياً ليس في حكمنا كما يشاؤون فقط وإنما اعتبارنا أسلاباً مملوكة من قبلهم يمكنهم أن يفعلوا بها ما يشتهون ويرغبون ولا نملك حقاً حتى بمجرد الشكوى والأنين ومن الذل والهوان، ظناَ بأن رياح التغيير لن تطالهم مهما كانت تلك الرياح قوية وعاتية بفضل ما بنوه من مؤسسات قمعية متخصصة لا ترحم أحدا فجاءت ثورة الشعب التونسي البطل التي أزاحت واحدة من أهم قلاع إرهاب المواطنين لتمثل الصاعق الذي أشعل جذوة الأمل في النفوس وأضاءت الطريق أمام شعوبنا وبعثت الأمل من جديد بعد أن أوشك اليأس أن يطبق على مشاعرنا، وكأنهم القدر الذي لا راد له وقبل أن يتدبروا الأمر ويتخذوا الاحتياطات اللازمة للجم تيار التغيير الذي هبّ علينا من تونس الخضراء على أيدي الشباب الشجعان قبل أن يعمّهم بدوامة الخوف والقلق على مصيرهم تفجرت ثورة الغضب هذه المرة في مصر العروبة يوم الخامس والعشرين من شهر يناير حتى تحقق الهدف الأول بتغيير الوجوه والحكام والنظام معا. وبالنظر الى دور مصر المركزي في الوطن العربي وتأثيرات عملية التغيير فيها على المفاتيح الإستراتيجية لأزماتنا المزمنة فليس غريبا ولا استثنائيا أن تستغرق هذه الثورة وقتا طويلا. فكل الدول المعادية وطابور الثورة المضادة وبقايا النظام والمرتزقة والمنتفعين والانتهازيين وأغلب الأنظمة العربية اصطفوا في جبهة واحدة موحدة للدفاع عن مصالحهم وامتيازاتهم وهي صحوة شعوب تثبت إيمانها بقيمها وتراثها المتمثل في قيم الحرية والعزة والكرامة والتحرر.
إن الاستبداد السياسي شر ولا يمكن المبالغة في سرد جوانب التلوث التي يسببها في حياة المجتمع السياسي. إن الدولة هي دائماً من بين أكبر ضحايا نظام الحكم المستبد؛ إذ تنسف مؤسسات الجور وممارسات الجشع التي يقترفها النظام المستبد المضامين الإنسانية النبيلة للدولة ولشعبها، حتى إن حظي كيان الدولة بالاعتراف من قبل المجتمع الدولي يشمل جوانب جوهرية أخرى حين تتعرض مفاهيم كبرى مثل الشرعية السياسية، والحياة الدستورية، والمصالح الوطنية للعطب جراء التشويه والتلاعب الذي يصيبها من قبل النظام الحاكم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يلوث اعتبارات سامية أخرى مثل تعريف كل من حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة، فيقوم بتجريد هذه المفاهيم من مقاصدها الحقيقية، وتكون النتيجية في نهاية المطاف أن يجد أبناء وبنات الشعب أنفسهم يعيشون واقعاً مجتمعياً محبطاً، قاحلاً في بعض جوانبه، وزائفاً في الجوانب الأخرى. لا يحتاج الشعب العربي إلى أية مساعدة خارجية من أجل أن يكتشف مظالمه أو يصوغ مطالبه، وليس من المتصور بأي حال أن يكون تحرك الشعب الغاضب نتاج تدخل خارجي متآمر، والحقيقة أن إرجاع ثورة الشعب ضد نظام الحكم الذي تجلت أمام المواطنين وطفحت مساوئ مؤسساته وظهرت مخاطر إخفاقات أدائه، إلى عبث المخططات الدولية أو تلاعب المحطات الإعلامية؛ ينطوي على إهانة شديدة تجاه كل من ذكاء الشعب وإرادته. إن تداعيات نظم الاستبداد تحت ضغط الغضب الشعبي التي تجتاح المنطقة العربية تنذر بأن تتسع، هي في حقيقة الأمر تطور شديد الضخامة في الساحة العربية ليس الدافع إلى تحرك الجماهير العربية الغاضبة بالأمر الذي يمكن تجاهله، وذلك سواء بالنسبة للشعب أو الحكومة. إن خروج قطاعات الشعب إلى الشوارع والميادين العامة في مظاهرات الاحتجاج ضد تركيبة النظام الحاكم أو أدائه ليس إلا تعبيراً عن القناعة التي تصل إليها الجماهير بأن الأشخاص الذين يحتلون سدة السلطة إنما هم في حقيقة الأمر يسدون طريق قطاعات الشعب نحو التقدم إلى تحقيق الغايات الكبرى التي يتطلع إليها المواطنون، والمتمثلة في تحقيق الاطمئنان الوطني، وإنجاز الترسيخ السليم للدولة، وصيانة الحياة الدستورية، وضمان سيادة القانون، والتمتع بالحدود المعقولة من الحرية الإنسانية، ومراعاة العدالة الاجتماعية، وتفعيل المشاركة السياسية، وتيسير الحياة الاقتصادية الكريمة، وهي غايات ينبغي أن تتحقق جميعها وبشكل متزامن في مجتمع الدولة، ولا تحتمل الشعوب التضحية ببعضها بعضاً حتى وإن كان التبرير هو تحقيق بعضها الآخر. حين يشعر المواطنون بأن نظام الحكم لا يوفر القدر المناسب من كافة هذه العناصر مجتمعة فإن طاقتهم على مقاومة الدافع نحو التعبير عن الاحتجاج الغاضب تتلاشى، لتدخل الدولة بعد ذلك في متاهات الاضطراب التي تصعب الإحاطة بعواقبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.