{ حدثتني طبيبة صديقة عن دهشتها من ارتفاع معدلات إصابة الفتيات اليافعات بالتهابات المسالك البولية والأملاح ومشاكل الكلى- وقانا الله وإياكم - وكانت قد لاحظت أن العديد من طالبات مدارس الأساس والثانوي يأتين إلى عيادتها شاكيات من أعراض لهذه الأمراض المؤلمة والخطيرة على مستقبلهن. وبالبحث والاستفسار علمت أن العديد من هؤلاء الطالبات درجن على عادة ضارة ألا وهي الإحجام عن ارتياد حمامات المدارس والجامعات لقضاء حوائجهن الطبيعية لأسباب تتعلق بتردي مستوى نظافة تلك الحمامات لدرجة تنفر منها النفس وتثير القرف والاشمئزاز! { فهل لاحظتم هذه العلاقة الوطيدة بين أمرين قد نراهما بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض لعدم وجود علاقة مباشرة بينهما؟ إن هؤلاء الفتيات البريئات يجدن في أنفسهن نفوراً فطرياً من الدخول إلى تلك الحمامات فيؤثرن السيطرة على أنفسهن في انتظار العودة إلى المنازل مما يسبب لهن هذه الأضرار الصحية الفادحة من ترسبات للأملاح وارتفاع في البولينا والعديد من الالتهابات الحادة، فكيف السبيل لتلافي هذه المشاكل الصحية؟!! وإلى من نوجِّه هذا النداء العاجل من أجل إجراء أعجل للبت في قضية نظافة الحمامات المدرسية والجامعية؟ علماً بأن الأمر لا يقتصر على هذه الشريحة ولا يتوقف عند الفتيات؛ فقطعاً هناك العديد من النفوس البشرية بمختلف أجناسها تنفر من ارتياد حمامات المرافق العامة لما تعانيه الأخيرة من قذارة وما ينبعث منها من روائح كريهة تزكم الأنوف والنفوس معاً. { بالإضافة إلى ذلك فإن زيارة ميدانية صغيرة لبعض المدارس الموجودة في أضيق حيز بالقرب من أي واحد منا ستجعله يشعر بالأسف من هذه الحال المزرية، وليت الأمر يقتصر على مستوى النظافة فبعض المدارس التابعة للمحلية التي أسكنها على الأقل تعاني من عدم وجود الحمامات من الأساس، علماً بأنها مدارس بنات بكل أوضاعهن الخاصة والحرجة. وكان أحد العارفين ببواطن الأمور والقائمين على أمر هذه المدارس الواقعة شرقي محلية جبل أولياء قد حدثني عن تأخر الإجراءات لإنشاء هذه الحمامات في المحلية رغم توجيهات السيد الوالي «الخضر» شخصياً بالبدء في إنشائها، فما هو السبب القوي الذي يعطل هذه الإجراءات في مثل هذا الأمر الضروري الذي يقع ضمن أوليات الحاجات الإنسانية؟!... وكيف تقبل المحلية أن تضطر الفتيات للذهاب زرافات ووحدانا لقضاء حوائجهن عند الضرورة في البيوت المجاورة؟! وهل نضمن قبول أصحاب هذه البيوت لهذا الأمر بصورة يومية متواصلة؟ بل هل نضمن الموجودين في هذه البيوت أصلاً في زمن انتشر فيه أصحاب النفوس الضعيفة المتربصين بالفتيات عند أول فرصة سانحة وليس أفضل من هذه الفرصة في أوقات صباحية أو نهارية تخلو فيها معظم المنازل من أفرادها الذين يخرجون لأشغالهم ووظائفهم. { إن إحجام فتياتنا عن الدخول إلى هذه الحمامات - إن وُجدت - وإصرارهن على مزاولة دراستهن في عدم وجودها كضرورة أساسية فيه الكثير من الأبعاد الكريمة التي تدلل على نقائهن وصبرهن وعفتهن وهذا ما أتمنى أن يجد منا التقدير اللازم ولا أحسب أنه من العسير توفير فرد مسؤول في كل مدرسة من نظافة الحمامات بشكل دوري متواصل مع منحه كافة المستلزمات والمعينات وتقدير مهنته الشاقة كما يجب. كما إنني لا أعتقد أن هناك أهم من حرص الجهات المسؤولة حكومياً على إنشاء حمامات بمواصفات جيدة وإمكانيات بسيطة في كل مدارس البنين والبنات التابعة لها لتجنيب أبنائنا وبناتنا الحرج ومشقة الحرمان وما يترتب عليها من تبعات بعيدة المدى أو قصيرة تلحق بأوضاعهم الصحية أو النفسية أو حتى نظرتهم لواقعهم الدراسي ونفورهم من البيئة المدرسية وهذا مما يولد السخط وعدم الرضا والإحساس باللا إنسانية وهي أمور لها ما لها حتى وإن رأى بعضكم أنها مبالغ في ربطها بالموضوع الأساسي الذي يبدو ظاهرة ثانوية، لكن الحقيقة أنه يرتبط كلياً بالفطرة البشرية وهو ما يجعله من الخطورة والأهمية بمكان مما يستدعي سرعة التحرك. { تلويح: «رفقاً بالقوارير».