فرويد نفى وجود شيء اسمه الصدفة، وعلم الفراسة يؤكد بأن الإنسان يختزل في دواخله الصفات المتشابكة والاشتقاقات الواحدة والانعطافات المطاطية. وقاموس السياسة يعترف بوجود الخيط الرفيع الذي رسم الصورة المقاربة للواقع بين الأشياء لكنه لا يحمل المضمون الذي يعكس المعيار المطابق وفي المقابل فإن الحد الفاصل يرمز إلى التباعد بين المسافات والصفات من زاوية الاستحالة في الالتقاء على شاكلة البُعد بين المشرق والمغرب!! بانوراما الخصائص السياسية بين الأستاذة سناء حمد وزير الدولة بوزارة الإعلام والدكتور عبدالوهاب الأفندي الشخصية الأكاديمية الإسلامية والإعلامية ذائعة الصيت قد تؤطِّر إلى وجود ملامح الخيط الرفيع والحد الفاصل في آن واحد على مستوى الأفكار والمفاهيم المشتركة بينهما، غير أن الخيط الرفيع الذي يترجم قدراً من التجانس الشفيف البسيط يكون دائماً زاخراً بالاستلهام والجاذبية والانبهار في السياحة!! وإذا حاولنا إضاءة المصابيح حول الخيط الرفيع بين الأفندي وسناء، نجد أن الدكتور عبدالوهاب الأفندي منذ انقلابه على السفينة الإنقاذية ظل يُطلق إشارات الإصلاح والتغيير صوب الحركة الإسلامية وبطارية السلطة الحاكمة مصحوبة بالنقد اللاذع والهجوم الكاسح وهو يتجاوز الفضاءات البعيدة والخطوط الحمراء، حتى كاد يصبح شاهد ملك على الحركة الإسلامية. وفي الإطار يلحظ المراقب الحصيف بأن الأستاذة سناء حمد قد تحمل رؤى مقاربة لمنهج الأفندي في التطوير والإصلاح لكن تختلف معه في المآلات والإستراتيجية، والبعض يرى بأن سناء تمثل الجيل الصاعد في المؤتمر الوطني الذي يتعامل في سياق عصر المعلوماتية واكتشافات الفضاء، ومن الزاوية الأخرى فإنها تُعبّر عن اختراق واضح المعالم للحرس القديم في التنظيم الإسلامي النسائي. وفي السياق لا تحسب الأستاذة سناء على التيار الدوغمائي في التركيبة الحاكمة ودائماً توجد في الضفة المعاكسة للشطط والتعصب وترفض التغريد خارج المرجعية الحزبية. وبالنظر إلى مطالبة الدكتور عبدالوهاب الأفندي بأن يكون المؤتمر الوطني جزءاً أساسياً من الديمقراطية السودانية من منطلقات الحوار المنتج للتفكير الحي الذي يكسر النرجسية الاستبدادية التي تؤدي إلى خلق الأوضاع الأساسية على طريق ملامسة مطلوبات الجمهور، فإننا نلمح بأن الأستاذة سناء تجنح إلى نزع غطاء الشمولية الذي يوجد في الميكانيكا الأصولية عموماً وإبداله بالخط الليبرالي والمنهج الانفتاحي ولو على طريقة استخدام الجرعات المحسوبة! وفي منطعف آخر نرى الدكتور الأفندي يصف منهج المؤتمر الوطني بالانغلاق في محيط الأسوار الحزبية وانتظار التعليمات من الأمير في جميع الأحوال، ويعتب على الحزب الحاكم ابتعاده عن المجتمع السوداني وإهمال مشاكله ويشجع أسلوب الاقتحام في الهواء الطلق وتلمُّس أحوال المواطنين. وفي السياق ترسم الأستاذة سناء أشكالاً تلامس التفاعل مع الشارع العام ومحاربة الكثافة الفكرية من منطلق فتح البرج العاجي والشاهد أنها تحب ركوب الخيل والسباحة وتمارس رياضة المشي وتشرب القهوة مع الأهل والصديقات، وبذلك تحاول الخروج من عباءة المنهج السلفي الإخواني القديم الذي صار يتضاءل أمام رياح الاندثار العاتية. وتنسجم الأستاذة سناء جنباً إلى جنب مع الأستاذ الأفندي في الإقبال النهم على القراءة والتحصيل العلمي والثقافي ومحاولة الانكباب على جميع أنواع العلوم والمعرفة. أما الحد الفاصل بين سناء والأفندي فإنه يتجسّد في أن الأولى مكبّلة بقيود التنظيم ولا تحبِّذ كسر الجدول، والثاني مفكِّر متفتح الذهن عميق الإطلاع اختلف مع إخوان الأمس في الحركة الإسلامية يحاول محاكمة السلطة من ذات البضاعة التي تروِّج لها. الأستاذة سناء حمد ترتكز على نضارة طبيعية لا تبالي بالمكياج والإطلالة (البوهيمية) تحاول تجاوز ميراث سعاد الفاتح وتترسم خطوات علي عثمان، فضلاً عن القناعة بخط التنظيم. أما الدكتور عبدالوهاب الأفندي فهو يستخدم التفكير الحواري والنقدي والإلهامي والإبداعي في محاربته للمؤتمر الوطني، فالشاهد كلما دخلت المجموعة الحاكمة في سبات من هجومه، عاد للحراك من جديد وهو يحمل في كنانته الأدوات السحرية والقاسية المناوئة للسلطة حتى عاتبه المحامي هاشم أبوبكر الجعلي ذات مرة على هذا النهج والمحصلة بقدر ما انكسر ضوء ساطع يعكس الخطوات الحثيثة للوزيرة سناء حمد في مجال إصلاح الصحافة المحلية ومحاولة تمليك الجمهور المعلومات حول قضايا أبيي والمشكل الاقتصادي وألغاز نيفاشا. فإن الدكتور عبدالوهاب الأفندي في الضفة الأخرى عاكف على رسم الإيقاع المكثّف وبذل الطاقة الجبارة لمنازلة الإنقاذ، وقدرة الأفندي ليس لأنه كان داخل البيت، بل لأنه يعرف كيف يخطف الألباب!!