{ بثَّت قناة «الجزيرة» طوال يوم «أمس» صوراً لأشخاص تمَّ القبض عليهم في ليبيا، قالت إنَّهم (مرتزقة) عملوا لصالح «القذافي» في قمع المتظاهرين، مع عرض جوازات سفرهم، وركَّزت الكاميرا على جوازات (سودانيَّة) من النوعيْن (الأخضر والإلكتروني)، وأخرى (تشاديَّة)، وأظهرت اللقطات صورة (مقرَّبة) لتأكيد الهويَّات بالشعار والاسم، وتقرأ فيها: (جمهوريَّة السودان)..!! { ولا شكَّ أنَّ الموظفين (السودانيين) بالقناة «القطريَّة»، وهم من أعمدتها.. معدِّين ومحرِّرين وإداريين، قد طأطأوا رؤوسهم خجلاً لحظات بثِّ التقرير المشوَّه، المسيء إلى سمعة شعب الثورات المعلِّم.. العزيز والكريم.. طأطأة الرؤوس وحدها لا تكفي.. أشرف لهم أن يقدِّموا استقالاتهم.. مثلما فعلت ثلاث مذيعات بذات القناة، فقط لأنَّ موظفاً ضايقهن بالتعليق على ملبسهن!! { بضع (لقطات) لخمسة أو ستَّة جوازات سفر (سودانيَّة) حملها - دون وجه حق - بعضُ سفهاء حركات التمرُّد في دارفور، المقيمون في ليبيا، لهدم كل بنيان الشعب السوداني الشامخ وتاريخه التالد والتليد في مناصرة الشعوب الُمضطَّهدة والُمستعبدة، في أفريقيا والعالم العربي، منذ خمسينيَّات القرن المنصرم.. وانتهاءً بتسعينيَّاته، عندما خرج ثُوَّار تشاد بقيادة «إدريس ديبي»، وإثيوبيا بقيادة «مليس زيناوي»، وإريتريا بزعامة «أسياسي أفورقي» من هنا.. من أرض السودان.. غرباً وشرقاً، ليتسلَّموا زمام الحكم في بلادهم، مدعومين برجال وعتاد السودان.. والتاريخ لا ينسى.. و«ديبي» لن ينسى.. و«زيناوي» و«أفورقي».. كلُّهم كانوا (لاجئين) في بلادنا.. تعلَّموا أبجديَّات الثورة.. وقواعد النضال في مدارس هذا الشعب (المعلِّم). { لكن (جزيرة حمد بن جاسم) المملوكة لشيوخ إمارة «المارينز» المستعمرين.. المرابطين في قاعدتي «العيديد» و«السيليَّة».. الراتعين في نعيم «قطر» وميزانيَّاتها المفتوحة، تريد أن تمسح الآن كل تاريخ الشعب السوداني المناضل، بصور تافهة.. لا ضرورة مهنيَّة لإبرازها بهذه الطريقة المغرضة والمتآمرة، مثلما لم تكن هنا ضرورة (مهنيَّة) ذات يوم لبثِّ صور أو تقارير تتناول طبيعة الحياة داخل القواعد (الأمريكيَّة) في دولة «قطر»!! { هؤلاء (المرتزقة).. خمسة.. عشرة أو مئة.. لا يمثِّلون شعب السودان.. لأنَّهم في الحقيقة متمرِّدون على شعب السودان، أحرقوا أرض دارفور، وشرَّدوا أهلها نازحين في المعسكرات، ومرَّغوا سمعة البلاد في وحل المنظمات الصهيونيَّة ومؤسَّسات الاستعمار الجديد.. و(الجزيرة) تعلم ذلك.. ومُلاكها - الوسطاء - يعلمون علم اليقين. { الشعب السوداني في حاجة إلى توضيح موقفه من ثورة المضطَّهدين المكبوتين في ليبيا أربعين عاماً وزيادة.. تحت جبروت الطاغية «معمَّر القذافي» الذي ما أصاب بلادنا ضررٌ إلاَّ وكان وراءه.. من تمرُّد الجنوب عام 1983، إلى تمرُّد دارفور عام 2003، وإلى غزوة أم درمان عام 2008، وقبلها وبعدها أحداث بدأت بعقد السبعينيَّات إبَّان حكم الرئيس «نميري».. وانتهاءً بموقفه المهزوز و(البايخ) من مشاركة الرئيس «البشير» في قمَّة أوربا وأفريقيا، التي انعقدت بطرابلس نهاية نوفمبر من العام الماضي!! { فلتخرُج «الخرطوم» في مسيرة غضب كبرى تأييداً للثُوَّار في ليبيا، فالسودان هو الكاسب (الأول) من سقوط «القذافي» بعد الشعب الليبي الشقيق.