{ الآن تتغير أدوات الصراع ويتراجع تأثير الدبابة والطائرة الحربية والبارجة وكافة أنواع الأسلحة التقليدية والحديثة ويتصاعد تأثير أخرى تتصل بالتجمعات الجماهيرية وتلك التي تصنع القناعات في دواخل الناس فردا فردا وثم تصنع للفرد موقفه، وهي تستجمعهم يشكلون رأيا عاما وموقفا عاما يزلزل أركان الأنظمة ويربك حسابات القوى العظمى التي يستعصي عليها إدراك حقيقة ما يجري وكأن قوى خفية لا تعلمها تحرك هذه الثورات فتتأخر ردة فعلها حتى وإن إصابت الثورة رجلا مثل القذافي هي ليست حريصة عليه مثل حرصها على حسني مبارك ولكن ما يجعلها تتأخر حتى الآن هو خوفها من القادم وستتأخر ردة فعلها أكثر كلما زلزلت الثورة العربية نظاما إثر نظام وهكذا حتى تصمت تماما وعندها ستدرك بوار صناعة أسلحتها أمام نشوء نوع جديد من الأسلحة متاح لكافة الثوار في الأرض . { ستتغير إستراتيجيات الصراع والحرب والدفاع إثر التغيير المتصاعد في أدوات الصراع وسوف تتراجع فرص الحروب بين الدول والحروب الإقليمية والعالمية عدا الصراع العربي الإسرائيلي الذي سيحتفظ ببعض فرصه بفضل هذه الثورات التي تنتظم العالم العربي أما فيما عدا ذلك فإن الحكومات في كل العالم ستنشغل بشعوبها أو بشعوب غيرها وستتصارع الدول بالشعوب، كل دولة تتسلل إلى شعب دولة أخرى بأدوات الصراع الجديدة . { ميدان الصراع سيكون الإعلام والاتصالات أما الأدوات فهي كما ترون القنوات الفضائية والانترنت بكافة مكوناته وإضافاته المتجددة التي تجعل الشعب كله في ساحة واحدة. وقبل كل ذلك نشير إلى الأدوات التي تخاطب الفرد وتبني قناعته ومن ثم موقفه ومن ثم تتكامل المواقف في رأي عام قائد كما يقول علماء الرأي العام، وهذه الأدوات تتعدد وتتباين وتصعد وتهبط بصعود وهبوط تأثيراتها ولكنها كلها لا تخرج من كونها جزءا من المجتمعات الثائرة سواء أكانت مؤسسات أم قطاعات أم أفراد لهم تأثيرهم وسط مجتمعاتهم. { قطاعات الشباب هي اليوم تمتلك طاقة أكبر وقوة دفع أفضل من الأحزاب ولذلك نجدها تقود شعوبها في ظل التحولات الكبيرة التي يعيشها العالم العربي وهذه القطاعات الشبابية التي تستحوذ على النفوذ هناك من يعبؤها بتلك الطريقة التي طرحناها في مقدمة هذه الزاوية وبذلك تدخل مفاهيم جديدة وأفكار تلتقطها قطاعات الشباب فتنهض في دواخلهم قناعات ثم مواقف تتحول إلى ثورة ومن هذا الباب تدخل مؤسسات المجتمع المدني بمختلف ميادين اهتماماتها ويدخل العلماء والمفكرون ليلعبوا أدوارا مهمة في هذا الحراك المتصاعد حتى يبلغ منتهاه. { والمراقب للثورة التونسية ومن بعدها الثورة المصرية يلحظ الأدوار المهمة لهذه الأدوات التي أشرنا إليها، فصفحات الإنترنت شكلت الأداة الأولى لاختبار القناعات التي نشأت داخل هؤلاء الشباب فوجدوا أنفسهم يحملون أفكاراً واحدة وقناعات حولوها إلى مواقف ثم تجسدت في موقف واحد هو في الثورة المصرية كان أمام دار القضاء العالي في 25 يناير 2011م والثورة التونسية نفسها بدأت بموقف عام وفي تاريخ محدد وكذلك الثورة الليبية لها موقف ومكان وزمان وها هي تواصل زحفها نحو انتصارها الباهر . { سنبحث في هذه الأدوات ونتعمق أكثر لنتعرّف على مصادر القوة في مجتمعاتنا ونحن نبحث عن ذاتنا وهويتنا ونتعرف رويدا رويدا على معركتنا وهي بالتأكيد معركة مع الغرب وهي صحوة أمة.