{ سأستفيد في صناعة هذا المقال من بعض المعلومات الإلكترونية. والموضوع عن دولة قطر وأدوارها (يضع سره في أضعف خلقه)، ولئن كانت هذه الدولة تحتمل قيام ثورة! وذلك في سياق الثورات العربية التي تجتاح كل المنطقة، أم أن (الفي إيده القلم ما يكتب نفسه شقي)، بمعنى «إن الذي يمتلك قناة الجزيرة»، القناة التي شعللت كل الثورات، ليس بإمكانه أن يوّجه كاميراتها إلى صدره! { يبلغ عدد سكان دولة قطر (350) ألف شخص، «فقط ثلاثمائة وخمسون ألف شخص لا غير»، يتمتعون بأعلى نسب للدخل القومي للفرد في العالم، وتمتلك قطر كميات واحتياطات هائلة من الغاز جعلتها دولة على درجة كبيرة جداً من الثراء. { استولى الشيخ حمد على السلطة من أبيه عام 1995م في انقلاب أبيض، وتوَّج ابنه تميم ولياً للعهد عام 2003م. وعانت عمليات الإصلاح السياسي في هذه الدولة من عمليات الركود بسبب التأجيل المتواصل للانتخابات البرلمانية، ولا توجد جماعة معارضة منظمة في قطر. { دعت صفحة على وقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي للإطاحة بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وجذبت حوالي سبعة آلاف عضو حتى صباح الجمعة الفائتة. وتضمنت المطالبة المدرجة على الصفحة إزالة القاعدة الأمريكية من الأراضي القطرية وإبعاد الشيخة موزة زوجة الأمير حمد التي تتمتع بنفوذ كبير في كل شؤون الدولة. كما دعت الصفحة إلى قطع العلاقات الودية مع إسرائيل التي كانت تمتلك مكتباً للتمثيل التجاري في الدوحة أُغلق عام 2009م على إثر الاحتجاجات التي نجمت عن هجوم إسرائيل على قطاع غزة. { وأكثر ما أثار انتباهي، والحديث لمؤسسة الملاذات، الجناح الفكري، هو أن هذه الصفحة قد تساءلت، إن كانت قناة الجزيرة تمتلك الجرأة والحيادية لنشر صورة للشيخ حمد أمير البلاد وهو يصافح أحد المسؤولين الإسرائيليين، الصورة المنشورة على الصفحة ذاتها! ولكن أفضل المعلومات التي وفرتها لي شخصياً، ولا يزال الحديث لمؤسسة الملاذات، هو أن الصفحة القطرية قد قالت في نهاية تقريرها: من المعلوم أن دولة قطر «تستضيف» قناة الجزيرة الإخبارية وتموِّلها، ذات القناة التي تجتهد في تذكية أُوار الثورات العربية. { فالآن قد وجدتها، إذن التقرير الإلكتروني وليست مؤسسة الملاذات، من يقول «دولة قطر التي تستضيف قناة الجزيرة وتموِّلها»، بحيث مازالت أزعم بأن قناة «الجزيرة» والقاعدة الأمريكية سيان، بمعنى قطر تستضيف قناة الجزيرة كما تستضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، فهل بإمكان قناة الجزيرة، التي تحمل لواء التحرر والانعتاق، هل بمقدورها أن تعدَّ لنا تقريراً صغيراً عن القاعدة الأمريكية الضخمة التي تقبع خلف القناة مباشرة في منطقة السيلية؟ وهذه هي القصة المحيرة التي أرهقت خيل مقالاتي منذ فترة طويلة، ولاحقني آخرون على أنني ضد الثورات العربية، وكل الذي أود ترسيخه بين جموع الجماهير العربية الهادرة، بأن الجزيرة غير مؤهلة «أخلاقياً» لمحاكمتنا، وقد تكون لها مقدرة مهنية عالية تذوب في ثنايا جدارتها هذه التناقضات الشاهقة! { نعم، فلتمضِ الشعوب العربية في صناعة ثوراتها الهادرة، ولتهتز الأرض تحت كل العروش الظالمة والمستبدة، ولكن على ألاّ تنهض الجزيرة لتحاكمنا وفق مشروعية الأخلاق الغربية، فنحن لنا من القيم الشرقية الطاهرة ما نتحاكم إليه وعليه، فنحن لا نصنع ثوراتنا وفق متطلبات «المشروع الغربي»؛ فالغرب نفسه غير مؤهل أخلاقياً ليحاكمنا، فعلى الأقل، أن الجرائم التي ارتُكبت تحت «عدالة الاحتلال الأمريكي» وديمقراطيته في العراق قد فاقت حد التصور، فهنالك ما يقارب الخمسة ملايين عراقي بين قتيل وجريح وأسير ونازح من دياره، فالغرب في ذاكرتنا هو معتقلات أبو غريب وغوانتنامو. {فنحن ننتظر قناة الجزيرة الى أن تشير إلى سبعة آلاف قطري يوقعون على صفحة إلكترونية بالمطالبة بعدة مطالب من بينها رحيل القاعدة الأمريكية عن الدوحة. { فإن لم تفعل، ولن تفعل، فقد تسقط شرعيتها المهنية.