{ ولازالت «مؤسسة الخرطوم للتعليم الخاص» أو «مدارس القبس» كما نعرفها، وحتى كتابة هذه السطور، تحتفل بكرنفالات نهاية العام الدراسي 2010-2011م. وقد أُتيحت لي فرصة طيبة لحضور واحد من هذه الكرنفالات الفخيمة الرائعة والخاص بمدارس أم درمان بنات بقيادة الأستاذة «توسل» فوقفت عن كثب على حجم التميز الذي تَّتسم به سياسة «القبس» التعليمية من خلال معدلات التفوق العالية لدى الطالبات. بالإضافة إلى الاهتمام الكبير الذي تم إيلاؤه للمناشط الثقافية والرياضية الذي بدا واضحاً في الفقرات المتنوعة التي قدمتها الطالبات من مختلف الأعمار. { وأول ما يلفت الانتباه في كل ما يتعلق بمدارس «القبس» هو الوجود الدائم للإدارة العليا متمثلة في الأستاذ الوقور حيدر القاضي والأستاذ عبد الله البدوي «حلو الكلام» والمعروف بحركته الدؤوبة وبشاشته المطلقة وكياسته ومعاملته اللطيفة مع الجميع، مما أكسبه تلك المحبة الكبيرة بين الطلاب والمعلمات وأولياء الأمور وحتى أصدقاء المدرسة. فله التحية بقدر ما يثبت لي في كل محفل أنه الأنموذج الأمثل للإداري والمعلم المثالي. { وفي ما يتعلق بهذه الكرنفالات التي تتم في إطار تحفيز الطلاب والاحتفال بنهاية العام الدراسي بشكل أنيق يبقى في الذاكرة طويلاً. فمن الملاحظ أنها تأتي على قدر عالٍ من الفخامة والجمال، وأكثر ما أعجبني هو الالتزام الدقيق بالمواعيد وضبط زمن الفقرات بحيث لا يختل الزمن ولا يمل المتلقي ولا يفلت زمام الأمور. كما أن المدرسة اهتمت كثيراً بمنشط الكشافة وجعلته منشطاً أساسياً له أساتذة مختصون وبه مجموعة من الطلبة المبهرين على صغر أعمارهم يتمتعون بميزات الكشاف كما يجب أن يكون. { وفي جانب الأزياء نجد أن «القبس» لم تدخر جهداً في توفير الأزياء الملائمة لكل الفقرات بكل أناقة وانسجام، على العكس مما درجت عليه العادة وأصبح مشكلة سودانية خالصة؛ إذ أننا لا نهتم بتناسق الألوان ولا تصميم الأزياء لأي عمل ثقافي أو احتفال رياضي بدءاً بالمسرحيات الكبيرة وانتهاءً بأعمال الأطفال الممجوجة الكئيبة. لهذا استوقفني الاهتمام الكبير بالأزياء وتصميمها ومقاساتها، بالإضافة إلى الإخراج الفني المحترف والمؤثرات المصاحبة التي وُظفت تماماً لخدمة العروض. { من ناحية أخرى أعجبني العرض التوضيحي المصاحب الذي يحكي عن الزيارات والرحلات العلمية والتاريخية والمناسبات التي تم الاحتفال بها خلال العام، التي أكدت حرص «القبس» على المواكبة وإنزال المقررات الدراسية الى أرض الواقع. وعلى كل مدرسة أن تسأل نفسها «متى تم اصطحاب الطلاب في زيارة إلى بيت الخليفة أو متحف القصر الجمهوري أو البجراوية قريباً»؟ فقد سقطت مثل هذه الاهتمامات من ذاكرة معظم المدارس وأجندتها السنوية وهذا ما تسبب فيما نعانيه من انعدام للوطنية وضعف في المعلومات التاريخية للأجيال الأخيرة التي أصبحت بلا تاريخ ولا هوية وربما بلا مستقبل. { وفي إطار النصوص الشعرية والأغاني الوطنية لاحظت أن إدارة «القبس» كانت من الجدية بمكان بحيث آثرت التعامل مع نصوص شعرية لشعراء كبار أمثال خالد شقوري وحاتم حسن الدابي، ثم وُضعت ألحان جميلة جداً لكل الأعمال مما يؤكد أن هذه الكرنفالات تتم وفق سياسة جادة وتوضع لها ميزانيات كاملة ولا تأتي اعتباطاً، فهي بالضرورة لها بالغ الأثر على الطلاب وأسرهم وحتى الضيوف أمثالي الذين يدفعهم الانبهار والاستمتاع الذي يعتريهم خلال هذه العروض للشعور بالحسرة على أننا لم نلحق بركب «القبس» فقد فات الأوان ولم يعد بإمكاننا الآن أن نتحول إلى قادة بفضل الشعارات التي ترفعها القبس «تفوق تميز إبداع ريادة» التي أحسب أنها واقعية وصادقة. هذا مع خالص تقديري لجميع أصدقائي في القبس لا سيما الأستاذة «رجاء» من إدارة الإعلام التي تمنحني دائماً الفرص الذهبية لمعايشة مثل هذه اللحظات الجميلة. وكل عام والجميع بخير وتفوق. { تلويح: «القبس درب النجاح.. القبس سكة فلاح.. القبس شمس الصباح». خالد شقوري