ونحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة كان لا بُد لنا أن نقف وقفة «افتخار» بالمرأة السودانية التي كانت لها مساهمات كبيرة وواضحة في المجتمع السوداني، بدءاً من «وراء كل رجل عظيم امرأة». فالرجال الذين تقلدوا أرفع المناصب كانت من ورائهم امرأة، سواء أكانت هذه المرأة زوجة أو أم أو أخت أو حتى «جدة». نعم، «الجدة» استفادت منها كل الأسر في بناء تكوينها وإعادة ترتيب أفكارها وشرح كل المفردات القديمة وربطها بالحديث، استناداً على القاعدة والمثل الذي يقول «من نسى قديمو تاه» وأيضاً «الما عندو كبير يفتش ليهو كبير». فالمرأة السودانية استطاعت بفكرها أن تغرس حب الوطن في أبنائها في ظل غياب الزوج؛ غيابه في مكان العمل أو اغترابه في دول المهجر حيث استطاعت أن تثبت بجدارة أنها أهلٌ لذلك لأنها كانت تقوم بدور الأب، كذلك تربي وترعى وتعلم وتنهي عن الفواحش وأصدقاء السوء ومتابعة أبنائها وهم يتحدثون عبر «الموبايل» لتتعرف عن قرب على أصدقائه والرسائل التي تأتي عبر «موبايله» لتخرج لنا أجيالاً يساهمون بقوة في دعم الاقتصاد السوداني بسواعدهم وأفكارهم، يساهمون في بناء دولة السودان التي هي بحاجة إلى سواعد وأفكار بنيها. فالأب يخرج من الصباح الباكر ويترك لها المسؤولية وكانت قدر المسؤولية وأكبر «كمان» لأنها «لا تكِل» ولا حتى «تمِل» وعندما يأتي الزوج لا تزعجه بطلبات الأبناء، كانت توفر له وقت الراحة وتساهم بطريقة كبيرة في مدّه بالأفكار التي تعينه على مواصلة مسيرته العملية، لذلك هي تساهم بطريقة أو بأخرى في دعم مسيرة العمل بالبلاد. تساهم وهي ربة منزل، مساهمتها وهي ربة منزل لا تقل عن مساهمات الأخريات وهن داخل «الخدمة المدنية»؛ فالمرأة العاملة أثبتت الدراسات كذلك أنها الأقدر والأقوى على تحمُّل المسؤولية؛ حيث لا يقف دورها في مكان عملها بل يمتد لتواصل المسيرة بعد وصولها مباشرةً للمنزل؛ ترتب المنزل وتعد المائدة ثم تتفرغ لمراجعة الدروس للأبناء لتخرج لنا أجيالاً مشبَّعين بالوطنية وحب العلم. فالمرأة التي خرّجت لنا الطبيب والمهندس والمعلم والعامل. فأمومتها هذه لم تقف في يوم ما أمام مسيرتها في دعم العمل ببلادها فهي مدرسة على كل حال. الأُمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها أعددتْ شعباً طيّبَ الأعراق التحية للمرأة السودانية التي أيضاً ساهمت في استقلال السودان وتلك التي تداوي بأياديها المرضى وتضمِّد الجراح. والتحية هنا لأول طبيبة سودانية «الدكتورة خالدة زاهر». والتحية لتلك المرأة التي تعود جذورها لأرض الشمال «ربّت» أولادها في غياب زوجها لمدة (5) أعوام وأكثر وخاطبت زوجها قائلة: «الكاتماهو في جواي كتير متملك الجوف والعصب ما كنت دايره أقولو ليك لكن لسان الحال غلب» يغيب الزوج بالسنين وتتحمّل الأم المسؤولية بالكامل وتكتم «العبرات» بدواخلها ما بين «الجوف والعصب»، والعصب معروف بأنه أكثر أعضاء الإنسان حساسية وكذلك «الجوف» الذي هو بقية الجسم. تربي ولا تفرق بين أولادها كلهم عندها سواسية كأسنان المشط وما زاد من محبة نجدها تكتمها بدواخلها ولا تصرح به ولكن يبدو أن والدة «الخضر» لم تستطع أن تكتم ذلك عندما قالت: «في ولادي بريد الخضر لأنو طابق «الريد» ب«العقل» و«العقل» كما فسره المفسرون هو مدّها بالمال متى ما احتاجت والإنسان معروف بحبه للمال. التحية لمهيرة بت عبود و«يا الباشا الغشيم قول لجدادك كر» ولبنونة بت المك: «ما دايرالك الميتة أم رماداً شح دايراك يوم لقا بدماك تتوشح» ولا ننسى كذلك «نفيسة بت بامسيكا وفاطمة بت علي ود نقد» التي قالت تمتدح نفسها: «بت علي ود نقد قصبة مريقا ويا شتيل عمك بشير الفي السبيقا».