معظم الطغاة العرب في العصر الحديث خدموا المصلحة الإسرائيلية أكثر مما خدموا مصالح شعوبهم العربية، وقد خدمها بعضهم بانتهاج سياسات واتخاذ قرارات صبَّت أولاً وأخيراً في مصلحة إسرائيل، وما أكثرها. فغزو العراق للكويت مثلاً الذي تمّ أول تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين يُفسّر في هذا الإطار أي خدمة المصالح الإسرائيلية، ذلك أن الغزو شرخ الوحدة العربية وبدَّد الموارد وكان مبرراً للتدخُّل الأجنبي العسكري وإضعاف الجيش العراقي الذي أضعفته من قبل الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت عام 80 وانتهت عام 1988م. وكانت هذه الحرب أيضاً مما صبّ في مصلحة إسرائيل، وإذا كانت الحرب الإيرانية العراقية انتهت بالتعادل، فإن الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية مع حلفائها العرب والخواجات ضد العراق بعد غزوه للكويت انتهت بهزيمة مُذلّة للجيش العراقي، ذكَّرت الناس بالهزيمة المهينة التي تجرّعتها الجيوش المصرية والسورية والأردنية في حرب الأيام الستة عام 1967م. وكان الشاعر العربي السوري الكبير نزار قباني نظم بعد هزيمة يونيو 67 قصيدته الشهيرة التي سمّاها «هوامش على دفتر النكسة». ثم بعد الهزيمة الكاسحة التي تجرّعها الجيش العراقي في الكويت وهربه إلى العراق نظم قصيدة أخرى سماها «هوامش على دفتر الهزيمة 91» ومن أبياتها: كيفَ لنا أنْ نربحَ الحربَ إذا كان الذين مثلّوا وصوّروا وأخرجوا تعلموا القتالَ في وزارة الإعلام وقال أيضاً: من الذي يُنقذُنا من حالة الفصام ونحنُ كلَ ليلةٍ نرى على الشاشات جيشاً جائعاً وعارياً يشحذُ مِن خنادق الأعداء ساندوتشة وينحني كي يلثم الأقدام وفي مقطع آخر نقرأ: مضحكة مبكية معركة الخليج فلا النصالُ انكسرت فيها على النصال ولا رأينا مرة آشور بانيبال فكل ما تبقى لمتحف التاريخ أهرام مِن النعال!! وبعد.. هذا قليل من (عمايل) طاغية واحد من الطغاة العرب في العصر الحديث نجمت عنها خسائر لا تعوَّض في المستقبل المرئي، وفوائد لا حدود لها نالتها إسرائيل وكان للطغاة الآخرين أنصبتهم مما تحقق لشعوبهم العربية من خسائر ولإسرائيل من مكاسب ومن أهمهم طبعاً القذافي.