الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلاح البترول كان سيحقق مكاسب سياسية إذا استمر العرب في (استراتيجية الخنق)
في ذكرى حرب أكتوبر 1973م المجيدة (88)

23- كانت المشاركة والمساهمة العربية، حاضرة في الحرب بشرياً ومادياً ومعنوياً وسياسياً واقتصادياً، فقد عكست هذه الانفعالات الايجابية العربية الروح الفعالة في التضامن العربي، والتلاحم من أجل تحقيق النصر، وان الأمة العربية في حالة تضامنها وتعاضدها يمكن فعل المستحيل، ولو تبنى العرب مرة أخرى استراتيجية عربية موجودة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، لا أمكن النجاح من تحقيق الاهداف العربية السامية وهي تحرير الارض وعودة الحق الفلسطيني وزوال الهيمنة الامريكية والغربية في المنطقة العربية، وبناء المجتمع العربي السليم. فقد كانت لهذه المشاركات العربية والمساهمات أثرها الكبير مادياً ومعنوياً لدى المقاتل المصري والسوري. وانهم حينما كانوا يقاتلون كانت تقاتل معهم الأمة العربية بكل مكوناتها الشعبية والمعنوية والوجدانية، وانهم جميعاً في خندق واحد، فقد شاركت عدد (تسع) دول في القتال وأرسلت قوات إلى ميادين المعارك، سواء كان ذلك قبل بدء العمليات أو بعد نشوب الحرب، وهنالك من الدول العربية من استخدم سلاح البترول كان أثره فعالاً ولا يقل في خطورته من الاسلحة التي تستخدم في الميدان. فالمساهمات العسكرية كالآتي:-
1- العراق: أرسل العراق إلى مصر سربين (هوكر هنتر) تواجدا قبل بدأ الحرب. وأرسلت إلى الجبهة السورية في اليوم الثاني للحرب الآتي: فرقتين مدرعتين بالاضافة إلى عدد ثلاثة ألوية مشاة (فرقة) وعدة أسراب طائرات كالآتي:-
أ/ 30 ألف جندي
ب/ 500 دبابة
ج/ 500 مدرعة
د/ سربين طائرات ميج 21
ه/ ثلاثة أسراب من طائرات سوخوي
2- الجزائر: أرسلت الجزائر لواء مدرع + لواء مشاة، وصلوا بعد نشوب الحرب. كما شاركت بمجموعة (3000) جندي (96 دبابة)، (22) طائرة مقاتلة من نوع سوخوي وميراج. كما كان للرئيس الجزائري (بومدين) مشاركاته السياسية والمادية إبان فترة الاعداد للمعركة. فقد كانت له مواقفه الشهيرة مع الروس لدعم الجيوش العربية، وقد أشرف بنفسه على شحن أسلحة سوفيتية إلى مصر. كذلك كان على رأس الدول التي نادت واشهرت سلاح البترول في وجه الغرب.
ليبيا: أرسلت ليبيا إلى مصر لواءً مدرعاً وسربين طائرات مقاتلة بعد نشوب الحرب، وقد كان لليبيا دورها الفعال في المعركة من حيث توفير العمق الاستراتيجي الغربي لمصر، كما قدمت إلى مصر وبناءاً على طلب مصري قبيل الحرب عدد (38 طائرة ميراج) كانت تحتاجها مصر كقاذفة بعيدة المدى نوعاً، ولتعادل طائرات (الفانتوم) التي كانت لدى اسرائيل، كما كان لها اسهاماتها المادية والسياسية تجاه المعركة، وأنها مع دول أخرى قادت حرب حظر النفط العربي كسلا فعال في المعركة.
الأردن: كانت القيادة الأردنية قد وضعت الجيش الأردني في درجة الاستعداد القصوى من الساعة 3 ظهراً (الساعة الثالثة ظهراً) (سعت 1500) في 6 أكتوبر، وصدرت الاوامر لنقل الوحدات والتشكيلات بأخذ مواقعها حسب خطة الدفاع المقررة، وكان واجب القوات الاردنية تأمين الحماية ضد أي اختراق للقوات الاسرائيلية للجبهة الأردنية والالتفاف على القوات السورية من الخلف، كما كان عليها الاستعداد للتحرك إلى الأراضي السورية، أو التعرض عبر النهر لاستعادة الأراضي المحتلة في حال استعادة الجولان وسيناء من قبل القوات السورية والمصرية. وقد أدت هذه الاجراءات إلى مشاغلة القوات الاسرائيلية، حيث ان الجبهة الأردنية تعد من أخطر الجبهات وأقربها إلى العمق الاسرائيلي، هذا الأمر دفع اسرائيل إلى الابقاء على جانب من قواتها تحسباً لتطور الموقف على الجبهة الأردنية. وكانت تخشى من دخول الأردن للحرب، ولكن ونظراً لتدهور الموقف على الجبهة السورية، فقد تحرك اللواء مدرع (40) الأردني إلى الجبهة السورية وخاض أول معاركه يوم (16 أكتوبر)، حيث وضع تحت امرة الفرقة المدرعة الثالثة العراقية، فعمل إلى جانب الألوية العراقية وأجبر هذا اللواء على فظاعة القوات الاسرائيلية على التراجع (10كم) غرباً.
المغرب: أرسل إلى مصر عدد (12) طائرة حربية، وأرسل إلى سوريا لواءً مدرعاً، قبل الحرب، عرف (التجريدة المغربية) وتمركز بهضبة الجولان.
السعودية: فور نشوب الحرب قامت المملكة العربية السعودية بانشاء جسر جوي لارسال القوات التالية إلى الجبهة السورية:
لواء الملك عبد العزيز الميكانيكي (3 أفواج)
أ/ فوج مدرعات بنهارد
ب/ فوج مظلات
ج/ فوج مدفعية ميدان عيار 105مم
د/ 2 بطارية مدفعية عيار 155مم
ه/ بطارية مضادة للطائرات عيار 40سم
و/ سرية بندقية 106-ل8 + سرية بندقية (106-م.ول20)
ز/ سرية اشارة + سرية هاون
ح/ بعض وحدات الدعم الأخرى.
السودان: قدم السودان الدعم المادي والمعنوي، وكان السودان يمثل العمق الاستراتيجي الجنوبي لمصر، وابان حرب 1967 وبعدها حرب الاستنزاف كانت القواعد العسكرية السودانية تأوى بعض الطائرات المقاتلة المصرية، كما ان الكلية الحربية المصرية وخلال حرب الاستنزاف تم نقلها إلى منطقة جبل أولياء للتدرب هنالك، وبعيداً عن القوات الاسرائيلية، كما ان مؤتمر القمة في الخرطوم في 1967/8/29م وبعد النكسة، والذي عرف بمؤتمر (اللاءات الثلاث)، والذي اعطى دفعة معنوية ومادية قوية للأمة العربية، وحافزاً كبيراً لكل من مصر وسوريا باسترداد ما أخذ بالقوة. وكان الموقف السياسي السوداني وعبر كل الحكومات واضحاً ومؤيداً للحقوق العربية، وخاصة في عهد مايو والذي كان أقرب للنظام المصري ابان فترة التحضير للحرب وفي زمن الحرب. فور نشوب الحرب أرسل السودان لواء مشاة بكامل عناصر الاسناد والدعم، وهذا اللواء عرف (لواء النصر). وظلت القوات السودانية مرابطة في الجبهة المصرية حتى (الثاني من يوليو 1976م) ابان الغزو الليبي للسودان، وكان يجري تغيير هذه القوات سنوياً «وقد كان لكاتب هذه السطور شرف العمل مع هذا اللواء بالجبهة المصرية» فقد كان لمشاركة القوات السودانية هذه فوائدها الكثيرة من حيث التدريب ومعايشة الحرب والدخول في أجوائها عملياً، مما أكسب القوات التي نالت شرف المشاركة خبرات لا تقدر بثمن أضيفت للتجربة السودانية في القتال.
تونس: أرسلت تونس كتيبة مشاة إلى الجبهة المصرية بعد نشوب القتال.
الكويت: أرسلت للجبهة السورية قوة الجهراء المجحفلة بحجم لواء مؤلف من كتيبة دبابات وكتيبة مشاة وسريتين مدفعية وسرية مغاوير، وسرية دفاع جوي، وباقي التشكيلات الادارية، وأرسلت للجبهة المصرية كتيبة مشاة قبل الحرب، وفور نشوب الحرب أرسلت الكويت سرباً من طائرات (هوكر هنتر) وطائرتي نقل من طراز (سي130) هيركوليز لنقل الذخيرة وقطع الغيار.
كوريا الشمالية: قامت كوريا الشمالية في (يوليو 1973) بامداد مصر بعدد من الطيارين وخبراء الانفاق وان هؤلاء الطيارين كانوا يشاركون في الغطاء والدفاع الجوي داخل العمق المصري. وكانوا يعملون على طائرات (ميج 21).
24- قد شهدت حرب اكتوبر 1973 أكبر معارك للدبابات والطيران والصواريخ بعد الحرب العالمية الثانية فقد كانت آلاف الدبابات ومئات الطائرات والصواريخ وآلاف المدافع تشترك في القتال وبصورة أساسية، مما خلف وراءه الكثير من الخسائر البشرية والمادية الجدول ادناه يوضح:
25- في 17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في الكويت تقرر بموجبه خفض انتاج النفط بواقع 5% شهرياً ورفع أسعار النفط من جانب (70%) وفي (19 أكتوبر) طلب الرئيس الامريكي نيكسون من الكونغرس اعتماد 2.2 بليون دولار في مساعدات عاجلة لاسرائيل، الأمر الذي أدى لقيام المملكة العربية السعودية وليبيا ودول عربية أخرى لاعلان حظر على الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة، وذلك رداً على الدعم غير المحدود الذي تقدمه امريكا لاسرائيل، وان من شأن حرب النفط( خلق علاقة متوازنة في الشرق الأوسط ووسيلة ضغط على الدول الغربية في سبيل ايجاد تسوية عادلة لقضايا الشرق الأوسط، والقضية المركزية وهي المسألة الفلسطينية وعودة الحقوق لها وذلك بانسحاب اسرائيل إلى خطوط ما قبل 4 يونيو 1967م. الحظر على المبيعات النفطية، الذي قررته دول الخليج، كان له انعكاساته الحادة على السياسة الاقتصادية الامريكية والاوربية فيما عرف (باستراتيجية الخنق). وتم التفكير في أمريكا لاتخاذ الاجراءات المضادة لمنع تكرار مثل هذه الاستراتيجية مرة أخرى، وطرحت فكرة تأمين منابع النفط في الخليج باستخدام القوات المسلحة الامريكية لغزو منابع النفط، وقد تبلورت هذه الاستراتيجية خلال عدة دراسات قامت بها لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الامريكي ووزارة الدفاع الامريكية. وقد طرحت الدراسات العديدة من الخيارات المتاحة أمام السياسيين الامريكيين في حالة نشوب مثل هذه الازمة. ولعل أهم ما يثير الدهشة عن استقراء وثائق الكونغرس الامريكية لتأمين منابع النفط والتي تم اعدادها عام 1975م، أن رؤساء الولايات المتحدة قد ساهموا بحماس شديد في وضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ. فقد قام الرئيس الامريكي (كارتر) بوضع نواة وهيكل بناء قوة الانتشار السريع الامريكية اللازمة لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ. وساهم الرئيس (ريقان) بالجزء الأكبر من بنائها والتخطيط لاستخدامها، وقام الرئيس (جورج بوش الأب) بالاستخدام المخطط لها في عمليات الحشد العسكري في الخليج، والدفاع عن المملكة العربية السعودية، فيما أطلق عليه بعملية (درع الصحراء)، ثم ادار ببراعة بناء حشد عسكري - إلى جانب هذه القوة الامريكية - شارك فيه قوات تابعة ل(33 دولة) لتنفيذ العملية الهجومية (عاصفة الصحراء) بهدف تحرير الكويت، ثم استقر وضع هذه القوات في تمركز دائم بقوات عسكرية سوداء داخل دول شرق أوسطية - تركيا واسرائيل - أو دول خليجية، وقد حدث ذلك في عهد الرئيس الامريكي (بيل كلنتون). ولعل القراءة المتأنية لهذه الوثائق، تشير إلى ان الرئيس العراقي (صدام حسين) بغزوه لدولة الكويت، قد هيأ أنسب الطرق لتنفيذ الاستراتيجية الامريكية لتأمين منابع النفط، كما أوجد المبرر المناسب لاستمرار تواجد وانتشار هذه القوة وتنامي مجموعها واتساع نطاق مهامها الاستراتيجية - ليس فقط لتأمين منابع النفط - بل لحماية المصالح الامريكية بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط.
لقد تحدد الهدف الاستراتيجي لاستخدام القوة المسلحة الامريكية، تم تحديد المهام العسكرية التي يمكن أن تكلف بها قوات الغزو لتأمين مصادر النفط، وذلك بالاستيلاء على عدد كاف من الحقول والمنشآت النفطية في حالة سليمة تماماً مع الاستعداد لتأمينها لفترة طويلة نسبياً. وان تكون مجهزة بعناصر الاصلاح المتخصصة والمعدات اللازمة لاصلاح الموجودات والممتلكات التي تكون قد تعرضت للدمار بسرعة، مع قيامها باتخاذ الاجراءات اللازمة لتشغيل المنشآت النفطية التي قد تتعرض للدمار دون مساعدة من دول (الاوبك). ومن ثم تم تحديد القوة، وقد كان القرار الامريكي هو انشاء قوة «تدخل سريع» امريكية تتمركز في الولايات المتحدة نفسها، وتكون جاهزة لكي تحمل جواً وبحراً إلى منطقة الخليج عند أي طارئ، وبذلك تكون الولايات المتحدة مستعدة، وتكون قواتها مخصصة لحماية الخليج على أراضيها. وقد أطلق على قيادة هذه القوة (قيادة المنطقة المركزية). وقد تشكلت هذه القوة من: (291/600) ألف فرد، ضمت في تشكيلها أربعة فرق محمولة جواً، ولواء مدرع، ومجموعة بحرية، وقوات مشاة الاسطول، والقوة الجوية السابعة التي تشمل أسراب القنابل والقاذفات الاستراتيجية والاستطلاع والعمليات الخاصة، وقد تم التخطيط الاستراتيجي لاستخدامها لتأمين منابع النفط في الخليج خاصة في المملكة العربية السعودية. وعندما قام العراق بغزو الكويت وأعطى الدافع والمبررات اللازمة لتحريك هذه القوات لتنفيذ مهامها المخططة لها في الخليج. تلك كانت الحقائق من التفكير والتخطيط التي غابت عن الرئيس العراقي (صدام) والتي تؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية كانت مؤهلة للهدف الذي أخذت على عاتقها تحقيقه، وهو تأمين منابع النفط في منطقة الخليج. وقد حذر الرئيس الامريكي (جورج بوش) في 3 أغسطس 1990م النظام العراقي من أي توسيع لقواته في اتجاه المملكة العربية السعودية أو أية دولة بترولية أخرى، كما درس مع وزير الدفاع الامريكي عملية دفع قوات «المنطقة المركزية» الامريكية والمخصصة لهذه المهمة إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن تأكدت من كثافة الحشود العراقية على حدود المملكة السعودية، وبطلب من الملك فهد بن عبد العزيز عاهل السعودية - بعد عرض الصور الجوية عليه في لقاء مع وزير الدفاع الامريكي في 6 أغسطس 1990م - دعا الملك فهد القوات الامريكية إلى المملكة السعودية لتعزيز الدفاع عنها. وفي 7 أغسطس 1990م بدأ تدفق القوات الامريكية على المملكة السعودية في اطار عملية حشد استراتيجي وصلت إلى أكثر من (ربع مليون جندي) في نهاية أكتوبر 1990م. هكذا استقرت القوات الامريكية في منطقة الخليج تنفيذاً لمخططها الذي بدأت في تدشينه وفق «استراتيجية الخنق» التي مارستها الدول العربية في عام 1974م.
26- ان الحرب الاقتصادية التي يعد (الحظر النفطي) أبرز صورها، يمكن أن تهدد معظم المجتمعات المدنية بنفس الدرجة التي تهددها بها (الاسلحة النووية) واذا حدث نقص خطير في الطاقة، وعلى ضوء ذلك. فإن العقوبات الاقتصادية التي يمكن ان تفرخها الدول العربية المنتجة للنفط على الولايات المتحدة قد يلحق الفوضى بالاوضاع الداخلية الامريكية، كما يمكن أن تؤدي عمليات الحظر النفطي الجدية إلى تمزيق أوربا الغربية واليابان التي يُعد اعتمادها على البترول في ذلك الوقت أكبر بكثير من اعتماد الولايات المتحدة عليه. وبهذا النحو، فإن قيام الدول المنتجة للنفط يفرض عقوبات حادة ستصيب المصالح الحيوية بهذه البلدان في مرحلة مبكرة جداً، كما ستخنق اليابان ودول حلف شمال الأطلسي، وبالتالي ستعاني المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية من جراء ذلك بالتبعية، ان سلاح البترول كان من الممكن أن يحقق من المكاسب السياسية، ما لم تحققه المدافع والطائرات، اذا استمر العرب في (استراتيجية الخنق). ولكن تمكنت الولايات من الضغط على هذه الدول، ممارسة سياسة الخنق المضاد، وان مصر السادات نفسها لعبت دوراً سلبياً في كسر هذا الحظر النفطي، وذلك لتعرضها لنفس الضغوط الامريكية، لأنها في ذلك الوقت كانت تحتاج أمريكا وهي تعاني من وجود العدو الاسرائيلي داخل العمق الاستراتيجي، وان اسرائيل في ذلك الوقت كانت تمارس سياسة الخنق تجاه مصر وهي تحاصر الجيش الثالث وتقطع طريق السويس. وأمريكا تضع أمام مصر خيار الانسحاب الاسرائيلي من العمق المصري وفك حصار الجيش الثالث، أي سياسة فك الاشتباك، مقابل استمرار تدفق النفط إلى امريكا واليابان ودول الاطلسي، والسادات بدوره يضغط ويلح على الدول المنتجة للبترول والتي تمارس سياسة الخنق إلى رفع حظر النفط عن الغرب. وبهذا أضاع العرب أمضى سلاح، وها هي أمريكا تمنع تكرار مثل هذه السياسة وتجسم الآن فوق مواقع البترول في الخليج بقواتها المسلحة، فارضة ارادة سياسية وعسكرية.
27- والسؤال الذي يطرح نفسه هل حرب اكتوبر 1973م هي آخر الحروب كما يقال؟ اعتقد انها ليست آخر الحروب مادامت هنالك حقوق عربية ضائعة مادامت اسرائيل حتى اليوم تمارس سياسة القمع والتهديد والغطرسة، وهي سياسة عدوانية لا تؤدي إلى السلام، فالحرب هي الصنو للسلام، ومادام ليس هنالك سلام فإن الحرب قائمة وحتى على المدى الطويل مدى الاجيال القادمة. والسؤال الآخر هي يمكن تحقيق نصر استراتيجي على اسرائيل؟ الجواب نعم يمكن تحقيق نصر استراتيجي ولو على المدى البعيد، والعرب لهم من الامكانيات والدوافع والأسباب والارادة لتحقيق هذا النصر، وهنالك عوامل مهمة تساعد على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي هي:-
1- العامل الديمغرافي وهو من العوامل المهمة والحاسمة في الحرب، فعدد السكان العرب الآن تقريباً (300 مليون) مقابل حوالي أكثر من (6) ملايين اسرائيلي. وهذا يعني ان العمق البشري متوفر وان الخسارة البشرية مهما كان حجمها فانها مقارنة بعدد السكان تكون مقبولة. مقابل ان اسرائيل تعاني من العامل الديمغرافي ولا تتحمل الخسارة البشرية ولا تصبر على حرب يطول أمدها، وان ذلك من شأنه ان يؤثر في الكيان الاسرائيلي اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً.
2- والعامل الآخر، الثروات الطبيعية العربية: فالمنطقة العربية تزخر بالثروات الطبيعية داخل الارض وعلى وجهها، فالمياه متوفرة والأراضي الصالحة للزراعة متوفرة، كذلك المعادن المختلفة تزخر بها الأرض العربية، كما تعتبر المنطقة العربية من المناطق الرئيسية لانتاج النفط في العالم. وفي حالة التكامل العربي الاقتصادي، مع توفر رأس المالي العربي والثروة الطبيعية وتوفر الأيدي العاملة والخبرات، فإن هذا التكامل العربي يجعل الأمة العربية مكتفية ذاتياً.
3- والعامل الثالث، هو اتساع مساحة الوطن العربي، اذ تبلغ مساحة الأرض العربية (14) مليون كم2 مقارنة بالمساحة الصغيرة والتي لا تذكر بالنسبة لاسرائيل، وهذه المساحة الشاسعة توفر العمق الاستراتيجي، بحيث لا يؤثر سقوط جزء على الاجزاء الأخرى، وأما اسرائيل بمساحتها الضيقة لا تتحمل أن تقاتل داخل أرضها المغتصبة، وانها دائماً تحارب خارج أرضها، لكنه تدرك ان سقوط أي جزء من الارض الاسرائيلية يعني سقوط كل الكيان الصهيوني، إذن فهي دائماً تنقل الحرب خارج حدودها والتوسع في الأراضي العربية لتوسيع عمقها الاسرائيلي ولتوفير الأمن، فهي تسعى دائماً لالتهام الأراضي العربية لتحقيق هذه الاستراتيجية. فالعرب إذن يستطيعون أن يتحملوا هزائم لأنهم ثابتين في الأرض، لأن جذورهم ممتدة ضاربة في اعماق التاريخ، لأنهم في أرضهم وفي أوطانهم وليسوا مغتصبين، فالتاريخ معهم وكذلك الجغرافيا والثقافة والحضارة. إذاً هنالك اختلاف في موازين الجغرافيا والتاريخ.
هنالك عوامل غير متوفرة بالقدر الكافي ويجب أن يسعى العرب لتوفيرها واكتسابها، منها التوجه نحو الديمقراطية الحقيقية والتي هي العدالة الاجتماعية وحرية الرأي والفكر، لانتاج أفراد متعافين يستفاد منهم في دفع عملية الرقي والتطور، وعلى العرب التوسع في مجال التعليم الراقي والحديث وتوفير البحث العلمي وتقدير العلماء، لايجاد أجيال متسلحة بالعلم ذات مهارات فنية عالية مواكبة لروح العصر، عصر التقنية الحديثة، حتى يمكن بناء قواعد صناعية، نستطيع من خلالها تحقيق الاهداف القومية.
28- اسرائيل الآن ككيان صهيوني بدأت في التآكل من الداخل، فقد تنبأ بهذه النهاية المفكر الكبير (الدكتور عبد الوهاب المسيري)، والذي درس المجتمع اليهودي والصهيوني وألف في ذلك ولمدة أكثر من عشرين عاماً العديد من المجلدات التي تتنبأ بتآكل دولة اسرائيل وبأسلوب علمي، فالقوة العسكرية الاسرائيلية بلغت القمة في حرب 1967، ولكن هذه القوة بدأت في الانحدار من الأعلى إلى الأسفل ابتداءاً من حرب الاستنزاف ونجاح المصريين في بناء حائط الصواريخ، ثم كانت حرب اكتوبر 1973م والتي مثلت الانحدار الأكبر، ثم جاءت الانتفاضة الأولى والثانية الفلسطينية وأخيراً حرب (ال33) يوماً اللبنانية عام 2006م وكان الانحدار كبيراً، حيث استطاعت المقاومة اللبنانية ولأول مرة نقل الحرب إلى العمق الاسرائيلي، فكانت حرب من يصرخ أولاً، وصرخت اسرائيل، وكانت هزيمتها في الجنوب اللبناني، ولأول مرة أيضاً يشعر سكان اسرائيل وبعد مضي تقريباً (60) «ستين» على قيام دولة اسرائيل ان الأمن غير متوفر، وبدأت الهجرة العكسية إلى أوربا وأمريكا وغيرهما. فالأجيال العسكرية اليوم ليست هي الأجيال السابقة التي صنعت اسرائيل، فهي أجيال عسكرية واهنة ضعيفة الارادة تأثرت بعوامل الخوف والرعب والزوال، وهنالك شيء آخر مهم، هو تفكك البنية الاجتماعية الاسرائيلية بسبب المخدرات والدعارة وغيرهما من الأمراض الاجتماعية، فالأمراض الاجتماعية لها أثرها في تفسخ وانحلال المجتمع المعني وذلك يفقد القدرة على الارادة وغياب الحس النفسي والوعي. هذا وقد تسبب انعدام الأمن بمعناه العام، تسبب في الهجرة العكسية خارج اسرائيل وخاصة يهود الشرق، وبعد ستين عاماً من قيام دولة اسرائيل، لازال المواطن الاسرائيلي لا يشعر بالأمن والاطمئنان، وفقدوا الثقة بأنفسهم والآن يعيشون في خوف دائم، لهذا يعتقد هؤلاء الاسرائيليون ان أمامهم خياران: اما أن يقضي عليهم العرب الآن، أو يسمحوا لهم بالعيش ليقضوا عليهم في المستقبل، فالاسرائيليون اليوم يعيشون حالة احباط، وفقدوا استراتيجية (السيطرة) وقيمة الاعتماد على النفس والدفاع عن النفس، ولهذا لأسباب أخرى مثل التفرقة العنصرية والدينية، جعلت المواطن الاسرائيلي يفضل الهجرة إلى امريكا وإلى اوربا حيث الرفاهية والأمن. اسرائيل كما هو معروف هي حليف استراتيجي وقاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة العربية لحماية وخدمة المصالح الامريكية، فبقاء اسرائيل مرتبط ببقاء المصالح الامريكية في الشرق الاوسط وخاصة مناطق انتاج النفط، وفي حالة الاستغناء عن بترول العرب لتوفره في مناطق أخرى آمنة من العالم، أو في حالة اكتشاف طاقة بديلة، أو في حالة ضعف القوة الامريكية عسكرياً وسياسياً، وبالتالي تقلص أو زوال المصالح الامريكية في الشرق الاوسط سواء كان ذلك اقتصادياً أو سياسياً أو استراتيجياً، فإن الضعف والهوان سوف يلحق باسرائيل، ويومها لن تكون الخادم والحارس وشرطي المنطقة وان المظلة الامريكية بدأت تبعد عنها قليلاً... قليلاً.
29- سوف تظل حرب اكتوبر 1973م، وانتصار العرب فيها حاضرة في الذاكرة العربية، لأنها عبرت بنا في ظلام الهزيمة إلى صبح النور والنصر، بالمقابل شبح هزيمة اكتوبر 1973، مازال يخيم على العقل الاسرائيلي، ويحفر عميقاً في الوعي الاسرائيلي بالرغم من مرور الستين. وان تلك الحرب كانت ومازالت مكتظة بالعديد من الخفايا والأسرار، والتي يجهلها الكثيرون في العالم، وحتى الشعب الاسرائيلي ذاته، وهذه الأسرار كلها أخرج عن جزء منها أو تسرب تؤكد عظمة المصريين والسوريين والعرب، وزور وتوهم الاسرائيليين. ان العالم العربي من حقه أن يحتفل بهذه الذكرى سنوياً، ذكرى حرب اكتوبر 1973، والتي غيرت مجرى التاريخ.
المراجع:
1- سري للغاية ال (CIA) وملفات الحكام العرب - أنيس الدغيدي
2- الحرب العالمية الأخيرة - منصور عبد الحكيم
3- اوقفوا الحرب - روبرت هندي - جوزيف رتلان
4- حرب اكتوبر - الفريق/ سعد الدين الشاذلي
5- دور الجيش العراقي في حرب تشرين 1973م - المركز العربي للدراسات الاستراتيجية
6- العسكرية الاسرائيلية والحروب العربية - العميد الركن/ عبد الرزاق أسود
7- خطة احتلال منابع النفط - لواء/ دكتور/ زكريا حسين
8- لقاءات توثيقية تلفزيونية مع محمد حسنين هيكل
9- لقاءات توثيقية تلفزيونية مع فريق/ سعد الدين الشاذلي
10- بعض الدراسات والبحوث الفكرية والعسكرية عن حرب اكتوبر 1973م
11- وثائق سرية نشرت عبر الصحف العربية والاسرائيلية
12- موسوعة المقاتل - حرب اكتوبر 1973م
13- تجربة شخصية لكاتب هذا البحث ابان تواجده مع قوات (لواء النصر) بالجبهة المصرية ابان حرب أكتوبر 1973م.
* خبير وباحث في الشؤون العسكرية والسياسية
النوع
1 الأفراد
2 الدبابات
3 الطائرات
4 أخرى
الخسائر العربية على الجبهتين
قتيل من المدنيين والعسكريين = 8.528
جرحى = 19.549
مصر: تدمير = 500 دبابة
سوريا: تدمير = 500 دبابة
العراق: تدمير = 137 دبابة
الأردن: تدمير = 18 دبابة
مصر: تدمير (120) طائر مقاتلة + (15) مروحية
سوريا: تدمير واسقاط 117 طائرة مقاتلة
بالاضافة إلى 13 طائرة مروحية
عدد غير معروف من الدبابات والأسلحة الأخرى: استولى عليها العرب
الخسائر الاسرائيلية على الجبهتين
قتيل: حوالي (8000 - 10000) قتيل وهنالك احصاءات أخرى تشير إلى أقل).
جريح: (20000) عشرين ألف جريح
أسير: أكثر من (340) أسير
تدمير أكثر من ألف دبابة (1000) دبابة
اسقاط وتدمير أكثر من 370 طائرة حربية
تدمير واسقاط عدد 25 طائرة مروحية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.