وجدت الثورة الايرانية فى بدايتها تعاطفاً كبيراً فى منطقتنا العربية، وظن الجميع أن الثورة التى أنهت حكم الشاه ورفعت شعارات تحرير القدس، ستحدث تغييراً فى مجرى الصراع العربى الاسرائيلى، وستكون قوة كبيرة واضافة حقيقية للجهد العربى فى مواجهه اسرائيل، وسنداً للمستضعفين فى بقاع الارض، باعتبار أنها رفعت شعارات أتاحت لها القبول والتعاطف، ولكن «الثورة» كشرت عن أنيابها مبكراً وطرحت مشروعها التوسعى تحت شعار «تصدير الثورة»، بعد أقل من عام على قيامها، وتدخلت ايران فى الشؤون الداخلية لجارتها العراق، ونشبت حرب ضروس امتدت لثماني سنوات اهدرت واستنزفت موارد ايران والعراق والجيران، بدعوى الغاء العراق لاتفاقية الجزائر الموقعة فى عام 1975م، وهى أصلاً اتفاقية ناقضة لاتفاقية ترسيم الحدود فى عام 1937 م، وجاءت موافقة العراق عليها بشرطين، امتناع ايران عن دعم الاكراد مقابل ابعاد الخمينى من النجف، وهذه الاتفاقية لم تلتزم بها ايران الشاه ولم تنفذ بنداً واحداً من بنودها، حيث استمر دعمها للاكراد حتى اندلاع الحرب فى 1980م وبعدها، واستمر التدخل الايرانى فى كل دول الخليج دون استثناء، وانتهت الحرب مع العراق بهزيمة ايران عسكرياً التى قال عنها إمام الثورة الخمينى «أهون عليه تجرع السم من القبول بوقف الحرب». فى عام 1925م احتلت ايران ارض الاحواز العربية «عربستان» والاسم يعنى أرض العرب.. وهجرت سكانها الاصليين، وغيرت معالمها، وفرضت اللغة الفارسية على سكانها الذين يتحدثون العربية، وأصبح التكلم بلغة الضاد جريمة يعاقب عليها القانون. فى عام 1971م «قبل الربيع النفطى» احتلت إيران الجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، وطردت منها سكانها الاصليين وهجرتهم قسراً، ورفضت كل المحاولات السلمية للخروج منها والجلاء عنها، بل حولتها الى مكب للنفايات وقاعدة عسكرية متقدمة لتهديد دول المنطقة والسيطرة على مياه الخليج العربى تصر ايران على اعتبار الجزر الثلاث ارضاً ايرانية رغم انها احتلتها فى عام 1971م، وظلت المطالبات الاماراتية السلمية لايران بالجلاء عنها دون جدوى. وقد اعتبرت ايران «الشاه نجاد» مطالبة الامارات باعادة الجزر الثلاث وقاحة وبمثابة اعلان حرب. والغريب فى امر السياسة الايرانية انها اعتبرت مطالبة الامارات امام الجمعية العامة للامم المتحدة فى 2011م مزاعم اماراتية حدثت بسبب املاءات غربية! وان هذه الجزر إيرانية وستبقى إلى الأبد ايرانية، وستقطع اى يد تمتد اليها. هذه الجزر تخضع للاحتلال وفقا للقانون الدولي وللاجراءات المنظمة للاراضي تحت الاحتلال قبل أسابيع زار الرئيس الايراني احمدي نجاد جزيرة ابو موسى موجهاً الرسائل فى كل الاتجاهات وبالاخص لدول الخليج العربى، محاولاً الثأثير على موقفها من الوضع فى سوريا وتداعيات مسلسل البرنامج النووى الايرانى، وبغض النظر عن موقف دول الخليج الفكرى من ثورات الربيع العربى ونتائجه المنظورة حتى الآن، إلا أنها وقفت موقفاً أخلاقياً من أحداث القتل والتنكيل التى يمارسها النظام السورى ومن قبله نظام القذافى، أملاً فى أن تخفف دلالات الربيع العربى من النفوذ المتطرف وبالاخص نفوذ القاعدة، حيث أثبتت التجربة إمكانية التغيير السلمي. وطموحات إيران التوسعية ونظرتها لما تسميه مصالحها الاستراتيجية الآن تتجاوز منطقة الخليج العربى الى البحر المتوسط، فايران وبصبر دءوب و(تقية )ظاهرة ,استطاعت وبنجاح كبير استغلال كل التناقضات السياسية والمذهبية لدول المنطقة وكونت حزاماً «شيعياً» يمتد من إيران فالعراق وسوريا ولبنان مع جيوب ممتدة فى باكستان وأفغانستان. والعراق بعد الغزو الامريكى الذى تم بمساعدة ايران باعتراف الامريكان أنفسهم وبعد سقوط حكم الرئيس صدام حسين، هذا العراق أصبح ولاية إيرانية، يتحرك ويدعم ويتناغم مع الثورة فى البحرين، ويقف ضد الثورة فى سوريا. والحكومة العراقية تدفع سراً مليارات الدولارات هى خسائر مزعومة لإيران جراء حربها مع العراق، وهناك تسريبات حول اعتزام الدولتين الدخول فى وحدة اندماجية، والاثنتان «إيران والعراق» مع ثورة الحوثيين ضد حكم الرئيس صالح وضد ثورة كل اليمنيين على ذات الرئيس. وإيران الآن تحشد الجيوش والأسلحة فى أبو موسى، وهى أسلحة يتجاوز مداها كل منطقة الخليج ويمكنها الوصول إلى البحر الأحمر، فماذا تريد إيران؟ قال الزعيم التونسي راشد الغنوشي إن الأمة العربية تسير الى الفناء إن لم تتوحد خلال الثلاثين عاماً القادمة، فهل تكفي ثلاثين عاماً أخرى إيران للخروج من الجزر العربية الثلاث؟