ما دفعني لكتابة هذه الكلمات هو أنني رأيت ظاهرة عنكبوتية تلتف خيوطها حولك.. ظاهرة فوجئت بها فكشفت لي عن شخصيتك ومنطقك المتخلف أمام التطورات المذهلة التي نعايشها. هل تذكرين سؤالي لك عمَ لفت نظرك في عصرك هذا على إمتداد الأفق السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي داخلياً وخارجياً؟ هل تذكرين إجابتك: «مالي أنا ومال الهم والغم والدوشة الفارغة»!! كشفت تلك الإجابة عن جوهرك لأنني أؤمن في أحايين كثيرة بأن المظهر حتى المبالغ فيه لا يعبر عن السطحية أيتها الشابة التي لا تعرف قيمة الوقت أمام المرأة والكوافير والبوتيك. إنك تبددين الزمن لأنك تجهلين قيمة التحدي الحضاري. أنتِ قطة مستسلمة لفضول الموضة. أغرقك طوفان الإعلانات، حيث الافتعال في دنيا الأناقة والجمال والجاذبية.. حيث العيون الواسعة والشعر الحرير والبشرة الفاتحة الناعمة. لست ضد أناقتك بيد أنني ضد الأناقة حينما تصبح هي كل مقوماتك كفتاة عصرية. أنا ضد تحولك إلى «فتاة موديل» منتظرة فقط كلمات الإطراء لإرضاء غرورك. أنا ضد أناقتك حينما تصبح هي مثلك الأعلى الذي يمنحك الرضا والثقة. أنتِ «أسيرة» الموضة التي تحاولين إثبات وجودك من خلالها أيتها «الفترينة المتحركة»! عزيزتي مظاهر: أنتِ لم تتخلصي بعد من عقدة «بنت أُم لعاب» تلك الدمية التي أخذت كل اهتمامك وأنتِ صغيرة. بذرة الاهتمام بالشكل بدأت تنمو في داخلك منذ محاولتك الاعتناء بعروستك الصغيرة «الدمية». أصبحت لديك قناعة بأن أهم ما في «دميتك» هو الشكل.. هو المظهر.. وها أنتِ فارقت مرحلة الطفولة وأصبحت صبية فارعة ولكنك ما زلت تحملين دمية في أعماقك تؤكد عدم وصولك إلى مرحلة «النضج» لأن النضج لا يحسب بعدد السنوات فقط. كل ملامح وجهك تسعى لتنفيذ رغبات الدمية وتوافقين على تماديك في هذا السلوك. هكذا تسقطين تحت سنابك قناع مزيف لأن «الدمية» صارت هي البوصلة التي تحدد خطواتك.. ومن هنا نشأ حائط الاستلاب الذي يقف بين دميتك والحياة الحقيقية.. أصبحت الصورة التي تعيشين عليها هي امتلاك الخداع والوهم.. هي محاولة عبثية للقبض على الماء بالأصابع أو على حد قول الشاعر «قبضت الريح». إن تأكيد الذات لا يأتي بالبهرجة اللامعة حيث أن كل مخزونك الثقافي لا يخرج عن فضاء الأفلام الرومانسية والأغاني الهابطة والاطلاع على المجلات العربية المصورة المصقولة. من ثم فأنتِ لا تحترمين العمق الثقافي لأنك جاهلة الوجدان والفكر. لأن مفهومك خاطئ للعصر الذي تعيشينه. لقد ضاع المعنى الحقيقي لمفهوم المعاصرة لديك وضاع الخط الفاصل بين عشقك الحقيقي للحياة وامتهانك لذاتك. إن نمو مفهومك للحياة كنمو الطحالب في المياه. أنتِ حبيسة أفكار ضيقة ورؤية محدودة. إن اهتمامك المزيف بذاتك هو هروب من إيقاع عصرك، لقد صرت مطمئنة لقناعات ممارساتك الخاطئة «الشكلية» كأنها قيم مطلقة. إنك تهدرين قوى وعيك لنفسك ومن ثم تصبحين مثل المخلوق الذي يختبئ داخل محارة. باتساع أفق معرفتك تستطيعين التعبير عن شخصيتك وإثبات وجودك.. تستمدين إيمانك بنفسك تنمية وتوجيهاً للذات. أنتِ في حاجة لبتر الحبل السري الذي يربط بينك وبين «دميتك» حتى يكون في استطاعتك التغلب على حالة التخلف التي تمسك بتلابيبك. أكتب لك هذه السطور والأمر ما يزال قيد البحث والنقاش بيني وبين دميتك إذ لكل زمان دمية!! {هذه الرسالة قمت بكتابتها قبل 35 عاماً.. ومع ذلك ينتابني إحساس بأن تاريخ صلاحيتها لم ينتهِ بعد!! يمكن أن أطلق عليها وصف الأستاذ حسين خوجلي بأنها «كتابة لا تصدأ». { ضب مسطول قال لحبيبته: أنا كنت تمساح لكن حبك هلكني وخلاني أصل الحالة دي!!