{ كيف لنا أن نستغرب في حال أمة تقتات هجير الليل بقايا صدف الرعشة في الأحشاء، وترشف ماء الوهم الآسن من برك الجرح هزيمة نكراء في كل شيء. في العلم والأخلاق والتكنولوجيا.. في قوة الرجال والعتاد وحتى في صدر الرومانسية والمحبة والسلام؟! الذي يتصفح المواقع العربية على الإنترنت يجد ما تهتز له ريح النخوة وجبال الكبرياء وتسيل على شواطئه بحار من أشجان. ولعلنا نحاول القول إن جميعها شواذ على تركيبة عصر مجوسي جبان يسكن في دواخل أمتنا الجاثمة على بركان الغم والضياع والأسف الذليل. تجد ما تجد من دعوات الشذوذ والرذيلة مطراً على صحراء الهم، وتجد محاولات التلاقي عبر ستار النقاء، وتجد الطفولة العذبة تتساقط خلف وعي الوالدين بالإباحية والمجون. كل هذا نقول إنه من تركيبة إجتماعية سقيمة ومن تربية الكبت الخاطئة، وهي بلا شك حالات قد تكون برغم نسبتها المئوية العالية نوعاً من الخروج عن المألوف. لكن أن تتمدد الرسائل التي تدعو بسذاجة وتطلب مقابل حفنة من المال رسائل العلم الذي تبنى به الأمم تزويراً آثماً لهو المسمار الأخير في نعش الحضارة العربية. قد يُشترى ويُباع الشعر وتُكتب الخطب للرؤساء والملوك وتُباع المباريات ويُكسب الرهان بالرياء والكذب، لكن أن تباع الأنفس - على عينك يا تاجر - وأن تتساقط الأفواه بقول الزور وطلب التزوير عياناً بياناً لهو عين الفجيعة. اقرأوا معي هذه الرسالة التي جاءتني على بريدي الإلكتروني، وهي كذلك منشورة على موقع مجموعة الخليج على الإنترنت، ويطلب فيها كاتبها بلا حياء ما يطلب في رسالته التي بدأها بتحية الإسلام، في بلد خرج منه الإسلام، حيث قال: { (السلام عليكم ورحمة الله.. إخواني وأخواتي.. بكل اختصار أنا طالب جامعي ولكني كبير في السن ومتزوج ولدي أبناء ومسؤليات كثيرة جداً. في السنوات الماضية كانت حالتي المادية لا تسمح لي بالدخول في الجامعة لذلك كنت أعمل طول هذه السنوات لكسب المال، أما الآن فقد استطعت والحمد لله أن أدخل الجامعة وذلك لكي أحصل على الشهادة طبعاً وأزيد من دخلي الشهري في الوظيفة.. ولكن مشكلتي بالضبط هي أنني تفاجأت بالصعوبة الكبيرة التي واجهتني في الجامعة.. كثرة البحوث والواجبات زيادة على المسؤوليات العائلية التي عندي خصوصاً وأني متخرج من الثانوية قبل 15 سنة. لذلك المساعدة التي أتمنى أنكم تساعدوني بها هي أنني منذ فترة سمعت بأن بعض المكتبات أو المعاهد تقوم بعمل بحوث جامعية وعلمية للطلاب الجامعيين، يعني مساعدة لهم، وطبعاً هذا مقابل مبلغ مادي، يعني فقط ندفع لهم ونبلغهم عن موضوع البحث وعناصره وهم يقومون بعمله.. أنا طبعاً لو أني استطيع أن اعمل مثل هذه البحوث الصعبة لما حاولت أن أجد من يعملها لي، ولكن هذا بسبب تخرجي من الثانوية قبل خمس عشر سنة ولغتي الإنجليزية ضعيفة.. والآن معدلي في الجامعة نزل إلى مستويات كبيرة وإذا لم أجد من يساعدني في هذه المشكلة سوف أطرد طبعاً من الجامعة. باختصار أتمنى إخواني وأخواتي من كل من يعرف أي مكتبة أو معهد ممن يعملون أو يبيعون البحوث الجامعية في السعودية وخصوصاً في المنطقة الشرقية في الدمام أو الخبر أن يخبرني وسأكون له ممتناً، خصوصاً لأني في حاجة ماسة للشهادة الجامعية لأن راتبي الشهري هو 800 ريال فقط وأصرف على عائلة. الرجاء مراسلتي على الإيميل التالي ....). { هكذا كتب رسالته وكتب عنوانه البريدي بلا حياء، وأنا علي يقين من أنه سيجد ضالته كما وجدها غيره، ولا أعتقد أنه يخشى من شيء لأن مثل هذا السلوك الإنساني المهين أصبح هو السائد في أمتنا، وأصبح غيره من أسباب النهوض والحضارة هو الشاذ والغريب.. وهكذا ذهبنا بلا عودة.. وهكذا ماتت ضمائرنا في عالم ستحسمه قيامة على الطريق حينما لا تنهى صلاتنا عن الفحشاء والمنكر، ونعشق من قرآننا المجيد آيات الوعيد!! ماذا نقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. { مدخل للخروج: كان العرب السادة يوماً.. كانوا القادة والأحرار.. صنعوا العزة والحرية رمزاً يسمق للثوار.. ملكوا العلم وقتلوا الظلم وجعلوا الله الحق شعار.. ثم انقسم العرب ملوكاً ودويلات للتجار.. لوجه الذئب الأمريكي وكل وجوه الاستعمار..