زولاً سرب سربَّه.. خَتَّ الجبال غربَّه أدُوني ليْ شربَّه.. خلُوني النَّقُصْ درْبّه أتصور أن هذا المدخل الطبيعي التاريخي لكل من أراد أن يدخل إلى بادية كردفان، «ومنظومة الجوامعة» واحدة من المنظومات السمحة التي شكّلت مجتمع هذه البادية الكردفانية الرائعة، وقبيلة الجوامعة رفدت التراث السوداني والحياة بكثير من الاسهامات المقدّرة، وبيننا منتج آخر من الجوامعة، أعني رجل اللغة والحياة والمنابر الاصلاحية والدعوية، الشيخ الطيب الزكي خليفة، فأترككم معه في هذه السياحة اللُّغوية والتعليمية الهائلة. ثورة التعليم إلى أين؟ يكتبها: الطيب الزاكي خليفة مات جمال اللغة العربية الذي خصَّه الله بها والذي تكتسبه بداية من الخط الإملائي والنحو والصرف والبلاغة وما فيها من مُحسِّنات البديع لكونها لغة ذات جَرَس وموسيقى يأخذ بالألباب وتحيى به النفوس العاشقة. انتهت المقالة الإنشائية الرصينة المعبِّرة، والقطعة المنثورة، فاختلط حابل السين بنابل الثاء، والذال بالزاي والهمز بالهمس. سؤال مُلِح أين دعاة العربية وحُماتها؟ أين تلاميذ العباقرة عبد الله الطيب والفرشوطي وابن النوراني والحبر يوسف وأبو هالة؟ لماذا يصمت هؤلاء والعربية تموت أمامهم بلا رحمة من خطيب أو شفقة من كاتب، هل بمقدور مدارسنا الحالية وبمناهجها الراهنة أن تعد لنا أبطالاً يحملون أقلاماً لا ينفد سائلها تنافح عن الدين والوطن؟! أين يا ترى الخطيب المفوّه الذي يسترسل بلا تأتأة أو مشقة، استمع إلى منابر الجمعة تُصاب بالصداع أو الدوار أو العطس عندما ينتهي دور حروف الجر ومهمة الفعل والفاعل، فما المخرج؟ مطلوب إذن.. التوسُّع في التعليم الديني بإحياء ورعاية المعاهد الدينية التي كان لها الأثر الفعّال والفضل في تخريج قادة ذوي باعٍ في اللغة والآداب. { السلوك الحضاري دعك من مجال اللغة وتعالَ إلى العاصمة القومية ترى العجب العُجاب حيث تجهد هذه الولاية بعكس وجه جميل يسر الناظرين ولكنه يصطدم بسلوك المواطن المتخرّج من هذه المدارس. فالأوساخ والفضلات والنفايات يقْذِف بها المارة والسيارة على قارعة الطريق والميادين والحدائق دون حياء أو مبالاة - وكم ترى زهرة قذفت عليها سفة - والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً. النفس الجميلة المتدربة على الجمال تحافظ عليه ولا تدمره، تعيشه بهجة وسروراً. { جيل الغضب إن هذا الجيل الغاضب يستوحى غضبه من الخواء المعرفي وهو ماضٍ في سبيله غير الرشيد ما لم يلحق بمنهج جديد لضمان مستقبل باهر مُشرق يعيد الفرد والمجتمع على حد سواء وكل تأخير في هذا الشأن يُضاف خسارة على الناشئة ومستقبلهم. { جُرأة وأميّ استطاع محي الدين صابر إبّان الحكم المايوي تغيير المنهج والسُّلم التعليمي ببساطة ودون معارضة من أحد، برز بدوي مصطفى الهادي بعد أكتوبر 1964م كمُصلِح تربوي واجتماعي، أدخل مواد ساعدت في إحياء الضمير والخُلُق، وجاءت الإنقاذ وأعلنت ثورة في التعليم ولكن للأسف ظلّ مردود التعليم ضعيفاً، تعاقد أحد الخريجين للعمل على الكمبيوتر في الخليج ولكنه أنهى تعاقده وعاد سريعاً لعدم قدرته على المنافسة، أجبره الحرج بإعادة الدراسة الجامعية التي يحمل مؤهلها هذه هي الأمية الجامعية التي يُشاع عنها اليوم! { أمراض جديدة ثم دعنا نطرق جانباً آخر تحدث الناس كثيراً عن وجود تلاميذ في السنوات العمرية «7-15سنة» في حيز واحد ولك بعد ذلك أن تقيس مدى المشكلات النفسية والاجتماعية عن أي سلوك شاذ ذلك الذي يفرزه هذا الحجم الكبير، إن المراحيض على سبيل المثال لا تستوعب هذا العدد فيحجم عدد كبير عن دخولها مما يولِّد أمراضاً جديدة بسبب الاحتقان لمدة طويلة خلال ساعات اليوم الدراسي، تناولت الصحافة هذا الموضوع بما يكفي للتحرُّك السريع. { التعليم الفني ما له وما عليه، لا تقوم نهضة أي بلد إلا عبر هذا القطاع الفني والتقني والمهني، فلا بد من إحياء وزيادة المدارس المهنية والصناعية المتوسطة والثانوية، أخذت كوريا الجنوبية التجربة الفنية والصناعية من السودان إبّان حكومة عبود والآن أي كوريا تغرق السوق السوداني بمنتجاتها. { التعليم العالي والاختلاط ولا بد أيضاً من كلمة عن التعليم العالي فمن أكبر أخطائه الاختلاط الذي نهى عنه الدين ولست في حاجة إلى تدليل. فما الذي يمنع عزل البنات عن الأولاد بالحكمة السودانية المشهورة! إذ لا يمكن أن تكون ردهات التعليم لغيره والراغب في العلم يناله دون اختلاط، نسوق إلى أصحاب القرار بأن الملك عبد الله ملك السعودية افتتح في العام الماضي 2010 جامعات للبنات تستوعب «عشرة آلاف طالبة» ليس بينهن رجل واحد ولا نظن بأن نسبة التحصيل لديهن متردية بعدم الاختلاط! يوجد بالسودان عدد كبير من الجامعات أحدثته ثورة التعليم فما الذي يمنع بأن تُخصص عدد من هذه الجامعات تكون قاصرة للفتيات فقط، ألم تنجح في ما مضى كلية المعلمات ومدرسة الدايات. { خاتمة: نظام الأربع سنوات: ختاماً أدركوا التعليم فهو سبيل كل نهضة ليتخرّج الطالب بكل قوة وبضمير حي يراقب الله والوطن ويومها تقل هذه الجرائم الفظيعة التي تؤرق مضاجع المواطنين وما سلف من تجارب على السلم التعليمي والمنهج يُلزم القائمين على التعليم الرجوع إلى نظام الأربع سنوات الأسبق والأمثل فمن يأخذ القفاز إن لم تكن هنالك تجربة فاشلة يُفكر فيها أحد المتغامرين والله الهادي إلى سواء السبيل.