السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعظيم سلام: مدرسة (الهداية) (شيخ الطاهر الشبلي) نموذجاً للحراك الوطني 1912-2012م
من أوراق الجمعية السودانية لإعادة قراءة التاريخ
نشر في الصحافة يوم 22 - 09 - 2012

قال الحكيم لولده... وتعلم القلم فإنه لا يرميك واذا رماك يرميك على سرير)
بابكر بدري المذكرات (1) ص 23
مدخل (2)
ازرع جميلا ولو في غير موضعه
ما خاب قط جميل اينما زرعا
ان (الجميل) وان طال الزمان به
فليس يحصده الا الذي زرعا
(1)
٭ بناء (العقل) وتشكيل (الوجدان) هما ما ميز (الانسان) عن غيره من (خلق الله) وكانت (أولى سور القرآن الكريم) (اقرأ) و(القراءة) فيما اجمع (المفسرون)، لا تكون بغير (العقل) و(الوجدان السليم) وقد (ذخر) كتاب (احياء علوم الدين) وغيره من (امهات كتب الفقه) بفضل (العلم) و(التعليم) و(التعلم)، وفي ذلك تفاصيل كثيرة ليس هنا مقامها، ويورد الامام الغزالي ص 83 (والعقل منبع العلم ومطلعه واساسه والعلم يجري منه مجرى الثمرة من (الشجرة) و(النور) من (الشمس) و(الرؤية) من (العين)، فكيف لا يشرف ما هو وسيلة السعادة في (الدنيا) و(الآخرة) ويضيف ان الله تعالى قد سمى (العلم) (نورا) و(وحيا) وحيث ذكر (النور) و(الظلمة) اراد به (العلم) و(الجهل) وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (اول ما خلق الله (العقل) فقال له: اقبل فاقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال الله عز وجل وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا اكرم علي منك: بك آخذ وبك اعطي، وبك أثيب وبك أعاقب) أخرجه الطبراني.. باسناد ضعيف وروى كذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ان (الأحمق يهيب بجهله أكثر من فجور الفاجر وانما (يرتفع العباد) عدا في (الدرجات الزلفى) من ربهم على (قدر عقولهم) (الترمذي وابن المجيد)، وكذلك (يا ايها الناس ان لكل شيء (مطية) ومطية المرء (العقل) واحسنكم دلالة ومعرفة بالحجة) افضلكم (عقلا) ابن المجيد، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء: ازدد (عقلا) تزداد من ربك قربا.
٭ لم تكن صفات ذلك (العقل) بعيدة عن (أهل السودان) فقد أكدت البحوث الاركيولوجية فعرفهم (بالمؤسسات التعليمية ذات الاهداف العلمية المحددة منذ عهود قديمة (نبتة ومروي). ولقد اخذ (شيوخ الدين) في (تعليم القرآن والسنة) منذ (بدايات الحضور العربي الاسلامي)، فكانت (الخلوة) وسيلة (للعلم) والتعليم والتعلم، ويورد (ابن منظور) في (لسان العرب)، كما نقله الشيخ (البروفسور احمد علي الامام)، عافاه الله وشفاه فهو من (خلا) يخلو خلوا او خلاء: اذا لم يكن فيه احد ولا شيء فيه وهو خال: (وخلا) لك الشيء بمعنى (فزع) ومنه (أخل امرك) أي (تفرد به) (وتفرغ له) ومنه (استخلاء المجلس)، اي (تستقل به) وتنفرد و(خلا على الشيء) اقتصر عليه ويرى ان (أهل السودان) من (أهل العلم الديني)، قد اخذوا هذا المعنى كتابة عن (الاستقلال والانفراد والتفرغ) للشيخ ولحوارييه، ويقابل هذا المصطلح بهذا المعنى (الكتاب) و(الزوايا) و(التكايا) في مصر وفي المغرب والمدرسة القرآنية اخيرا. وسماها (أهل) (الأندلس) بالمحضرة، والخلوة مؤسسة علمية واجتماعية خطيرة، قدمت لمجتمع السودان كثيرا من قياداته الدينية والفكرية التي حركت التاريخ، من قوة وفقه كالامام محمد احمد المهدي (عم)، وكما اورد (البروفسور المعتصم احمد الحاج في كتابه (الخلاوى في السودان: نظمها ورسومها) فانها قد قامت بدور اساسي في (نشر الثقافة العربية الاسلامية، بحكم انها الوحدة التعليمية الرئيسية التي اختصت بتعليم القرآن واستظهار آياته وبتدريس الفقه والتوحيد وتجديد القرآن وسائر علوم اللغة العربية والتصوف. ويرى المعتصم ان الخلوة بهذا الفهم لها جذور منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ودون ان نخوض في تفاصيل (تطور الخلوة في السودان) منذ اتفاقية البقط، فاننا نحيل (لكتاب طبقات ود ضيف الله) و(الدراسات الاكاديمية) التي تصدت لذلك الامر، فوثقته واستخلصت تباع دورها، ويبدو ان (مصطلح) (الكتاتيب) قد سبق (الخلوة) في القيام (بدور التعليم الديني) ولعلنا نوافق المعتصم في توسيع مفهوم الخلوة لتكون (نمطاً من انماط الحياة)، وتصورها وتطورها، فهي للكبار دور علم وتثقيف ومنتدى لحوار ديني وخلق اجتماعي كما انها (دار ضيافة للنزلاء)، من العابرين و(محكمة قضاء لفك النزاعات) (مكان للتعليم المهني والحرفي) (ص 73) ويورد العميد يوسف بدري في مذكراته ص 213: كان في (الفكي) الرحمة والرقة والكرم وقد جعل من (خلوته منتدى) ومن (مسجده مأوى) ومن (قراءات) (الفكي) العلمية اضاف الى صناعته (التطبيب).. وهو الذي يربط (حركة المجتمع) برباط روحي وثيق.. ويراجع في ذلك الامر مؤلف الدكتور محمد الطيب ابو شوك عن النظام التعليمي في السودان، هذا مدخل مهم، لتسليط الضوء على مدرسة (شيخ الطاهر الشبلي)، وهي (الهداية) في مئويتها 1912 - 2012م فهي قد بدأت وبنظر ثاقب بالتعليم قبل المدرسي كرافد لفصولها في الأولى.
وللشيخ الطاهر الشبلي في ذلك مقامه وضرورة، فأهله الصواردة اهل دين وفقه، وميلاده في عام 1885م ارتبط باعادة سيادة الوطن من براثن الاجنبي على يد الثورة المهدية ثم انه درس بام ضواً بان على يد الخليفة حسب الرسول وليواصل بعده مع الشيخ محمد الفاتح البدوي الى حين وفاته في عام 1911م، وقد زامله كل من السيد عبد الرحمن المهدي والشيخ قريب الله والشيخ الباقر.
(2)
يرى الدكتور محمد الطيب ابو شوك في مؤلفه (النظام التعليمي السوداني: الازمة والامل) ص 98 وما بعدها ان (النشاط التعليمي) قد توقف (عقب الغزو التركي) للسودان ولكنه شجع (التعليم الديني) لكسب ولاء الناس عن طريق رجال الدين، وكان مهتما في اطار استراتيجيته التوسعية، بالتعليم الفني، فارسل (عقب زيارته للسودان) 1838م ستة من السودانيين لدراسة الزراعة في القاهرة كما قام الخديوي عباس الاول 1848 1845ت بافتتاح أول مدرسة نظامية. 1850م كان على رأسها (رفاعة رافع الطهطاوي) ولم يتح لهذه المدرسة الاستمرار بسبب احساس مديرها ومعاونيه (بالنفي السياسي) وعلى عهد (الخديوي اسماعيل) 1863 1879 تم انشاء (خمس مدارس في عواصم المديريات (الخرطوم)، (بربر)، (دنقلا)، (الابيض)، (كسلا)، وكانت وبالضرورة على (النمط والمنهج المصري). كما افتتحت مدرستان حرفيتان في الخرطوم 1870م لتدريب العاملين على (خطوط التلغراف)، ولم تستمر (مدرسة الطب والصيدلة) التي انشئت في عهد الخديوي توفيق، 1879 1892م كثيرا وقد تميز (التعليم التركي النظامي) ب:
- ادخال (مفاهيم ثقافية جديدة) (الدواوين الحكومية الوقت.
- الاهتمام بالزراعة وتطويرها (القطن: زراعة وحليجا).
- انشاء بعض (الصناعات الاخرى) الصابون.
- تعليم اللغة العريقة ومبادئ الشريعة الاسلامية.
اما في عهد (الدولة المهدية) فقد استعادت الخلوة دورها الجوهري، في احياء علوم الدين، ويورد نفس الكتاب ان (عدد الخلاوى) في تلك الفترة قد بلغ في (أم درمان) (800) خلوة تكفلت الدولة بمصاريفها، واختلف الامر تماما، بعد (معركة كرري 1899) حيث استهدف الحكم الثنائي تقليص التعليم الديني، واعتبر التعليم النظامي مدخلا للتغيير الاجتماعي، كما يريده الاستعمار. وعلى ذلك انشئت كلية غردون التذكارية 1903م والتي استمرت لتكون جامعة الخرطوم فيما بعد خلال حكم ونجت والمستر كري (مدير مصلحة المعارف) السودان اهداف النظام التعليمي.
٭ (خلق طبقة من الصناع المهرة لتلبية احتياجات الدولة الجديدة.
٭ تخريج العدد الذي تحتاجه دواليب الاداء في جهاز الحكومة (الموظفين).
٭ انشئت في هذا السياق (مدرستان جديدتان في كل من ام درمان والخرطوم ويلاحظ ان كلية غردون التذكارية قد اصبحت في عام 1905م مدرسة ثانوية، تقبل خريجي المدارس الوسطى Inte mediate school وكانت مدتها 4 سنوات وفي عام 1906م وكما اورد الشيخ بابكر بدري في مذكراته الجزء الثاني ص 62 63 بدأ تعليم البنات برفاعة وهي اول مدرسة اهلية، ويعدد نعوم شقير جغرافية وتاريخ السودان، ص 206 ما يلي:
٭ مدرسة ابتدائية في (الخرطوم) وهي اعدادية لكلية غردون بها 100 تلميذ.
٭ مدرسة ابتدائية في ام درمان وفيها 200 تلميذ.
٭ مدرسة في (أم درمان للمعلمين) تعليم على التدريس وبها 14 تلميذا.
٭ مدرسة صناعية في (أم درمان) اعدادية لمدرسة غردون بها 60 تلميذا.
٭ وهناك مدارس مصرية في كل من حلفا وفي سواكن وهما ابتدائيتان، عادتا فيما بعد للمعارف السودانية، وفي ام درمان من (المدارس الاهلية) مدرسة صبيان وبنات للاقباط، ومدرسة صبيان وبنات للمبشرين النمساويين، ومدرسة (صبيان وبنات للانجيلية والافريكان).
وفي تلك (الفترة الحرجة) تأسست مدرسة شيخ الطاهر الشبلي (1912) وكان غريبا الا يشير اليها نعوم شقير، في كتابه (جغرافية وتاريخ السودان) ويثبت نشأتها الشيخ بابكر بدري في (مذكراته) ولكن تلك النشأة تؤرخ في رأيي لبداية نشاط التعليم الاهلي، وقد اشار البروفسور المعتصم احمد الحاج، في كتابه التعليم الاهلي في ام درمان، اصدارات مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، الى كثير من معاهد ومدارس التعليم الاهلي دون ان يشير للهداية وغيرها من المدارس الاولية. ولقد يبدو مهماً ان نؤكد معه ان حركة التعليم الاهلي نشأت مواكبة تماما للحركة الوطنية، مرتبطة بها أوثق رباط في تحقيق كل الاهداف الوطنية الكبرى، ص 3،.
٭ واذا كنا نفتقد لأي اشارات لنشأة المدارس الاولية في تلك المذكرات والكتب فان قمة ملاحظات تبدو مهمة للغاية.
٭ تزامنت عملية انشاء مدرسة الهداية مع نشأة المعهد العلمي بأم درمان 1912م ونستنج ان تصديق المدرسة قد تم بذات (اشتراطات) انشاء المعهد العلمي.
- ان يكون هدف المدرسة (العلم من اجل العلم).
- ان (خريجي المدرسة لا مكان لهم في الوظائف الحكومية).
- ان (الحكومة) غير مستعدة للصرف عليها.
وان (المدرسة) رغم عدم توفر الوثائق اللازمة التي تؤكد على اجراءات التصديق لها، وامكاناتها المالية التي افتتحت بها، من حيث التلاميذ والمدرسين، والامكانات والمقار، التي بدأت وانتهت بها، الا انها ومن المؤكد (كانت تحت بصر واهتمام مؤتمر الخريجين).
- فقد كان للمدرسة (سمعتها) العلمية الطيبة، وقام الكثير من الآباء بادخال ابنائهم لتلك المدرسة رغم بعد اماكن السكن، ولعلنا ننادي اللجنة القومية للاحتفاء بمئوية المدرسة، بالبحث عن وثائق انشاء وتطور المدرسة من حيث طلابها واساتذتها.. واسهاماتهم العلمية والعملية.
(3)
(مدرسة شيخ الطاهر الشبلي) (الهداية الاولية)، احد أهم الصروح العلمية، التي وفرت للوطن قدرات عالية، من التخصصات العلمية والادبية، وصال خريجوها وجالوا في ميادين (العمل العام)، بقيم واخلاقيات اصيلة، ومما يؤسف له كثيرا، ان غالبية من هؤلاء الخريجين لا يقدمون انفسهم او يوثقون لتلك البدايات الثرة، واذا كنت أقول ذلك فحري بي وفي مناسبة (مئوية الاحتفاء بالمدرسة) ان اختص على تاريخها بعض ملامح المرحلة التي اتيح لي ان اعيشها في فصولها ذات النكهة القريبة من روائح (تسالي) (حاجة فاطمة) و(فول) و(سلطة روب) (جورج) وهي امرأة (مشلخة) ذات (جمال وضئ) تجيد الامومة، فلا تحس عندها بقلق الثمن فهي تغرف لك وفي كل الاحوال.. وبابتسامة مطمئنة.. يرحمها الله رحمة واسعة.
٭ الزمان هو 1949 1953 وكان الشيخ الطاهر قد توفاه الله الى رحمته في 1948/12/5 وهو مكب على عمله في مكتبه العامر وفي نفسه شيء من حتى، فبكاه اهل ام درمان، وأهل حيه وأساتذة المدرسة، وطلابها بكاء حارا، وتولى النظارة بعده الشيخ عبد الله عبد الماجد، وكان للرجل سماحة مظهر، وقدرات ثقافة عالية، يتيحها لنا في كل وقت غاب (أستاذ) عن حصته.. للمدرسة أساتذة موهوبون يجيدون التعريف بما يدرسون على رأسهم شيخ معمر هو شيخ فوزي، وللرجل هدوء غريب وتأمل وتدبر في كل شيء، واراه اليوم، بعين الامس مليئا بالثقافة والتجربة، كان ينطق بالانجليزية وأثار ذلك فينا دهشة ولعله خريج احدى مدارس (زمان الحكم الثنائي) في بداياته. كان يتميز بنظارة دائرية اشبه بما يلبسه (التروتسكنين) من اجيال ما بعد ثورة اكتوبر البلشفية في روسيا و(عمامة) وربما (احيانا برنيطة كاكي) وبدلة رمادية، احتملت سنواتها في لحظة الشراء.. وجلباب بدون الياقة المعروفة، انما هي اقرب لما يلبسه اهلنا الختمية، وحذاء نظيف مما كنا نسميه (بالقزاز) وشراب أي جورب، يقارب لون الجزمة الرباط.. وحدثنا عن التاريخ والجغرافيا فعلمنا مصطلح (الفندق) ومعنى (الجيلوجيا). ولقد وصف لنا حدود ام درمان يومذاك ولم ينس ان يعدد لنا اسماءها واهميتها. وقبل ذلك كثيرا ما (خرم) بنا الى (نهايات حكم السلطنة الزرقاء).. ولعلي اذكر انه قد قال بانه عاش اواخرها، وحدثنا في ذلك السياق عن (الدلدماية) و(الدقجاية) مما عثرت عليه اخيرا في (معجم اللهجة السودانية) للبروفسير عون الشريف. سكن الشيخ فوزي قريبا من (مقابر الشهداء) في (ود ارو)، وليس بعيدا عن (حي القلعة) وجاوره في الطلاب الدفعة (عبد الوهاب احمد آدم) ترنه رحمة الله عليه وعباس احمد عباس ثم كان من اساتذتنا (الشيخ خالد ابو الروس والرجل معلم بدرجة (عشق) (فالسبورة) عنده حياة والتعليم عنده مدخل لفلسفة ما كان يعلمها غيره: درسنا (الحساب)، وما كنت من (أهل الحساب)، ومازلت. وبرع فيه من الزملاء الاعزاء أحمد وعبد القادر محمد حسنين الرفاعي، وابراهيم حمد النيل، وبانقا مهدي عبد الرحمن، ومحمد المصري نوري، (البروفسور محمد نوري الامين استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم). كان لطريقة الشيخ خالد في التدريس نكهة ثم انه (رجل سياسي انصاري قومي الهوى). علمنا فيما عرض من تمثيليات معنى (النسيج الاجتماعي الواحد) كان (يضحك في صفاء) ويعلمك (الانضباط في قوة)، ولا تأخذه في الجلد حين يغضب لومة لائم، كان نموذجا. نعتز به تماما، (فالسخرية) عنده باب من ابواب الحوار، ثم (الشيخ عبد الله ابو حراز) بجلبابه الواسع الفضفاض وكلماته البطيئة.. وهو يعلمك الحروف الاولى ويناديك باسم اسرتك او اسم ابيك.. يا ولد.. يا ود موسى الحواتي.. وفي مرات كثيرة.. هوي (يا السجمان) للرجل.. بشاربه الابيض الكث ولحيته الشعثاء، (جلدة) من خشب (ذات لسانين).. يهدد بهما كثيرا.. ولا تكاد تلمسك احدى لسانيها الا نادرا كان من اولاده معنا في الدفعة (سيد) و(أنور).
هناك (شيخ سيد) وكان شابا - للغرابة يلبس الجلباب في اكثر اوقاته - دون طاقية او عمامة ولعله قد سبق ابراهيم عوض ، الفنان الذري، في شق الشعر . وكان جادا ومتمرسا بالتعلم.. اين هو ؟!
كان هناك استاذ عبدالله احد خريجي المدرسة الاهلية الوسطى بام درمان وذكر لنا انه من سكان الموردة وكان حفيا بالجغرافيا ولقد استنتجت فيما بعد انه كان تحت تأثير الاستاذ مبارك ، احمد بابكر استاذ اللغة الانجليزية .. وكان ذلك حين يصرخ يا شررر في .. وكان يقصد حسين شرفي..
وجاءنا استاذ محمد صالح.. والمدرسة تعد نفسها لامتحان اللجنة.. فكان بعض نشاط وحصص اضافية .. وجاء عبدالمنعم التوم .. وكان زمانا جميلا..
فاين هؤلاء الاساتذة واين الطلاب في تلك المرحلة تحديدا وبعد فما زالت اناشيد المجد للوطن ومنقو قل لا عاش من يفصلنا .. وصه يا كنار.. نطن في الاذن...
للمدرسة (جيوبوتيك) ان صح التعبير وجاز غير عادي ، فهي ليست بعيدة عن سوق امدرمان، في ابهى ازمنته.. وألقه.. وسكان الحي فيما اورد الدكتور عثمان سوار الذهب في كتابه عن احياء امدرمان العريقة.. نقلا عن الاستاذ احمد محمد حسين الرفاعي رحمة الله عليه.. كانوا قوة فاعلة في حركة المجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، عبدالله خليل ، اسماعيل الازهري، عبدالخالق محجوب، علي عبدالرحمن الضرير، آل النحاس ، آل البكري، آل عوض ابو العلا ،شاعر الوطن المجيد حسن عوض ابو العلا وآل ابورجيلة وآل عبدالمنعم محمد والسادة الاسماعيلية ، آل القوصي وآل حداد، وعمنا الرشيد والد الرفقة الهادي الرشيد، وعبدالله طه والد الرفقة بدر الدين، رحمة الله عليه وآله حمدين عبادي وآل فريد وآل بغدادي وآل عمر الامين العمرابي وآل العجبان وآل كبوشية وآل الكبيدة واشتهر الحي ، بحوش التفراز وطه دولة كلبُس وبعضهم سكان من الجالية الهندية وبفندق افتتحه (كيشف) رحمة الله عليه سماه (لوكندة الهلال) وسكن بالحي لاعب المريخ المعروف (كلول) واسرة آل مضي والدكتور ابراهيم انيس وآل البروفسور برعي وسكنه في هذا الحي عابدين عوض واولاده، وكان بالحي مخبز البخيت..وليس بعيدا عن حرم الحي، كان منزلي (كرومة) و(سرور).. كان الحي وما حوله نسخة من كيمياء الحراك الفكري والنفس العضوي والوجداني.. وهناك الكثير فالمعذرة لمن لم اتذكر وابين..
هذا الحي ، شهد في مرحلتنا بالدراسة بمدرسة شيخ الطاهر.. كل مظاهرات بدايات الحكم الوطني ، وظل (الرادي) يزحمنا بالحرب الكورية كما ظلت سينما قديس وام درمان الوطنية.. تحفنا بأخطر افلام الكاوبويات والمغامرات وسراج منير وكوكا وشكوكو، وطلب دار الرياضة تملأ جوانحنا بلقاءات عمالقة الكرة الهلال والمريخ والموردة واميز لاعبيها .. مما ينعكس عى مبارياتنا المحلية او مكاواتنا ، وكان اقوى ما يضرب له بعضن حسين ينهال المريخ علي الهلال بالاصابات القوية .. والتي يترجمها عبدالعظيم في سينما برامبل قبل المناظر بأغنية الحقيبة الشهيرة يالهلال الغاب واختفى ..
وكان لجيلنا بعض اسماء تعارفنا عليها.. لم نغضب احدا: الدب ، السوسيو، الجمل، القعونجة، شيتا، الضب ، البقرة، قماري، الدجاجة، ،لقد حمل لنا ميدان الحديد اسماء ذات رنين : الدميج وكبوشية، ،الثغر ..ال
في بعض اسماء الدفعة عبدالقادر واحمد حمد حسنين الرفاعي، بانقا مهدي عبدالرحمن ، حسين يونس، عبد المجيد عابدين الجعفري (رحمة الله عليه) ابراهيم النيل، عصام شرفي ، حسين شرفي، محمد عثمان العوض، حيدر ود البرعي، محمد احمد محجوب ، شيتا، والفاتح ، ميرغني قنديل عبدالرحمن حسن ومصطفى ابراهيم من آل شعيب، عبدالرحمن يوسف الجعلي ، محمد نوري الامين (المصري) واحمد المصطفى ، احمد عبدالرحمن ودحجة ، صديق وحمزة علي الطيب ، مصطفى الصايغ، عوض منصور، عبدالوهاب احمد آدم، (ترنة) ، عباس احمد عباس وسيديه وكمال برعي وفضل المولى حميد، وعبدالوهاب عبد الحميد، وبدوي ود المحسية، آل عباس احمد عباس وكان غريبا ان يلتقي غالبية اولاد هذه الدفعة في المدرسة الاهلية الوسطى 1983 - 1957م.. وهذا حديث آخر...
التحية لمدرسة شيخ الطاهر الشبلي في مضيئها والانحناء لنظارها..
ملاحظات غير عابرة:
- المأمول ان تنطلق اللجنة القومية لاحياء مدرسة الهداية في عمل جاد باتجاه:
تجديد دورها التعليمي الرائد باعادة فتح المدرسة.
- التوثيق العلمي لنشأة وتطور المدرسة.. باصدار كتيب علمي يفصل كل ما تعلق بدورها.
- ان تتولى وزارة التعليم العام.. المساعدة - في البدء في هذه الخطوات.
- ان تتم سير ذاتية لكل خريجيها من ذوي الاثر ، في تطور المجتمع، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا.
- ان تختص اجهزة الاعلام بدور هذه المدرسة
- كتب لافتة المدرسة (ولا ندري اين هي) الخطاط محمد سليمان خليل شقيق العميد (م) ميرغني سليمان خليل..
- عاصر المدرسة ، على ايام مرحلتنا (مدرسة الهجرة) ومدرسة الاساس، ومدرسة الجاردن الاولية، ومدرسة بيت الامانة، ومدرسة حي الضباط ، ومدرسة شيخ حامد عبدالماجد، وكثيرا ما التقى فريقا مدرسة الهداية، بمدرسة الاساس، ولم تخلُ نهاية كل مباراة من (مشكلة) او مشروع شكل ولعلي احي اخانا بكري حبشي وباب الله..
- تميزت مدرسة شيخ الطاهر الشبلي، بنظام النبطشية في تنظيف المدرسة وكان سلوكا تربويا قويما..
ذكروا من ضمن خريجي المدرسة من كان لهم اثر كبير في حركة التطور السياسي، الزعيم اسماعيل الازهري، والدكتور عبدالغفار عبد الرحيم والاستاذ الكبير دفع الله الحاج يوسف.. والدكتور بشير البكري ، عبدالخالق محجوب ابو الغابات الدكتور كامل شوقي واللواء طلعت فريد، واللواء احمد رضا فريد والفريق فتحي احمد علي والاستاذ محمد ميرغني وكمال ترباس..
التماس للسيد رئيس الجمهورية :
هذه المدرسة ظلمها خريجوها واهلها كما ظلمتها الحكومة فهو ظلم مركب وهل الى عودة ألق المدرسة من سبيل ؟ ولعلي اتطلع ان يوجه السيد رئيس الجمهورية بتكريم رائدها المرحوم الشيخ الطاهر الشبلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.