بصورة أقرب إلى الخيال والأعمال الدرامية تجدد مشهد سقوط الطائرات بالسودان، إذ استشهد قبل يومين (5) من أفراد القوات المسلحة إثر تحطم مروحية نقل عسكرية من طراز «إم آي 17» بمنطقة «قولو» القريبة من مدينة الفاشر في شمال دارفور، أثناء محاولة هبوطها في مطار الفاشر.. وفي الثالث عشر من أبريل 2010م هوت مروحية تدريب حربية تابعة لسلاح الجو السوداني على أرضية مطار الخرطوم، ما أدّى إلى مصرع أحد أفراد الطاقم، ونجاة اثنين آخرين في حالة خطيرة. وقال المُتحدث الرسمي للقوات المسلحة؛ العقيد الصوارمي خالد سعد، إن الطائرة (Mi-17) كانت في رحلة عمل إداري حول الفاشر، وأن التحقيقات الأولية أفادت بأن الطائرة سقطت نتيجة عُطل فني في محركها، واستشهد في الحادث كابتن الطائرة برتبة رائد، بجانب ضابطين و(2) ضباط صف.. بينما يرى بعض المُختصين أن نظرية «المؤامرة» كانت حاضرة في تلك الحوادث.. تقول الجهات الرسمية إن المُبررات الموضوعية لتحطم تلك الطائرات متوافرة أيضاً.. وقالت المصادر إن الطائرة المنكوبة كانت في طريق العودة من مُهمة عسكرية بمنطقة «كرنوي» شمال غرب الفاشر.. ورغم الشائعات التي سرت كسريان النار في الهشيم بأن الطائرة قصفتها الحركات المُسلحة، إلا أن والي شمال دارفور؛ محمد عثمان يوسف كبر، استبعد إمكانية وجود عمل عدائي أدّى لسقوط الطائرة، مبيناً أن الحادث نتج عن عُطل فني. وأفراد طاقم الطائرة التي تهشمت يالقرب من الفاشر هم: «طيار أحمد محمود، الملازم صديق أحمد حمزة، المساعدان الفنيان عبد الكريم قسم وعارف موسى، ووكيل عريف كان في إرسالية مرضية». ويقول الخبير في شؤون الطيران الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله، ل(الأهرام اليوم) إن الطائرة التي سقطت بالقرب من الفاشر يصعب التكهن بأسباب سقوطها، باعتبار أن المنطقة «ملتهبة» ويصعب توافر معلومات حولها، لكنه أكد أن عوامل الطقس، أو ضبابية الرؤية، أو وجود عُطل فني قد تكون أحد أسباب سقوطها. وحول تفاصيل الطائرة التي سقطت في الثالث عشر من أبريل 2010م، على أرضية مطار الخرطوم بالقرب من المطار الحربي، قال المُتحدث الرسمي باسم الجيش؛ العقيد الصوارمي خالد سعد، إن مروحية ماركة (Mi-24) سقطت على أرضية المطار بالقُرب من المطار الحربي أثناء محاولتها الإقلاع، وأن النيران اشتعلت في أحد مُحركاتها قبل انحرافها عن المدرج واحتراقها، ومقتل أحد طاقمها المكون من (3) أشخاص.. وذكر شهود عيان أن المروحية المنكوبة حاولت الإقلاع بالجزء الشمالي الشرقي لمدرج المطار لكنها هبطت سريعاً، قبل أن تهوى على الأرض إثر المحاولة الثانية، وأن النيرات اشتعلت في مؤخرتها قبل أن تتصاعد أعمدة الدخان بكثافة.. بالعودة إلى سيناريوهات حوادث الطيران بشقيها الحربية والمدنية بالسودان في غضون ال (51) عاماً الماضية نجد أنها خلفّت ما لا يقل عن (300) قتيل. ويقول الخبير في شؤون الطيران الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله، ل(الأهرام اليوم) إن عملية سقوط الطائرات غير مرتبطة بالموديل، سيما وأن الصيانة الدورية الجيدة تُمثل مربط الفرس لكل الطائرات حديثها وقديمها.. وتُعتبر حادثة تحطم طائرة سودانير طراز بوينج (737) في يوليو 2003م أكثر حوادث الطيران مأساوية في البلاد، أسفر عن مصرع جميع ركابها ال(511) بعد سقوطها بعد وقت قليل من إقلاعها من مطار بورتسودان، في طريقها إلى الخرطوم، ولم ينج من الحادث سوى طفل صغير يدعى «محمد الفاتح عثمان أبو سبعة»، وكُتبت للطفل النجاة من براثن الموت بأعجوبة، بعد أن علق بشجرة قبل أن تهوى الطائرة إلى الأرض بلحظات، وتدخل أحد المواطنين لإنقاذه، لكنه فقد إحدى ساقيه، فضلاً عن تعرضه لبعض الحروق. في 30 يوليو 2005م اهتزت البلاد لمقتل النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب؛ جون قرنق دي مبيور، بعد (20) يوماً لدخوله القصر الجمهوري بالخرطوم بعد تحطم مروحية رئاسية أوغندية كانت تقله في منطقة نائية في رحلة عودته إلى «نيوسايت» بجنوب السودان. وقبلها بسبع سنوات وبالتحديد في فبراير 1998م لقي النائب الأول للرئيس الفريق الزبير محمد صالح، مصرعه بعد أن هوت طائرة «انتنوف» كانت تقله ومرافقيه في نهر السوباط قبالة مدينة الناصر بولاية أعالي النيل، ولقي بجانب الزبير (20) آخرون مصرعهم أبرزهم القائد الجنوبي البارز أروك طون أروك، والمهندس محمد أحمد طه، وعبد السلام سليمان سعد. وشهد أبريل 2002م مصرع العقيد إبراهيم شمس الدين، وزير الدولة للدفاع، وأحد أبرز أعضاء مجلس قيادة الثورة السابق الذي تسلم الحكم في الانقلاب العسكري عام 1989م، بجانب (41) من كبار ضابط الجيش إثر تحطم طائرة عسكرية لدى انحرافها على مُدرج «عدارييل» بأعالي النيل نتيجة عاصفة رملية. في يونيو 2008 م كانت البلاد على موعد جديد مع حوادث الطيران المأساوية المتمثلة في احتراق طائرة من طراز «إيربص»، تابعة للخطوط الجوية السودانية، قادمة من العاصمة السورية دمشق، على أرضية مطار الخرطوم أسفرت عن مقتل (30) راكباً وإصابة ما لا يقل عن (20) آخرين فيما نجا (160) راكباً، واشتعلت النيران في جسم الطائرة بضراوة، وروى الناجون حكايات مفزعة عن كيفية نجاتهم من أتون اللهب داخل جحيم الطائرة.. لم يمض وقت طويل حتى تحطمت طائرة شحن جوي من طراز «انتنوف 12» روسية الصنع، في جنوب السودان أثناء رحلة عادية لها من الخرطوم إلى مدينة جوبا عاصمة الجنوب، أدىّ إلى مقتل ( 7) من طاقمها، فيما نجا واحد، وتلتها حادثة سقوط طائرة شحن «يوشن» تتبع لإحدى شركات الطيران الخاصة داخل الساحة الخضراء بالقرب من حي «أركويت» بعد دقائق قليلة من إقلاعها من مطار الخرطوم.. في مايو 2008م لقى وزير الجيش الشعبي بحكومة الجنوب دومنيك ديم مصرعه و(19) عسكرياً بالجيش الشعبي في حادث تحطم طائرة بين مدينتي واو وجوبابجنوب السودان، وذكرت المصادر حينها أن الطائرة تابعة لشركة التواصل الجوي التابعة لجنوب السودان، وتحطمت عند اقترابها من رمبيك.. وحول ما إذا كانت الطائرات التي تعمل في السودان قديمة ومنتهية الصلاحية، يؤكد الخبير في شؤون الطيران الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله، ل(الأهرام اليوم) إن الطائرات وإن جاءت من المصنع لتوها فإنها قابلة للأعطال والتحطم لأي سبب من الأسباب.