{ أثار الخبر الذي انفردت به (الأهرام اليوم) الأسبوع الماضي عن استقالة وكيل وزارة العدل، المدعي العام لجرائم دارفور، مولانا «عبد الدائم زمراوي»، لغطاً واسعاً، وقلقاً غير مبرَّر داخل وزارة العدل، مما جعل بعض مسؤولي وموظفي الوزارة - المناط بها تحقيق العدالة في البلاد - يمارسون ضغوطاً، ويرسلون وعيداً إلي محرِّرتنا المتخصِّصة في الشأن القانوني ومؤسَّساته، الزميلة «إخلاص النو»، مهدِّدين بمنعها من دخول وزارة العدل خلال الفترة القادمة!! { ولا شك أنه مسلك مخالف للدستور، ولقانون الصحافة والمطبوعات الذي يكفل للصحفي حقّ الحصول على المعلومات من مصادرها، بل يلزم مؤسسات الدولة بتوفير المعلومات للصحفيين، ويحفظ لهم الحق في الاحتفاظ بجهات وأسماء المصادر وعدم التصريح بها. { إن بعض موظفي الشؤون المالية والإدارية والعلاقات العامة، لم يقرأوا قانون الصحافة والمطبوعات الصحفيّة، كما يبدو أن إلمامهم بمواد الدستور الانتقالي للعام 2005، ضعيف، ولهذا المفروض أن يتم تسريحهم هم من وزارة العدل، لا محرِّرتنا الأستاذة «إخلاص النو»، لأنها ظلت تقدِّم خدمات جليلة لهذه الوزارة لنحو (عشر سنوات)!! { ولعلم هؤلاء، فإن رئيس التحرير أو من ينوب عنه هو الذي يختار المحرِّر أو المحرِّرة لتغطية أنشطة وزارة، أو هيئة، أو مؤسَّسة، أو قطاع، حسب ما يتوفَّر للمحرر أو المحررة من خبرات ومعرفة وعلاقات داخل تلك الجهة. { وليس هناك من دليل أقوى على صحة اختيارنا للأخت «إخلاص» لتغطية أنشطة وأخبار وزارة العدل، من انفرادها بالحصول على استقالة مولانا «زمراوي» دون زملائها من الصحفيين والصحفيات. { والخبر صحيح مئة في المئة، وقد حاول مسؤولو الإعلام بالوزارة نفي الخبر، بنشر (توضيح) عبر كالة السودان للأنباء، لكن التوضيح كان تأكيداً لخبر (الأهرام اليوم)، وخلاصته أن «زمراوي» استقال، بصفتيه، وكيلاً للوزارة ومدعياً عاماً!! { البعض رأى أن نشرنا لخبر الاستقالة بالتركيز في عنوان الصحفة الأولى على صفة المستقيل الثانية (مدِّعي عام جرائم دارفور) قد سبَّب ضرراً أو حرجاً للدولة، على خلفيّة الأزمة القانونية الدولية بشأن جرائم دارفور. { لكنها (تقديرات)، وليست (مطلقات)، هل الأفضل أن أقول: (استقالة وكيل وزارة العدل في السودان) لأضرب كل النظام العدلي في البلاد؟ أم أميل إلى جزئية (جرائم دارفور) التي لن ترضى عنكم (اليهود) و(النصارى) في ما يتعلق بملفها، سواءً استقال «زمراوي» أم لم يستقل؟!! { إن التعاطي مع استفسارات المؤسسات الدولية (أمم متحدة) أو (مجلس أمن) أو (سفارات أجنبية) عند السؤال عن مثل هذه الأمور، يجب أن يكون بعيداً عن (القلق) الزائد، والبحث المضطرب عن (تبريرات مصنوعة) لن تقدم ولن تؤخر حول موقف تلك الجهات من النظام العدلي في السودان. { استقال مولانا «زمراوي» - حسب معلوماتنا - بسبب خلافات (إداريّة) موجودة في كل الوزارات، وقد كانت تعجُّ بها وزارة الصحة الاتحادية لعهد طويل، ولم يتدخل أحد لحسمها حتى بلغ السيل الزُبى. { عالجوا المشكلات قبل أن تتفاقم، ولا تلوموا الصحافة وتتهموها بالباطل، فإننا لن نرضى الدنيئة في صحافتنا، ولن نمتنع عن نشر أخبار (الاستقالات) في (العدل)، أو في غيرها، لأنها دليل عافية ولأنها مسؤوليتنا.