في حوار أُجري معها الأربعاء الماضي، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري رودهام كلينتون: «على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يعودوا فوراً إلى مائدة المفاوضات»، وهو انحياز سافر للموقف الإسرائيلي، فالفلسطينيون عندما توقفوا عن التفاوض فإنهم فعلوا ذلك لأن الإسرائيليين عادوا إلى بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبدلاً من أن تطلب الوزيرة كلينتون من الإسرائيليين تجميد بناء المستوطنات ليتسنى للفلسطينيين أن يعودوا إلى مائدة المفاوضات، فإنها طلبت من الطرفين العودة إلى التفاوض، وهذا معناه أن يتفاوض الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، وأن يستمر في نفس الوقت بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، التي هي الضفة الغربية والقدس الشرقية. وعلى ذلك فإنه إذا ما كتب للدولة الفلسطينية المستقلة أن تتحقق على الأرض، بعد أن تحققت تقريباً على الورق باعتراف عشرات الدول بها، فإن هذه الدولة سوف تكون مكتظة بالإسرائيليين، مما سوف يؤثر سلباً على الاستقلال الفلسطيني. ولذلك رفضت السلطة الوطنية الفلسطينية، التي يرأسها محمود عباس أبو مازن، العودة إلى مائدة المفاوضات، ورغم الضغوط الهائلة التي كانت ولا تزال تتعرض لها من الأمريكيين والإسرائيليين وبعض العرب، وكان منهم الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، لتتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية، إلا أن السلطة الوطنية الفلسطينية مازالت متمسكة بموقفها الرافض للتفاوض في ظل استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقد اعتزم الفلسطينيون أن يطرحوا قضيتهم المزمنة العادلة سبتمبر القادم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبين بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وسعت إسرائيل ومن هم وراءها للحيلولة دون ذلك، وقال مسؤول إسرائيلي: إن اعتراف الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية المستقلة لن يكون إلا رمزياً، أي أن قيمته رمزية، متعامياً عن حقيقة أن إسرائيل نفسها ظهرت للوجود بشرعية قرار أصدرته نفس الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947م. ونرجع إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون السادرة في انحيازها إلى إسرائيل، فقد قالت في حوار الأربعاء الذي بدأنا به: «إن الولاياتالمتحدةالأمريكية سوف تعارض أية محاولة من جانب واحد يقوم بها الفلسطينيون للإعلان عن دولتهم من داخل الأممالمتحدة» وركزت على ضرورة أن يكون حل الدولتين ناجماً عن التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إن الانحياز الأمريكي لاسرائيل قصة طويلة، وهي تعني الكثير، وفي مقدمة ما تعنيه أن العالم العربي الرسمي ضعيف، عاجز، نائم ومستسلم، وربما راغب عن تغيير الموقف الأمريكي المؤيد باستمرار لإسرائيل.