عندما اندلع العنف الفلسطيني في القدس قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل أيام: «بين إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية رابطة متينة غير قابلة للاهتزاز». وفي نفس اليوم وهو تحديداً يوم 16 مارس قال مايكل اورين سفير إسرائيل في الولاياتالمتحدة إن ما نُسب إليه ليس دقيقاً، وقد نُسب إليه قوله: «إن الأزمة الناشبة الآن بين إسرائيل والولاياتالمتحدة هي الأسوأ خلال ال(53) سنة الماضية» وبعد يوم واحد فقط قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: «إن الأصدقاء يختلفون أحياناً».. وأنكر وجود أية أزمة بين البلدين. وأصل الحكاية أن وزارة الداخلية الإسرائيلية وافقت على بناء ألف وستمائة وحدة سكنية في «رامات شولومو» الحي اليهودي في القدسالشرقية، وحدث ذلك خلال زيارة بايدن نائب الرئيس الأمريكي للقدس، عشية المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. والنائب بايدن متعاطف مع إسرائيل لكنه اعتبر الإعلان عن بناء الوحدات السكنية خلال زيارته إهانة، وهو نفس موقف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. وفي الأنباء أيضاً أن الولاياتالمتحدة طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخاذ بعض الخطوات للتأكد من جديته في التفاوض غير المباشر مع الفلسطينيين، ويقولون إن نتنياهو أرسل الى الإدارة الأمريكية تعهدات خطية تتضمن الموافقة على أن تتناول المفاوضات مواضيع التسوية النهائية وفي مقدمتها القدس والحدود والبدء في إجراءات بناء الثقة. إن موضوع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية مازال يشغل أوسع المساحات في الصحافة العالمية، وفي كل يوم تعليق أمريكي وآخر إسرائيلي، وهناك فعلاً أزمة سببها الإعلان الإسرائيلي عن بناء ألف وستمائة وحدة سكنية في القدسالشرقية وتوقيت ذلك الإعلان ؛ إذ صدر خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي بايدن الى إسرائيل الأيام الماضية. ومازال الفلسطينيون متمسكين بأن القدسالشرقية هي عاصمة دولتهم المرتقبة، بينما يرى الإسرائيليون أن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل. وقد خضعت القدسالشرقية للاحتلال الإسرائيلي في 67 وكانت قبل ذلك تتبع إدارياً للمملكة الأردنية الهاشمية. لكن الراجح أن هذه (الأزمة) الأمريكية اليهودية سوف تنتهي دون أن تترتب عليها تغييرات جذرية في العلاقات بين الطرفين، وهي علاقات راسخة حميمة عبّرت عنها إحدى الجرائد الغربية من يومين بمقال عنوانه (أين ذهب كل ذلك الحب) في إشارة الى التصريحات غير المعهودة التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون عقب أزمة الوحدات السكنية المزمع تشييدها في القدسالشرقية. نعم، بين الطرفين الأمريكي والإسرائيلي حُب، وما أدراك ما الحب!! وهو أحياناً يستمر مع افتقاره لكل مبرر.. وأحياناً ينتهي بلا أسباب منطقية. والعرب.. أين العرب؟ ولاحظنا أنهم لم يتخذوا أية خطوة جادة لاستثمار الأزمة الناشبة بين الحبيبين لصالحهم. إن الحب الأمريكي الإسرائيلي لم يذهب لكنه يعيش أزمة، والأزمات تجدد الحب مثلما أن الشكر يُحيي الغرام كما قال المحبون العرب.