في كتابه (أسرار جهاز الأسرار) 1993م للأستاذ عبد العزيز أبو رنات، يكشف فيه عن معلومات في غاية الأهمية تتصل بحقبة الرئيس نميري وأجهزة الأمن فيها، وقد أماط اللثام عن معلومة تفيد بأن الرئيس نميري وإثر عودته من رحلة علاجية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأ في تناول عقار معين لنوع من مرض الضغط العالي أشتهر به الحكام ورجال الأعمال وأصحاب المسؤوليات الجسام، بعد أن أجريت له جراحة في شرايين متصلة بالرأس. بما أن العقار قوي ويتم تناوله في أيام محددة من الأسبوع، فقد نصح الأطباء الأمريكان النميري عند تعاطي هذا العقار أن يخلد للراحة التامة وألا يقوم بإصدار أي قرارات متعلقة بالعمل. وقد أبدى أحد دبلوماسي السفارة الأمريكية بالخرطوم انزعاجه من تحرك الرئيس النميري أثناء فترة العلاج. وقال إن الرسالة التي حملها له الأطباء بأن يخطروه بأن هذا الدواء يجعل الجسم والعقل مسترخيين، وأنه عندما يحدث هذا الاسترخاء فإنه قطعاً سيكون في حالة أخرى ويكون كمن يتخذ قراراً وهو نائم. توالت في تلك الفترة القرارات التي تتخذ في المساء وتلغى في الصباح، وقد كان معروفاً عن النميري قبل تلك الفترة أنه اذا إتخذ قراراً فإنه لا يتراجع عنه مهما كان، ولعل هذا ما دعا الرئيس النميري ليطلق شعاره المعروف (إن الثورة تراجع ولا تتراجع)، هذا وقد تسرب أمر هذا الدواء لمن هم حول الرئيس وأنه يجعله غير متزن في اتخاذ قراراته وبذلك عرفوا نقاط ضعفه، وقد كان هناك اتهام قوي للبعض بأنهم قد استغلوا لحظات ضعف الرئيس لاستصدار الكثير من القرارات، وقد كان هناك استغلال منظم لحالة الرئيس تلك من أطراف كثيرة ومتناقضة. يتساءل الدكتور عمر هارون الخليفة في كتابه (علم النفس والمخابرات) عن الدبلوماسي الأمريكي الذي أبدى انزعاجه من تحرك الرئيس نميري أثناء فترة العلاج، وهل هو خبير في وكالة المخابرات الأمريكية (CIA)؟ ويتساءل كذلك عن الأطباء الذين أخطروا نميري بأن هذا الدواء خطر عليه؟ وهل بوكالة المخابرات الأمريكية أطباء متخصصون في علم النفس؟ ويتساءل عن عينة الدواء الذي يجعل الجسم والعقل مسترخيين؟ وما هي علاقة الاسترخاء بموضوع النوم؟ وهل هو نوم عادي بتأثير كيميائي للدواء؟ أو نوم من نوع آخر؟ وكيف يكون الدواء خطراً على الدولة؟ وهل كانت النتيجة هي التغير في شخصية نميري من خلال القرارات الصادرة والملغية في ذات اليوم؟ وما هي علاقة ضعف نميري بعد تناول الدواء وبين عملية تغيير التفكير التي حدثت للنميري وغيّرت في توجهاته الأيدولوجية؟ وهل لذلك علاقة بغسيل الدماغ؟ وهل تمت وفق تقنيات علم النفس أو وفق عمليات التغيير الأيديولوجي؟. يقول الدكتور عمر في كتابه هذا وهو متخصص في علم النفس أن علماء النفس بالمخابرات الأمريكية قاموا بعدة أبحاث وتجارب لصالح المخابرات تم تطبيقها على بعض الأجانب من غير علمهم للقيام بعملية تقييم سيكولوجي سري، وقد شملت هذه الأبحاث قادة ورؤساء. ويقال إن زيارة جورج بوش للسودان في الأيام الأخيرة لفترة حكم الرئيس نميري، كان يرافقه فيها عالم نفس متخصص في سيكولوجية الشخصية لكي يقوم بعملية تحليل شامل لشخصية النميري ما أن كان يصلح في الاستمرار في الحكم من عدمه. ويقال إن تقرير هذا العالم تضمن بعض سمات عدم الاتزان في البناء النفسي لشخصية نميري مما يعوق استمراره في الحكم. انتهى حديث الدكتور. ما حواه هذان الكتابان من حقائق علمية ووقائع حقيقية يؤكد الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يقع فيه القادة والرؤساء الأصدقاء لأمريكا أو إسرائيل، وقد حدث ذلك للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقد كافأته إسرائيل وأمريكا بتسميمه لمجرد أن سقف التنازلات عند عرفات لا يرقى إلى طموحاتهم، وكذلك تعرض الرئيس الأسد لعملية الحصول على (بوله) بمساعدة دولة عربية بعد أن صممت إسرائيل (مقعد حمام) لهذا الغرض خصيصاً وبعد أن حصلت على عينة البول تنبأت بقرب رحيله وقد كان؛ وقد أشاعت ذلك قبل رحيله ونفته السلطات السورية، ولكن في النهاية المقدر وقع. أحياناً أحس أن مقاطعة أمريكا لنا فيها خير كثير وقد ثبت ذلك حين تخلت عن حلفائه. والشر كله إن غادرت إليهم مستشفياً، فعلى أقل تقدير ستكون جزءاً من أبحاثهم وتجاربهم.