} ما زالت بعض المناطق بجنوب كردفان مغلقة على سكانها وكأنها سجن كبير يضم في داخله قرى ومدناً ومجموعات مقدرة من المواطنين؛ يطلقون عليها المناطق المختارة، وقد كانوا يطلقون عليها قبل ذلك المناطق المحررة، ويسيطر الجيش الشعبي داخل هذه المناطق على كل شيء حتى أنفاس الناس وحريتهم في العبادة والتعبير والاقتراع الانتخابي تحت سطوة شعارهم الشهير: (يا النجمة يا الهجمة). وقد خرجت الحركة الشعبية ب (105) ألف صوت هي كل السجل الانتخابي في المناطق المختارة دون أن تتلف بطاقة اقتراع واحدة وينجز مثل هذه الأعمال وغيرها الجيش الشعبي. } هاتفني أمس من كادقلي أحد أئمة المساجد الذين اعتدى عليهم الجيش الشعبي وأغلق مساجدهم في كل من إيري وطرور وناولي ودبي ولموري ويارو، وقد خصني بتفاصيل مذهلة وكشف عن اعتداءات وحشية يمارسها الجيش الشعبي تنفيذاً لتعليمات صادرة من قياداتهم ترى في دور العبادة وإقامة الصلوات وكأنها أنشطة للمؤتمر الوطني، ولذلك يجب منعهم وإغلاق مساجدهم وطردهم من المنطقة حتى لا يشوشوا على المواطنين، وقد وقع اعتداء على مسجد بمنطقة (ناولي) في الخامس عشر من مايو الحالي في نفس اليوم الذي أعلن فيه نتائج انتخابات جنوب كردفان التكميلية مما أدى إلى استشهاد إمام المسجد (رجب) وتم نقل أحد المصلين إلى مستشفى كاودة لعلاجه ويدعى (وليم) وقد أسلم الرجل قبل شهور وغيّر اسمه إلى (عبد الله) إلا أن روحه الطاهرة فاضت لبارئها واستشهد في سبيل الدعوة في أشد المناطق قهراً ووحشية يتعرض لها مسلم لا يتجاوز نشاطه صلواته الخمس وسط أهله وعشيرته. } في منطقة (طرور) أغلق الجيش الشعبي المسجد على المصلين ومعهم أربعة من الدعاة وإمامهم وقد أفلح المصلون في الهرب فجراً وواصلوا مسيرهم حتى وصلوا إلى كادقلي منتصف النهار ونجوا بأنفسهم، ولكن كما يقول لسان حالهم أنهم صحيح نجوا من موت محقق ولكنهم تركوا الدعوة وراءهم دون أن ينهض إلى جوارها من يقوم بواجبها وسط أناس هم أحوج الناس إليها. } ذكر لي الإمام المعتدى عليه أن الحركة الشعبية في هذه المناطق تستهدف كل إنسان يداوم على صلاته وتستهدف أئمة المساجد وتعمل على تهجيرهم بأي وسيلة في ظل غياب أي وجود للشرطة أو للقوات المسلحة، ولذلك فإن انعدام الأمن يشكل العامل الرئيسي أمام كل شخص له الرغبة في ممارسة شعائره الدينية، لا سيما وأن أعداد المسلمين في هذه المناطق كبيرة، وأن هؤلاء الأئمة والدعاة هم من أبناء المنطقة ويساعدون أهلهم في الصلوات بالإمامة فقط دون مباشرة أية أنشطة أخرى قد تثير حفيظة هؤلاء. } هذه واحدة من المشاكل الكبيرة التي تعاني منها جبال النوبة وبالذات تلك المناطق التي ما زالت مغلقة في وجه حكومة جنوب كردفان قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى والأفراد وحركة التنقل، لتحتفظ الحركة الشعبية بمئات الآلاف رصيداً لتوجهاتها وتعبئتها السلبية والعنصرية، وقبل كل ذلك فإن الحركة تستهدف بيضة الإسلام وتعمل على محاصرة وتهجير دعاته من أبناء المنطقة حتى تنقطع الصلوات وتغلق دور العبادة وهذا يضع على عاتق حكومة هارون المنتخبة أمانة عظيمة تتصل بتحرير هذه الجموع المسلمة وغير المسلمة لتتخالط ببقية إخوانهم وتتعرف على الحياة والتنمية وعلى حقوقها وقبل كل ذلك تتعرف على الحقيقة وتتخلص من التعبئة العنصرية البغيضة وتثق في نفسها وتنهض بحياتها بعيداً عن شعارات التهميش والضعف والحياة البائسة داخل سجون الحركة الشعبية. } ينتظر الجميع حكومة ومنظمات ومؤسسات وأفراداً، عمل كبير تجاه هذه المناطق لاسيما وأنها مناطق مرشحة بسبب التعبئة السلبية التي تعرضت لها لأكثر من عقدين من الزمان لتكون خميرة عكننة وجنوب جديد، فهل سنترك الحركة الشعبية لتسرق منا شعبنا أم تفلح إستراتيجيتنا الجديدة - التي أدعوكم لتتواثقوا عليها - في لملمة أطراف البلاد وتوحيد وجدانها؟؟