الصادق المهدي الشريف [email protected] الأحداث المؤسفة في جنوب كردفان ليس لها ما يبررها... لولا (ساس يسوسُ).. قاتل الله السياسة التي أزهقت أنفساً بريئة في تلك الرحاب الجبلية. لكنّ منبر السلام العادل أصدر بياناً تحريضياً (حيَّ على الجهاد) في نهاية الإسبوع الفائت يدعو فيه الى الجهاد في جنوب كردفان. ومستوجِب الجهاد كما يقول البيان هو (دخول العدو بلداً من بلاد المسلمين) وهو ما يجعل الجهاد فرض عينٍ على مسلمي تلك المنطقة/الأرض. صحيح أنّ من دواعي الجهاد وإنتقاله من فرض الكفاية الى فرض العين هو (دخول العدو الكافر أرضاً يملكها ويعيش فيها مسلمون). ولكن... هل تنطبق هذه القاعدة على ما يحدث في جنوب كردفان؟؟؟. أولاً سكان كردفان مسلمون، وأعضاء الحركة الشعبية في تلك المنطقة هم من أبناء جبال النوبة من المسلمين. إذن (العدو) الذي يقصده بيان المنبر هم (مسلمو جبال النوبة) الذين ينضوون تحت لواء الحركة الشعبية.. وهم مسلمون بالميلاد.. لا يماري في إسلامهم أحد.. وليسوا كُفار. وبعد تثبيت إسلامهم يمكن الخوض في منهجهم السياسي الذي اسموه (السودان الجديد).. والخوض في هذا يستدعي جدلاً طويلاً حول ذلك المنهج. وبنصِّ الحديث الشريف (من قال لا إلاه إلا الله فقد عصم دمه وماله)، فالنطق بالشهادة يُدخل نفسَ المسلم ومالَهُ وعرضَهُ في نطاق العصمة. ما حدث في جنوب كردفان هو (عواسه سياسية) لا أكثر، ورغم أنّنا ندينُ ما حدث ويحدث هناك من تقتيل وحرق وتهجير للسكان بسبب المناوشات العسكرية.. إلا أنّ زيادة جرعة المشكلة.. ونقل موجة القتال الى الموجة الدينية هو أمرٌ اشدُّ فتنةً من كل ما يحدث. وللتدليل على تلك (العواسة) السياسية التي حدثت هناك.. فإنّ إستهداف التصفية الجسدية الذي حدث لم يستهدف قادة العمل الإسلامي في كادقلي ولا أئمة المساجد، بل إستهدف أعضاء المؤتمر الوطني، وهو حزبٌ سياسيٌّ وليس حزباً دينياً. خلط الأوراق السياسية بالدين هو الذي أضرَّ بالدين والسياسة معاً منذ بواكير الإنقاذ، فبعد تجريد الكتائب والمتحركات لقتال الحركة الشعبية/الجيش الشعبي (أعداء الله كما كانو يسمونهم) في صيف العبور وشتاء الحسم.. عادت قضية الجنوب الى إطارها السياسي.. وَوَقَّع المتحاربان في نيفاشا إتفاقاً سياسياً (وليس دينياً). على السياسيين أن يتداركوا الأمور في الجنوب الكردفاني قبل أن تزداد رقعة القتال.. وتزهق مزيدٌ من الأرواح.. ويُهجَّر المزيد من السكان. تداركاً سياسياً لمشكلةٍ سياسيةٍ. صحيفة التيار