الأسواق الشعبية التقليدية دخلت المدن الكبيرة وانتظمت بحواريها ومربعاتها وأمها الناس لأسعارها الزهيدة (الرخية)، فهل أصبحت البديل الأنسب لكسر طوق الاحتكار وغلاء المعيشة حتى غدت قبلة للناس واكتسبت القوة الشرائية يوماً بعد يوم؟ (الأهرام اليوم) دخلت السوق الكردفانية الشهيرة بسوق (أم دورور) وهو من أكبر الأسواق الشعبية التي أصبحت تكتسح عالم التجارة نسبة لما به من إقبال كبير من مختلف طبقات المجتمع. فالسوق الدائري أو سوق (أم دورور) كما يسميه أهل كردفان هو أحد الحلول الشبيهة ببروتوكول التبادل التجاري بين قرى وأرياف كردفان الكبرى شمالاً وجنوباً، فهي أسواق مترحلة تقام في يوم محدد ويؤمها أهل الريف الذين يعرضون بضاعتهم وهي غالباً ما تكون من المنتجات المحلية من المحاصيل الزراعية، كالذرة، الدخن، السمسم والتوابل واللوبيا وغيرها من التجارة المحلية، كما تأتيها رحلات التجارة المتجولة بمختلف السلع والبضائع التي يحتاجها القرويون ويصعب الحصول عليها إلا من المدن الكبيرة، ومن خواص هذه الأسواق أنها تمثل تجمعاً تجارياً يلتقي عنده الجميع الذين يأتون إليها من الأسواق والقرى البعيدة بشكل دوري منتظم، حيث تنشئ علاقات اجتماعية واقتصادية بينهم، ويمثل يوم سوق أم (دورور) ما يشبه العيد في القرية التي يحل بها، حيث يقضي الجميع يومهم في شغل شاغل بشراء حاجاتهم الأسبوعية وهي نادراً ما يجدها المرء في غير هذا اليوم إلا إذا ذهب لمسافات بعيدة إلى بعض الأسواق، حيث قال أحدهم: «عندما يحل السوق بقريتنا نجد ألواناً شتى من البضائع، والوجوه التي لا تتكرر دائماً». ومن مميزات سوق (أم دورور) كما قال مرتادوه، تنوع البضاعة المعروضة لمواطن القرية تبعاً لنوع المنتجات التي تشتهر بها المنطقة التي قدم منها التجار، إن كانت محاصيل زراعية أو ثروة حيوانية وغيرها من احتياجات المواطن، فمثلاً بسوق هبيلا تتغلب محاصيل اللوبيا والويكة ومنتجات الألبان من السمن واللبن على باقي البضائع، وفي آخر نجد القنقليز، السمسم، والزيوت. ويقول البوشاني وهو شاعر محلي مادحاً السوق: (أم دورور سوق مقدرة.. تلقى عدة ومنقة ومسطرة.. تلقى فالحين فوق الضرا.. وفي نهايتا تعرس مرة).