اللوحة التراجيدية السوداء على بساط الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بمحلية الخرطوم تتراءى أمام الناظر كطيف شاحب في الفضاء يكسر الأحلام الوردية ويعزف أوركسترا المواويل الحزينة. إنه خلاف طاحن ومبارزة في فيلم (كاوبوي) لا يوجد فيه منتصر ولا مهزوم بين مجموعتين في الاتحادي الأصل بمحلية الخرطوم، مشهد لا يمكن وصفه إلا بتجسيد عملية الصراع بين الأفيال في الأدغال أو كأنه يعكس نسخة كربونية من حروب الإخوة الأعداء. خصوصية النشاط الحزبي في منطقة الإشعاع الحضاري والفكري تمثل نكهة سامقة تحمل مضامين الميكانيزم السحري الذي يكفل القيمة السياسية التي تزيد من قوة التنظيم ونضارة البوتقة على دروب البرامج والأهداف. من هذا المنطلق يكتسب الاتحادي الأصل بالخرطوم ذلك البعد الأصيل الذي يدفعه إلى المركز الأول إذا قورن بالمناطق الأخرى على مستوى القطر، وأي عاقل يدرك من لوازم هذه المعادلة بأن الخلاف يحوّل الحزب بالخرطوم من مارد إلى قزم وفي المقابل فإن التلاحم والتجانس يدلق الحيوية في هياكله حتى يصبح عملاقاً يطير إلى الثريا!! في الأفق تتأطر الآن ملامح وتضاريس الخصومة الملتهبة على مستوى الاتحادي الأصل بالخرطوم بقيام ركائز التباعد والشقاق بين مجموعة المكتب التنفيذي المكونة من محمد عثمان الحسن ومحمد خير محجوب والنقابي جماع والخليفة أحمد عبدالله كرموش وكمال ناصر والرشيد شداد وأزهري حاج مضوي وأريج عروة عبدالحفيظ وبقية الكوكبة في مواجهة المشرف المحامي تاج السر محمد صالح وتوليفة أنصاره التي تشمل الخليفة عبدالوهاب عبدالغني والخليفة النور محمد النور والخليفة محمد أزرق والمحامي يوسف أحمد محمد عثمان والمحامي حافظ سيد أحمد وإنعام حسن عبدالحفيظ. معركة المجموعتين حامية الوطيس لا يفتر أوارها عكست مسلكاً مغايراً ونهجاً مختلفاً فقد تحصل كل فريق على دعم ومؤازرة قوية من قيادات الصف الأول في سابقة خطيرة للغاية وبالنتيجة يؤطر الموقف المأساوي انقسام الطاقم الأعلى بالحزب في هذه القضية كل مع مجموعة معينة!! فالتطاحن بات على أشده بين الطرفين وتحاول كل مجموعة دلق الفئة الثانية بالاتهامات والتقصير والإشارات السالبة وأحياناً لغة الهتر الشخصي!! وكانت الشرارة قد انطلقت عندما قرر المراقب العام المحامي بابكر عبدالرحمن تجميد اثنين من أعضاء المكتب التنفيذي، الأول بتهمة التفلت، والثاني بحجة عدم الإذعان بتنفيذ قرار تجميد الأول بحكم موقعه، حيث تطورت الأمور على شكل متوالية هندسية حتى جاء قرار حل المكتب التنفيذي وكان إيقاعه كالصاعقة فقد لاح الطوفان واختلط الحابل بالنابل وقد كان لسان حال أعضاء المكتب التنفيذي يقول يوجد قيادي من تيار الحلفاية ظل يرسل ألسنة من لهيب صوب مولانا من خلال منبره لكن لم يوجد من يحاسبه! فهل في المسألة خيار وفقوس؟ وفي السياق يتضاعف فتيل الأزمة عندما يقر المحامي علي السيد بأن سلطات المراقب العام تدخل في إطار مراقبة المؤسسات وليس الأفراد، منوهاً بأن أسلوب الضبط والربط والرقابة اللصيقة مرتبط بالأحزاب العقائدية ولا يتماشى مع التنظيمات الجماهيرية مثل الاتحادي الديمقراطي الأصل. ويرى المحامي علي السيد بأن جهاز المراقب في الحزب صار مثل البوليس وهذا منهج مضحك وجنائزي في آن واحد!! وفي زاوية معاكسة يقول المحامي هشام الزين مساعد المراقب العام إن سلطاتهم بحكم اللوائح تمنحهم حق المساءلة عن التفلتات والأعمال الخارجة عن المؤسسة الحزبية بخصوص الأفراد أو الجهات. والمحصلة هنالك جاذبية كهربائية تدفعنا إلى إرسال هذا النداء إلى مقام مولانا محمد عثمان الميرغني والعشم يطوقنا بأن نجد على يديه الفرج من الكربة، حيث كانت هنالك ملامح من الأمل والرجاء في محلية الحزب بالخرطوم قبل أن يحل الليل البهيم والقلق المقيم! سيدي مولانا.. إن الأوضاع القائمة الآن في محلية الحزب بالخرطوم غارقة في الخراب ولا تسر حتى الأعداء وما زال الدم ينزف هنالك والقضية صارت معقدة ومركبة. سيدي مولانا.. أنت أب الجميع من هنا وهنالك وكلهم يهتفون باسمك وتاريخك فلا يصح أن يستخدم البعض وزنكم وشخصكم الشريف كفة ميزان ينتصر بها على الفئة الثانية وهذا لا يليق بمكانتك العالية وحكمة أهل البيت النبوي. سيدي مولانا.. أنت الحكيم والحليم تعلم أن عملية التشخيص للقضايا لا تتم عبر الاستماع لوجهة النظر الواحدة، سيما إذا كانت تحمل في ثناياها الخصم والحكم وأنت بعلمك الغزير تدرك أن الحلول الناجعة تكون عن طريق جلوس كل الفرقاء والإلمام بالحقائق مباشرة وصولاً إلى الغايات المنشودة. سيدي مولانا.. إرثكم القائم على التسامح والتجاوز من لدن جدكم الرسول الكريم لا يسمح لكم بمطاردة من قيل إنه قد أساء إليكم ومحاولة الانتقام منه لدرجة هدم المعبد ولكم القدوة الحسنة في الحكمة النبوية «اذهبوا فأنتم الطلقاء». سيدي مولانا.. أقول لكم بكل الصدق والأمانة إنني في هذه المعمعمة الصاخبة لم أجد رجلاً نظيفاً وحكيماً مثل الحاج ميرغني عبدالرحمن فهو شخص بلا أجندة ذاتية بلا شحنات أطماع زائفة ينهل دائماً من إرث أجداده الميامين والبيت المبارك الذي ينتمي إليه، فالشاهد أن حاج ميرغني عبدالرحمن عندما علم بوجود سيناريو مسبق بإيجاد مشرف يقصي بعض الأشخاص رفض هذا المسلك وبذات القدر لم يوافق على تصعيد المكتب التنفيذي لإشكاليتهم عبر الإعلام وعندما ذهب إليه المحامي تاج السر محمد صالح يعرض عليه قائمة اجتماع دار الأصل أبدى له الملاحظات الشفافة بلا تدليس.