تقف المتاحف شاهداً على تاريخ الأمم بمكوناتها الثقافية بما تحتويه من آثار شاهدة على تقدم الحضارة فيها، والشواهد على ذلك كثيرة، ابتداءً من حضارة مروي، مروراً بالمملكة السنارية، والقائمة تشمل حضارات كثيرة متجذرة على الأراضي السودانية تحفها الأماكن، طال بعضها الإهمال فيما صمدت بعضها أمام عوامل الطبيعة القاسية وتغير البيئة متحف السودان القومي احتضن بعض تلك الحضارات المتفرقة على أنحاء كثيرة من البلاد. لكن بعضها استحال نقله مما أوجد ضرورة إنشاء متحف خاص بها في أماكنها الرئيسية ونستدل على ذلك بمتحف شيكان بولاية شمال كردفان ومتحف الدفوف بالشمالية الذي احتضن كثيراً من الآثار، يستوجب علينا أن نقف عند حضارة ضاربة في لج القدم، ألا وهي السلطنة الزرقاء وعاصمتها سنار، مركز الإشعاع الديني والعلمي. ولاية سنار تعد العدة منذ الآن لمهرجان سنار عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2017م مما جعل الفكر ينظر لشكل الاحتفائية منذ الآن وجعل أبناء سنار يفكرون في شكل الإخراج الذي ستكون عليه التظاهرة. فتم اختيار مبنى عتيق ليكون متحفاً لمدينة سنار الكائن غرب مباني إدارة الغابات، وهي مبانٍ قديمة منذ عهد الاستعمار وهذا الطراز المعماري الذي يمثل الفترة الاستعمارية يسمى (فكتورين إستايل)، وقد تم بناؤه متزاماً مع قيام خزان مكوار. هذا الصرح لا يوجد له مثيل أو ما يشابهه في المدينة نسبة لطريقة بنائه القائم على الحجر والأسمنت والطوب الأحمر المحروق، فعمره يفوق المائة عام وهو بالتالي يمثل قطعة بناء أثري تاريخي يحق أن يسجل ضمن الآثار بالبلاد وفقاً لقانون الآثار الدولي. الفنان التشكيلي ابن سنار موسى ونيس كان حاضر الفكرة وهو يضع مجسماً خطته أنامل ريشته المبدعة كشكل نموذجي لمتحق سنار وتجميع الآثار وبعض الرموز التاريخية للسلطنة في مكان واحد يحكي عن تلك الحقبة التاريخية المهمة من حياة إنسان السودان بمكوناته المختلفة. التشكيلي موسى صمم مدخلاً لمتحف يضم الآثار السنارية وعن تلك التجربة قال: نسبة للشكل الهرمي الذي يقوم عليه المبنى، في الواجهة الشرقية والغربية، قمنا بوضع تصميم يتناسب مع الفكرة ويجسد تلك الحقبة، فالشكل العام مستوحى من رموز الثقافة السنارية المعروفة في شكل الككر والطاقية أم قرينات (أدوات تتويج الملك). وكذلك لوح طلاب الخلاوي «رمز قوة للدولة الإسلامية في بداية تكوينها». كما أن هناك تصميمات معدة لإعادة تأهيل المواقع الأثرية تعيد شكل المدينة القديمة، وتجسد أهم الأحداث التي دارت في تلك الفترة. فأهمية التأسيس للبنى التحتية للعمل السياحي في سنار يساعد كثيراً في تغيير خارطة الاقتصاد في ولاية سنار ويضيف إضافة حقيقية في تغيير السلوك العام تجاه النشاط السياحي. منصور حبة