نقلت بعض الصحف أمس أن باقان سحب استقالته من منصبه كأمين عام للحركة الشعبية وأفاد مدير مكتبه بأنه سيواصل مهامه أما استقالته من منصب وزير السلام فقائمة وأنه سيعقد مؤتمراً صحفياً اليوم ليوضح الكثير من الحقائق والمعلومات. هذا لا يعنينا في شيء وإن الذي يعنيني حقاً هو ذلك الانفجار الذي وقع وخرج بخلافات الحركة الشعبية إلى سطح الطاولة في تلك الجلسة التي خصصت لمناقشة حالة الخلاف العميقة بين سلفاكير ومجموعة من قيادات الحركة منهم باقان ونيال دينق وقرايشوانق وقد نقلت العزيزة (الأهرام اليوم) في عددها ليوم الثلاثاء 19/7/2011م وقائع الاجتماع بتفاصيلها وكذلك ألحقته بوقائع اجتماع ثان انعقد لمناقشة أموال الحركة التي كان مسؤولاً منها باقان أموم. سنركز على ما يهم شمالنا الحبيب ومن أبرز ما قاله سلفاكير قبل أن يستنطق باقان هو ما حدد فيه الدول التي كانت تقدم الدعم للحركة الشعبية ومنها للأسف ليبيا معمر القذافي هذا الرجل الذي لعب أقذر الأدوار تجاه وطنه الثاني السودان وكلف بلادنا الكثير وعلى رأس ذلك انفصال جنوب السودان ومن الدول التي كانت تقدم الدعم الذي وصل في مجمله إلى ثلاثة عشر مليار دولار إسرائيل وللأسف كان عبد العزيز الحلو يتسلم دعم دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وإسرائيل وذلك على لسان سلفاكير ميارديت وليس على لسان الطيب مصطفى وكان ياسر عرمان - والحديث لسلفاكير - يتعامل مع بريطانيا وأمريكا وإسرائيل وكان أيضاً يتسلم أموالاً وأن عقار كان يتسلم أموالاً من باقان. سنركز في السرد على (أولادنا) الحلو وعقار وعرمان وجماعتنا من القوى السياسية التي من المرجح أن تكون تسلمت أموالاً من إسرائيل دون أن تعلم وسط عمليات الدعم المستمرة التي كانت تمارسها الحركة الشعبية مع القوى السياسية الشمالية التي حسب حديث باقان تسلمت أموالاً تصل إلى مليار دولار طيلة سنوات الاتفاقية. · يقول باقان إن الأموال التي تسلمناها من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي كانت (أموالاً سرية) هكذا قالها وأضاف عليها أنها عبارة عن دعم سري لمقابلة مخططات المؤتمر الوطني وتوطيد دعائم الحركة الشعبية لحكم السودان. يجب أن تنتبه عزيزي القارئ، الرجل يقول (حكم السودان) ويواصل حديثه أمام رئيس بلاده: وصرفت على تطوير الجيش الشعبي وبناء منظومة معلوماتية قوية في الشمال تؤسس لسودان جديد. ومعنى هذه الجزئية الأخيرة من حديث باقان أن الحركة جندت الآلاف من قطاع الشمال ليكونوا مخبرين وعملاء لجهاز استخبارات الحركة الشعبية. عن جبال النوبة والنيل الأزرق يقول باقان إن أغلب الأموال وهي ثلاثة عشر مليار دولار كانت تذهب للصرف على شراء الأسلحة لمناطق جبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي تحسباً لفترة الانفصال وإن جملة ما أنفق على الأسلحة والمعدات لجبال النوبة بلغ (2) مليار دولار وهي أموال أتت من أمريكا وإسرائيل وبريطانيا. حتى لو عاد باقان إلى سلفاكير وانتهت الخلافات بينهما وعادا (عسل على لبن) فإن المفيد قد حصل عليه شعب الشمال وبدت له الأمور أكثر وضوحاً من أي وقت مضى وهو قد علم أن مواقف القوى السياسية الشمالية المعارضة التي كانت مواقف ضاغطة على المؤتمر الوطني وهدفت لإضعافه وأدت في النهاية إلى تمرير أجندة الحركة الشعبية وفصل جنوب السودان كانت مواقف مدفوعة الثمن ولم تكن مواقف تنم عن جهل وغباء في الممارسة السياسية وكنا وقتها نطالبهم بترجيح كفة الوطن على معاداتهم لنظام الإنقاذ وأن ذلك سيصب في مصلحتكم ولكن يبدو أن المال أعمى بصيرتهم فسجلوا مواقف مخزية وما زال البعض يقفها. في جانب أبنائنا من قيادات قطاع الشمال كنا نظنهم مثل الجنوبيين الذين انضموا إلى الحركة الشعبية بعد أن صار الانفصال حقيقة وهذا شيء طبيعي جداً لن نلوم أحداً من أبناء الجنوب إذا انضم إلى الحركة الشعبية أو غيرها من القوى السياسية الجنوبية بعد أن أصبح الجنوب دولة أخرى وكنا ننتظر ذات الدور من قيادات الحركة الشعبية من أبناء الشمال لا سيما أن الحركة غدرت بهم ولكنهم ظلوا يتمسكون بالحركة الشعبية حتى بعد أن أقامت دولتها ورحلت وجاء الانفجار الأخير ليضع النقاط فوق الحروف ويكشف عن حجم المكاسب المهولة التي تقدمها الحركة الشعبية لهم من أموال بالمليارات وهي أموال سائبة لا أحد يسأل عنها وليست هناك مؤسسات في دولة الجنوب تقوم بضبط المال العام كما هو الحال في الشمال ولذلك يستمر تآمرهم على وطنهم ولكن ماذا يفعل الوطن تجاههم وهم بهذه المخططات الكبيرة والمدمرة؟