{ في أخبار (الأهرام اليوم) أن الفريق «مالك عقار» سافر إلى «جوبا» للتباحث مع الفريق أول «سلفاكير ميارديت» رئيس دولة الجنوب، حول أوضاع ومستقبل أفراد (الجيش الشعبي) بجنوب النيل الأزرق!! وزعمت المصادر بقطاع الشمال أن عدد منسوبي هذا (الجيش) يبلغ (52) ألف مقاتل..!! وبعيداً عن هذا الرقم (الخرافي)، فإننا نحتاج أن نسأل: هل بالإمكان أن يأتي الفريق بالجيش الشعبي وزير داخليّة الجنوب «قير شوانق» إلى الخرطوم للتشاور مع المشير «عمر البشير» رئيس جمهوريّة السودان، حول معالجة أوضاع بعض منسوبي «الجيش الشعبي» في «غرب بحر الغزال».. مثلاً؟! { يجب أن يقر الجميع ويعترفوا بأن اتفاقية السلام الشامل، التي كانت تنظم العلاقات بين (الشمال) و(الجنوب)، قد انتهت، وذهبت إلى مكاتب الأرشيف في الدولتين، بعد إعلان جنوب السودان.. دولة مستقلة ذات سيادة وعضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة. { ليس هناك، ما يسمح - إطلاقاً - لا دستوراً، ولا قانوناً بسفر والي ولاية النيل الأزرق، التابعة لجمهوريَّة السودان، إلى دولة أخرى، مجاورة أو غير مجاورة، دون إذن رئيس الجمهورية، وبعلم وزارة الخارجية، بالتنسيق مع القائم بأعمال سفارتنا في تلك الدولة. { يجب ألا نتبسَّط في مثل هذه القضايا الحساسة ونتساهل مع هذا السلوك (الغابي) والظلامي، وعلينا أن نستفيد من تجربة معاملات المركز (المريرة) مع النائب الأول لرئيس الجمهورية (السابق) الذي كان يزور «كمبالا» أكثر من زيارته للخرطوم، ودون علم، دعك من إذن الرئاسة..!! { كانت الرئاسة تتساهل مع «سلفاكير» ومكاتبه الخارجية، ورحلاته الدولية، بانتظار ميقات (الاستفتاء)، والالتزام الصارم بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل، على الأقل من طرف (الشمال). { الآن.. لا سبب ولا مبرِّر لتكرار أخطائنا مع «سلفاكير» والحركة الشعبية، وترحيلها بذات فداحتها وكارثيّتها، لفائدة «مالك عقار» وقطاع الشمال، حتى ولو في حدود النيل الأزرق، وجنوب كردفان الجغرافية. { بل إن (أخطر) قرار يمكن أن تصدره الحكومة والمؤتمر الوطني هو (الاعتراف) بالحركة الشعبيّة - قطاع الشمال للعمل في ولايتي (النيل الأزرق) و(جنوب كردفان)، بإضفاء طابع (خصوصية سياسية) على الولايتين دون غيرهما من ولايات السودان. ستكرر الحكومة إذا فعلت ذلك ذات الخطأ (الكارثي) الذي ارتكبته عند موافقتها على (تمييز) ما أسموه (المناطق الثلاث) في اتفاقية السلام!! إنها ذات المناطق (المتفجِّرة) قبل وبعد انفصال جنوب السودان، وما زالت انفجاراتها مستمرة..!! { مشكلة (الجيش الشعبي) بجنوب النيل الأزرق، مسؤول عن حلها الرئيس «البشير»، وليس رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق «سلفاكير»، أو هكذا ينبغي، هذا إذا كان السودان دولة مستقلة وذات سيادة، ولكن يبدو أن ما يحدث هو العكس، فالدولة التي استقلت قبل (21) يوماً، مازالت قواتها تحتل جزءاً من أراضينا، ومازالت (التعليمات) تأتي لجنرالاتها من «جوبا».. يا سبحان الله!! { هناك خطأ ماثل، لابد من معالجته، وهو أن مسؤولاً دستورياً كبيراً في حكومة السودان، مازال يتلقى الأوامر والتوجيهات من دولة أخرى (صديقة)!! ورئيس الدولة (الصديقة) «سلفاكير» اعترف بهذا عبر صحفنا، وقال: (سنتعامل فقط.. مع الفريق «مالك عقار» كممثل للحركة في الشمال)!! هل تسمح حكومة الجنوب، بأن يتعامل الرئيس «البشير» فقط مع «أقنس لوكودو» كرئيسة للمؤتمر الوطني في دولة الجنوب؟! { وجود قوات أو مليشيات مسلحة في «الكرمك» أو «كاودا» لا يعني بأيّة حال من الأحوال، (التسليم) باختراق الدولة وتفكيكها إلى (دويلات). { ونظام الدولة - أيّة دولة - يفرض على رئاسة الجمهورية استدعاء مالك عقار - وبدون رتبة فريق - بصفته والي ولاية النيل الأزرق واستيضاحه حول أسباب رحلته إلى «جوبا» دون علم الرئاسة ووزارة الخارجية. { وإذا رفض «عقار» التقيُّد بقوانين ونظم ولوائح الدولة، فإن الأوفق أن يتم إعفاؤه، عاجلاً، لأنّه - في النهاية - سيتمرد كزميله «الحلو» استجابةً لتوجيهات قيادة الدولة (الصديقة) وأصدقائها (الدوليين) الوسطاء!! { باغتوه بالقرار.. قبل أن يباغتكم بالتمرُّد، مع إحكام التنسيق مع الجارة «إثيوبيا».. وسلم الله البلاد. رمضان كريم