هذا الحوار حوار مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد أجريته قبل نحو عام مع الزميلة النابهة فاطمة غزالي، ولم ينشر كاملا وقتها وفيه عدد من القضايا التي ما تزال تثير الجدل في الوسط السياسي بشكل عام والحزب الشيوعي على وجه خاص عقب اكتمال أعمال المؤتمر الخامس، كما يأتي نشره هذه المرة تزامنا مع مرور ذكرى إعدام زعيم الحزب الأسطوري عبد الخالق محجوب في يوليو 1971م. تاليا مقتطفات من المقابلة: { البعض خرج من الحزب تعبيرا عن رفضه لنتائج المؤتمر الخامس؟ - يجوز أن المؤتمر الخامس لم يلب تطلعاتهم، لكن الذي حصل هو عقد مؤتمر ناجح. ربما «زهجوا».. أو هي حالة «قلق» لكن لا نعاديهم ولا نفصلهم.. ابتعادهم يغني عن سؤالهم. { وإذا عاد هؤلاء؟ - هنا تتم محاسبتهم.. ما الذي يضمن أنهم لن يخرجوا مرة أخرى؟!! سؤال مشروع. { إعادة تنصيب القيادة أصاب الشباب بالإحباط؟ - مثل وجهة النظر هذه موجودة في السودان منذ فترة عبد الخالق محجوب وعبد الله خليل.. أنا لم أفرض نفوذاً ماليا أو طائفيا أو أسريا.. ربما (بعض هؤلاء)... «خلاص زهج» من الحزب.. { هل طُبقت لوائح الحزب على جميع من فصل منه؟ - نعم، لكن هناك من انقسموا مثل «أحمد سليمان» والجماعة الآخرين أيام نميري. { فاروق أبو عيسى كان ضمن من تصفهم ب «الانقساميين»؟ - قبل الإنقاذ أدان فاروق أبوعيسى الانقسام وقدم طلبا وعاد للحزب. { هل صحيح أنه عضو في اللجنة المركزية؟ - ممكن، باعتبار أن الشخص الذي يخطئ ويعترف بخطئه، يجب أن لا تعاقبه بأثر رجعي، وهو شخصية سياسية لعب دورا كبيرا في المعارضة بالخارج ونقابة المحامين العرب. { ما هي حقيقة أن بعض الذين قرروا العودة للحزب وقفت أنت في وجههم؟ - أي شخص أدان الانقسام وقدم طلبا للعودة، عاد إلى الحزب، وكل حالة لوحدها، لا توجد محاسبة بعد الاعتراف بالخطأ كتابة.. بعضهم خرجوا وأسهموا في أشياء تستحق المحاسبة ليس مثل آخرين خرجوا مع الانقسام وقرروا العودة بعد الاعتراف بخطئهم. { مثل من؟ - بعضهم توفي (خلينا منهم). { الراحل الأستاذ الخاتم مثلا؟ - لا.. لا.. الخاتم لم نلعنه، ذهبنا في جنازته وحضرنا دفنه.. وإذا لم يتوفى وقرر العودة إلى الحزب لعاد. { الأستاذ الحاج وراق؟ - لا أستطيع أن أقول نعم أو لا.. الرغبة الذاتية هي التي تحدد للشخص العودة للحزب أو لا. { هل ما يزال حزبكم ماركسيا؟ - نعم، نحن حزب ماركسي.. ولا أحد يستطيع أن (يسلبنا) هذه المرجعية. { ما الذي تعنيه الماركسية بالنسبة إليكم؟ - كما نفهمها نحن، ووفق تجاربنا.. ليس كما يفهمها الصيني أو الروسي. { الماركسية السودانية؟ - سمها الماركسية فقط. لا نريد «لولوة» و«ململة».. نحن ثبتنا فيها وضربنا ضربة كبيرة.. عذبنا وشردنا وقتلنا. نحن بدأنا في المراجعة والتحليل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واستمرت لسنوات.. في المؤتمر الخامس تحدثنا عنها بوضوح.. نحن ماركسيون «رضي الناس أم أبوا». { بدأ حزبكم يتحول تدريجيا إلى طائفة في ظل اجترار التراث وتكرار الأناشيد والشعارات واستمرار القيادة التاريخية؟ - ليس غريبا عليّ مثل هذا الحديث، ولكن لن أقوم بافتعال أساليب عمل سياسي وتسميات لمجرد أن بعض الناس لديهم مثل هذه الأفكار. لأنه سيظهر آخرون لديهم أفكار أخرى.. هل أنتقل مرة أخرى لأسلوب عمل جديد؟ سوف أصبح مثل «الحربوية». { ألا يعد الامتداد الأسري بالحزب أمراً مقلقاً؟ - لا. ليس صحيحا أن عائلات الشيوعيين جميعها شيوعيون.. أنا والدي كان حزب أمة نشطا جداً.. والد التجاني الطيب كان اتحادياً.. القدال والده لم يكن شيوعياً ويناسب أسرة (باعبود) من أغنى أغنياء السودان!! تاني عندك شنو؟ { هناك سؤال تاريخي لم نجد له ردا شافيا حتى الآن من نقد، هل ترك عبد الخالق وصية لديكم؟ - ليست لدي فكرة، حقيقة.. كلام كتير عن هذا الأمر، لكن عبد الخالق لم يكتب وصية قبل وفاته ولم يسلم أية ورقة للشخص الذي كان يجلس معه ثلاثة أيام قبل اعتقاله وفي السجن الحربي لم تكن لديه فرصة لكتابة شيء من هذا القبيل، وأي شيء كتبه عبد الخالق نشرناه. { ما الذي يدعو الناس لاجترار هذه المسألة، وهل تشعر بأن هناك اتهاما لشخصك بإخفاء هذه الوصية؟ - ربما هي أشواق، عندما يكون الاتهام غير حقيقي إما تذهب للمحكمة لإثباته أو أقول إنني لا أعلم شيئا عن هذا الأمر لأن الناس الذين كان بينهم عبد الخالق فترة الثلاثة أيام قبل اعتقاله موجودون كأسر، وممكن أيضا أن يكون الكلام عن إخفاء الوصية لتشويه السمعة.