ويتواصل الحديث عن رمضان شهر التوبة والغفران، وطعم رمضان في فترات خلت يظل عالقاً بالذاكرة والقلب فهو شهر حب وعبادة وترقب لله مع فعل الخيرات. تروي لنا الخالة منى عثمان ذكريات طيبة كانت تحدث في رمضان ولكنها شبه اندثرت. قالت: كنا نسكن في أعرق أحياء أم درمان حي بانت، وفي فترة السبعينيات كنا شباباً في عمر الزهور ورمضان يمثل لنا موسماً للتغيير في كل شيء النفس تتهيأ كما نقوم بنظافة رمضان وهي غسل جميع أواني المطبخ والملابس. واستطردت: تكون النظافة شاملة في كل أنحاء البيت.. كما أن الفتيات كن يصمن في سن مبكرة للتعود على الصيام ويقمن أيضاً بمساعدة أمهاتهن من نظافة البليلة وبل الآبري مبكراً. وتضيف الخالة منى أنها لا تنسى أبداً صوت دوي المدفع الذي يصدر من الخرطوم لحظة الإفطار العظيمة وقالت كنا نهتم اهتماماً كبيراً بتحضير صينية الفطور (المويات) التي كانت تتكون من العصائر البلدية في السودان أشهرها الكركدي بنوعيه الأحمر والأبيض والعرديب والقنقليز المعروف في كردفان بالتبلدي بجانب عصير الليمون والقريب فروت واليوسفي وتكون معصورة أي لا تخلط لندرة الخلاطات الكهربائية وقتها. الخالة منى قالت سبحان الله رمضان أحسب أن خيره أكثر في الماضي الجميل يا بنتي تصوري أن وجود الزبيب الذي كان يقال له البناتي مع المشمش والتوت والتين كان أساسياً في مائدة رمضان بجانب عصير قمر الدين والتانك الأمريكي إضافة للفواكه بأنواعها المختلفة.. وأوضحت أن هذه الأشياء كانت تأتي مستوردة من الخارج ومتوفرة عند جميع الأسر البسيطة وكانت زهيدة التكلفة عكس الآن فهي أصبحت على موائد المقتدرين فقط وغابت عن المعسرين، وأضافت أن الأسوق كان مليئة بمستلزمات رمضان المستوردة حتى العنب والتفاح كانا يأتيان من لبنان بجانب البلح والعجوة من العراق والسعودية وذكرت أن سوق الزنك زمان أي السوق الكبير كان في قلب الخرطوم وفيه تتوفر كل طلبات رمضان المحلية والمستوردة خاصة الفواكه الطازجة وأشارت إلى المكان الذي كان به السوق سابقاً، وهي المساحة التي تقع غرب الجامع الكبير بالخرطوم وتحسرت على إزالته من ذلك المكان الخالد والجامع لكل المواطنين. وعادت بنا للذكرى الجميلة وقالت كانت الأسر تحضر ثلاث صواني للإفطار واحدة للرجال والثانية للنساء والثالثة للأطفال واستطردت قائلة إن الأطفال كانوا يقضون لحظات جميلة في رمضان على صينيتهم التي تحتوي على عدد من الكور صغيرة الحجم مكتوب عليها رمضان كريم وعليها أصناف المائدة الرمضانية من بليلة وبلح ومشروبات وعصيدة وأبانت أن الأطفال كانوا يتخذون مكانهم بزاوية قرب «الضرا» الذي يجتمع فيه الرجال الكبار ويفطرون مع لحظة الأذان بكل هدوء وفرح.