{ لاحظت مؤخراً أن أغلب مقالاتي قد خرجت عن الخط المعتاد الذي رسمته لمنهج هذا العمود الراتب، فقد بدأت أتقول في أمور مؤسسية ونقدية واقتصادية ترتبط مباشرة بإنسان بلادي وبي شخصياً. فاذا توجهت بالنقد لبعض الظواهر السالبة أو التقاعس الإداري أو الإخفاق الحكومي، فهذا يأتي رغماً عني وتفرضه الأجواء المحيطة ونكتب عنه من باب التفاؤل فحسب. { فبلادنا الجديدة ما زالت في طور التقدم ومرحلة النمو، ونحن نحلم بأن تكون يوماً في المقدمة وإن طال! لهذا نحاول بطريقة وأخرى استغلال ما أنعم الله به علينا من وظائف كتابية في مواقع مؤثرة، وما فتح به علينا من فصاحة أن نصلح الحال أو نلفت الانتباه أو نشعر القارئ بالمؤازرة والمساندة والإحساس بما هو فيه على الأقل. { وعلى ذكر الإحساس، فبالرغم من أننا شعوب معروفة بتاريخها الأدبي والشعري الطويل، نتمتع بأحاسيس مرهفة وعواطف جياشة إلا أننا - في اعتقادي - لا نجتهد في إظهار مشاعرنا والتعبير عنها لبعضنا البعض، لهذا تجدنا أصبحنا نعيش في جفاء وتردٍ في الأواصر الاجتماعية وبرود في العلاقات الإنسانية. { فالشاهد أننا - كسودانيين تحديداً- نعاني من خلل في التعبير، ولن ألقى بالأمر كله على عاتق الرجال وأتهمهم بذلك لأنني أحاول أن أكتب اليوم بحياد وموضوعية، رغم أن الحقائق والتجارب الماثلة تؤكد أن «رجالنا» يعانون من أزمة حادة في التعبير عن مشاعر الحب والتقدير والشوق، ولا سيما الامتنان. { لكن.. من جهة أخرى تجد بعض الآباء عاجزين عن التعبير عن الحب لأبنائهم والعكس! وبعض الأمهات - رغم أمومتهن الفطرية الحنونة - ليست لديهن القدرة على خلق علاقات وطيدة مع بناتهن! لهذا أصبح الأبناء والبنات عاجزين عن معرفة الحب الحقيقي والتعبير عن المشاعر الطيبة لأهليهم لأنهم ببساطة فقدوا القدوة في ذلك ولم يتعلموا في بيوت ذويهم كيفية تبادل الأحاسيس والتصريح بالمكنونات الإيجابية، رغم أننا بارعون جداً في ملاحظة السلبيات والإعراب عن النقد والاستنكار وجرح المشاعر، وهكذا أصبح الأمر موروثاً اجتماعياً وقيداً طويل الأمد، رغم أننا إنسانياً في أشد الحاجة لتبادل الحب والتعبير عن الأحاسيس مهما كانت أعمارنا ومقاماتنا وأوضاعنا وقد أثبتت الدراسات أن الطفل الذي ينشأ في بيئة محبة وحنونة يتفوق في كل مراحل حياته الدراسية وتكون لديه القدرة على التواصل والعطاء، وعلى العكس كان الطفل الذي لا يشعر بالحب من حوله لذلك يتجه للعصبية والعنف يمتلئ بالأحقاد ويوصم بالفشل حتى في تكوين أسرة في ما بعد. كما أن الآباء والأمهات الذين يعانون من جحود وإهمال الأبناء يشكون من أمراض الشيخوخة والوحدة والاكتئاب والعكس صحيح. { وقد يكون السر وراء إحجامنا عن البوح إلى جانب موروثاتنا الاجتماعية العقيمة هو الخجل، فنحن نخجل من مشاعرنا وكأنها عار رغم أن الله تعالى ميزنا بها عن باقي المخلوقات وأنعم علينا بالقدرة على الكلام لنعبر عن أحاسيسنا وإظهار مشاعرنا الخفية. إن البعض يعتقد أن الحب ضعف، فيحاول الهروب من ضعفه أو إظهار العكس فيرتدي قناع الجمود والجفاء، اعتقاداً منه بأن ذلك يحفظ وضعه بين الناس ويسبغ عليه هيبة ووقاراً! رغم أن الحقيقة المجردة هي أنه شخصياً وغيره في أشد الحاجة لكلمة تشعره بآدميته وتغسل روحه.. فلماذا لا نعلن ثورة على جمودنا وبرودنا، ونصنع لنا حباً وريفاً نستظل به في هجير هذه الدنيا الفانية؟ لماذا لا نبدد الصمت بالتعبير عن إحساسنا بالاعتذار والامتنان والاحترام والشكر لماذا لا ننداح؟! { تلويح: الاندياح.. هو الإسهاب والتفصيل والتعبير المطلق عن كل مشاعرنا وأفكارنا.. إذا وجدت المسؤوليات كثيرة وثقيلة بالتنظيم الجيد والإدارة الحسنة تنجح في استعادة موقعك وإعطاء نتائج مميزة. عليك أن تكون أكثر إقناعاً اذا رغبت في تحسين وضعك في العمل، والغاية قد تبرر الوسيلة في بعض الأحيان. قد لا تتمكن قريباً من إيجاد الحلول الحاسمة مع الشريك.