ونحن نستنشق عبق الشهر الكريم رمضان وفي هذه الاطلالة تقلب لنا الحبوبة ثريا حسين أحمد في السطور التالية ذكريات وحكاوي الزمن الجميل ومع رمضان تؤكد ان الايام حلوة وفريدة عن سائرها. تحكي الحبوبة الستينية عن زمان شبابها الذي ولى غير محسور عليه فتقول: «نحمد الله يا بتي على عافية زمان ونشاط زمان وهمة زمان ورمضان زمان..».. وتتأوه مشفقة على حال بعض فتيات اليوم واستطردت قائلة: «زمان كانت الأسرة السودانية تلقى اهتماما بالضيف غير عادي فيكرم ويحترم ويقدر إلى ان يغادر ولو ليلة واحدة قضاها، فيذهب حاملاً اشواقه وذكريات من استضافوه برحابة الصدر والكرم الفياض، والكثير من الامثال تضرب والحكم تقال في شأن إكرام الضيف ولو بالبسيط والمعتاد من الزاد في المنزل منها «عيب الزاد ولا عيب سيدو».. «بليلة مباشر ولا ضبيحة مكاشر»، وكلها تدل على اهمية الترحيب بالضيف واكرامه باليسير والقليل الموجود من الطعام. وتزيد الحبوبة ثريا: في رمضان زمان كان الضيوف يأتون دائماً مع موعد الافطار او آخر الليل وفي الحالتين تجتهد الاسرة لتجهز مكان اقامتهم وراحتهم وتقوم باعداد طعام الافطار وتكثر في طبخ المزيد من الطعام ويقف أهل البيت على الضيف ويشرفون على إفطاره.. في العشاء يذبح للضيف، ويجهز العشاء من لحم الخروف ويسهر معه حتى يحين موعد موعد السحور، وقالت إن (ست البيت) كانت تشرف بنفسها وتتأكد من إيقاظ الضيوف لتناول السحور المكون من اللبن والرقاق ولا تغادر حتى تطمئن ان ضيفها قد تسحر تماماً ثم تلتفت الى اولادها وبقية اهل بيتها. كذلك لم تنس حبوبة ثريا بعض الزيارات التي كن يقمن بها في رمضان الى خلاوي القرآن ومقامات الشيوخ وتقول: بعد أن ننتهي من تجهيزات الافطار بالمنزل وقبل صلاة العصر نتجه صوب خلوة أحد الشيوخ بالحلة وهناك تكون عدد من النسوة مجتمعات وجاهزات لخدمة ضيوف الرحمن في شهر رمضان وبيت الشيخ الكبير او زاويته، وأضافت: «نحنا من يبل البليلة والبلح والحلو مر وهناك من يجتمعن على عمل العصيدة في القداحة او الحلل الكبيرة واخريات يقفن على طبخ ملاح التقلية»، وقالت: كميات كبيرة من الطعام يتم تجهيزها للصائمين بمشاركة عدد من الفتيات الصغار والنساء والحبوبات، وقبل ان يحين موعد الافطار تكون النسوة قد اعددن الطعام للضيوف ويذهبن لبيوتهن لتناول الافطار هناك، وأبانت أنه كان لا حرج من ان تأخذ إحدى النساء شيئاً من طعام خلوة الشيخ لأهل بيتك وكان عادياً، وزادت: بعد الافطار نعاود خلوة الشيخ لنساعد الحيران في غسل الاواني ونستعد للاستماع لدرس قصير عن فضل شهر رمضان من احد الشيوخ ومنها نذهب لاداء صلاة التراويح.. وختمت بقولها: كنا نحس بالراحة والفرح في شهر رمضان.