دعوة محبة: أذكر ذات يوم أنني كنت في السوق العربي، وكان السوق يومها مزدحماً بالناس ازدحاماً شديداً، وكنت مثل أي مواطن سوداني أمارس هوايتي في التجول في السوق لقضاء أشياء مهمة، طلبتها مني الحكومة كما يقولون، ونحن لا نعصي الحكومة، أو كما قال دكتور جلال الدين الأمين العام لهيئة الانتخابات عنها الاستعمار بدلاً من الحكومة ولئلا يسيل ريق أحد من أجهزة الحكومة فالحكومة يقصد بها زوجتي المحترمة، وهي نفسها الاستعمار اللذيذ العزيز، منذ الزواج في 17/4/1966م حتى الآن، وفي السوق أوقفني كثيرون من أبناء وطني المثقفون، ناداني بعضهم باسمي، ولما تاه الاسم من أحدهم وانفعل نطق قائلاً أبونا دعوة محبة، لأن عمودي دعوة المحبة مقروء عند الكثيرين. واليوم يكتب معي وعني الصديق الصدوق المحترم أحمد الأمين أبوجًّماع، يثني، ويتهم الأب الدكتور فيلوثاوس صاحب دعوة محبة بأنه منحاز نحو حب السودان، وقد قدم أربعة أدلة قائلاً إنه يملك أربعين دليلاً، وأنه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وأبو جماع نفسه دعوة محبة وقد انفعل كشاعر، وكتب عن دعوة محبة قصيدة شعر كلها محبة، وما كتب أبو جماع وهو يقدم كتابي المرتقب سوداننا زين، والذي أحيي فيه كل شيء زين في سوداننا الزين، حتى شركة زين والتي هي بقيادة الفريق الفاتح عروة، صارت شريكاً دائماً في كل عطاء ثقافي. حيث قال:- وما يميز الأب الدكتور القمص فيلوثاوس فرج أن مقالاته وأحاديثه تدعو للحب والسلام، والتوادد، وللتوحد في التعدد، والتواصل مع الآخر، فهو في هذا الكتاب يقول: «إن الإسلام أهله متحضرون يؤمنون بالتنوع، وبأن الله خلقنا بأديان متعددة، وأعراق متنوعة، لكي نتنافس في محبة الله وليس لكي نتصارع، إنما نتعارف معاً ويحترم كل واحد فينا فكر الآخر وعقيدته»، ويستشهد في هذا السفر بعشرات الآيات المحكمات من القرآن الكريم وكلنا نعرف أنه يقيم مائدة إفطار رمضانية كل عام لأخوته المسلمين يؤمها رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين والوجهاء وغيرهم، إنه بهذا الفهم وبهذا الود، وهذه البشاشة، يردنا إلى تعاليم ديننا الحنيف الذي يحضنا على إكرام بني آدم وعلى البر والإحسان إلى أهل الكتاب، قال تعالي: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويرجعنا إلى الاستيصاء بالأقباط خيراً، وإلى المجادلة بالتي هي أحسن، قال تعالي: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ نسأل الله أن يعين الأب القمص الدكتور على نشر ثقافة الحب، والسلام، والحرية، والاعتراف بالآخر، ورفع راية المحبة عالية خفاقة، وأهديه هذا النشيد الذي كتبته من وحي لافتة التحرير بميدان التحرير مكتوب عليها، المحبة لن تسقط أبداً: الحب سموَ رايته ستظلٌ دواماً مرفوعَة والحبٌ جنانٌ عابقةٌ في قلبِ المؤمن مزروعَة والحب زُلال يتفجر في قلب المسلم يُنبُوعَه بالحبُ محمدُ أوصانا وكذلك مُوسى ويسُوعَا لم يوص الدينُ بغير الحب لا يعرف بغضاً وقطيعة فالبغض شقاءٌ بذرتُه من قلبِ المؤمن منزُوعَه لا تنهر لا تقهر أحداً كفكف للمظلوم دُموعَه وأحببْ للكون وخالفه فالحب طريقٌ وشريعه لن تسقط أبداً رايته ستظلٌ دواماً مرفُوعة نسأل الله العلي القدير أن يديم نعمة ظاهرة وباطنة على السودان وأهله، وعلى الناس أجمعين «سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين». أحمد الأمين جمّاع