ادِّيني قطرة دَمْ.. بي كم تكون الرُوح ولا العمر بي كَمْ.. هدَّ المرض أعضاي بدَّد دواخلي الهَمْ.. وأنا في ضرا الأحزان تنقذني قطرة دم.. { كثيراً ما نجدها تقف والدمع يتقطَّر من عينيها.. تخرج من عمق الألم تبحث عن من يمنحها تأشيرة المرور.. تفتِّش عن أحد يجبر بخاطرها المكسور ويربِّت على كتفها المنسدل حزناً على جسد واهن كهل.. كُتب على صفحتيها الكثير من الكلام.. تحمل في أحشائها أدوات تكفي لتقي من يسكنها شر الأذى..! إنَّها عربة التبرُّع بالدم.. تذكرني بأب عاد بعد طول غياب يحمل «مخلايته» في إحدى يديه.. وأبناؤه يتسابقون نحوه.. لا يحرِّكهم الشوق لحضنه الدافئ أكثر من طموحهم نحو معرفة ما تحويه المخلاية..! هذا هو حال هؤلاء المرضى وهم يتلهَّفون لهذه العربة.. ليس لسد حوجة الأكل فقط.. وإنما لصنع درع قوي - قدر الإمكان - بينهم والخطر. أطفال السرطان.. الابتسامة على وجوههم تخبرك أنهم لا يدركون هذا العدو الذي يغزو مساحات جسدهم البريئة.. هذه «الكانيولات» أو «الفراشات» التي يتعايشون معها.. ترتعش منها أطرافي خوفاً.. تُرى.. كيف تمرُّ الليالي وأهلهم وذووهم يذرفون شلالات من الدمع المر؟! حالهم.. حال أيِّ أمٍّ وأب حلموا بعرس أطفالهم وتعليمهم ونجاحهم.. ولكنَّ القدر أطلق صافرة إنذار مبكِّر. فقط «قزازة دم».. تعني الكثير الكثير.. يحزنني جداً أن أمرُّ عليهم - معظمهم - وحينما أسألهم عن أمنياتهم في المستقبل يكون ردُّهم «داير أبقى دكتور».. فأتمزَّقُ ألماً حينما أغادرهم وتلويحة الوداع تغتال فيَّ أمنية اللقاء القادم.. أيُّ ألم هذا الذي يتفشى فيَّ كما آلامهم.. وأيُّ قصيدة ربما تجسِّد هذا الحزن المكتوم..؟ ربَّاه.. فقط هي «قزازة دم»..! { خلف نافذة مغلقة نجوى الغُنا الما انقال في حفلة لا اتغنَّى نجوى انتظار الشوق في خنجر اتسنَّ نجوى امتداد أشواق لو بُكره تتهنَّا و«الكانيولات» تنشال شان نزرع الحنَّة..