هما..حقا ..دمعتان..! أفول الشباب..ورحيل الوطن.. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] ألمنا الخاص كبشر لا ينفصل عن وجعنا العام فكلاهما من داخل النفس وحولها ..ينهشان الصورة وحتى الظل منا..تهرب من هذا فيتلقفك ذاك في مصيدته فلا تملك الا أن تغسل جناحك المهموم في أدمعك.. غبت عن أحباء الراكوبة ليومين يعتصرني حزن علي أحد زينة شباب العائلة بن عمتي عبده الأمين الشايب..والذي قاوم بالبسمة وخفة الدم والتشبث بحب الحياة من أجل الاخرين ذلك الداء اللعين المسمي بالسرطان..وحينما أغمض عينيه لاخر مرة ..لم ينهزم الا للأجل المحتوم ولم يمت مستلما للألم.. من بين ردهات الحزن الذي أعتصر الذات..وعند خروجي الي أول بوابة فضائية..يرتطم الشعور بصخرة حزن أقوي تجاوزت صدمتها الشأن الخاص والرضاء بقضاء الله وقدره الي الشأن العام حيث الذي يجنيه الانسان علي أرضه وانسانها فيعبث بجسد الوطن تقطيعا بسكاكين المطامع..وما أقبحها لحظة الوهم بان ما يفعله كان انجازا لامندوحة عنه.. فيتبادل المهزوم التهاني مع غير المنتصر بقبلات تتقطر خيبة.. فيما الضحية تهمس عند مسامعهما باللعنات..وهتافات التاريخ تشيعهما بعاصفة من مسئؤلية ستظل كابوسا في منامهما وظلا يتبعهما في الحل والترحال ..أما ما ينتظرهما عند مليك مقتدر فهو من تقديره هو جلّ جلاله.. كانت كل الشاشات رغم ألوانها الفاقعة تبدو في نظري مجللة بالسواد وهي تنقل علم السودان الموحد يهبط في هيبة منكس الرأس حزينا كفارس جريج من علي صهوة جواد لم يرهقه لهاث المشوار..ولكن ألجمه عند ذلك المنحني خطل الذين ضلوا به الطريق الي تقسيم المسافة بينهما فقط .. فيما كان الاجماع والتشاور الوطني العاقل يمكن أن يفضي بنا الي كسب الرهان الي آخر المدى.. فتصفق لفرسنا وفارسنا كفان علي بعضهما ..ولكّنهما وياللحسرة فصلتا لتصفق كل واحدة في اتجاه دون أن تسُمع حتى نفسها.. وحيال المنظر لم تملك عيناي الا أن تنطق بما في الدواخل من ألم مزدوج..رغما عن ادمع فرح الذين رفعت علي سارية حلمهم راية سترفرف علي نسمات المجهول..هربا من رياح اليأس التي جرفتهم أرضا وانسانا جنوبا ..الي حين باذن الله .. لان تلك الرياح لم تمضي بهم الا وتركت نفسا من اثرهم في روح الشمال ..مثلما لنا بصمة في كل ذرة تراب في ارضهم هناك .. هما دمعتان امتزجتا عند بوابة العيون هربا من نيران الأعماق فشكلتا غلالات حجبت الأولي قلمي عنكم ليومين وأنا ابكي زهرة شباب أفل..ولكن قدري أنا اعود بدمعة أخري حرى بكاء علي جزء من الوطن قد رحل..فما بين دمعة الشأن الخاص والشأن العام يتجدد اللقاء .. ويا لسخرية القدرلابد من ان تمضي الحياة مثل جريان النيلين وهما يسكبان الأمل في حتمية الاستمرار..وعزاؤنا أن في ألمنا الخاص راحة لمن رحلوا بالآمهم الي أن يلحقنا بهم الرفيق الأعلي.. .و أن في جرحنا العام استئصالا لعذاب الشك عن نفوس من ابتعدوا علي مطايا اليقين ولو وهما مؤقتا ..ويبقي الأمل في أن نراهم قافلين علي بساط المودة الدائم بيننا ان لم يكن فوق وهاد الجغرافيا المنفصلة ففي ثنايا التاريخ المتصل .. رحم الله من رحلوا عن دنيانا.. ووفق من ذهبوا ومعهم الق الروح ..وعصارة القلب..وتركوا لنا علي المآقي هاتين الدمعتين ..ا نه المستعان.. وهو من وراء القصد..