عن اللقاء الجميل المدوي الذى جمع عام 1964م بين سيدة الغناء العربى أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وأثمر أغنية (إنت عمرى) التى نظم كلماتها الشاعر أحمد شفيق كامل قيل وكتب الكثير وأطلق كثير من الأوصاف وربما كان أشهرها لقاء السحاب وفى ما بعد أطلق هذا الوصف على لقاءات أخرى فنية وسياسية وكروية.. ولم يرق كثير من هذه اللقاءات أو بعضها إلى هذا الوصف الشاهق.. وعرفنا أن لقاء السحاب الأصلي تم بطلب شخصي من الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذى كان يعيش فى ذلك الوقت فى أوج مجده رغم انفصال سوريا من دولة الوحدة التى كان يرأسها وكان بعد تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956 قد أصبح بطلاً قومياً تحبه وتهتف له الجماهير على امتداد العالم العربي من الخليج العربي أو الفارسي إلى المحيط الأطلسي. وبعد ذلك غنت أم كلثوم من أشعار أحمد شفيق كامل (الحب كله) و(ليلة حب) وقبلهما (أمل حياتي) وكانت هذه الأخيرة من الأغنيات التى قدمتها فى إحدى حفلتيها بالمسرح القومي بالعاصمة الوطنية أم درمان على ضفاف النهر العظيم عند زيارتها للسودان عام 1968 وكان يرأس مجلس السيادة الزعيم إسماعيل الأزهري ومجلس الوزراء الأستاذ محمد أحمد محجوب وكان وزير الثقافة والإعلام هو المحامي الصحفي الأستاذ عبدالماجد أبو حسبو. ورغم أن العلاقات السودانية المصرية شهدت أعلى درجات الازدهار أثناء الفترة المايوية التى بدأت عام 69 وانتهت فى أبريل 1985م إلا أن أم كلثوم لم تزر السودان خلال هذه الفترة وهي نقطة غفل عنها المايويون، فزيارة أم كلثوم حدث ضخم تلتف حوله الدولة المضيفة وتحتفي به هي وشعبها ويضاف إلى إنجازات النظام. وما زال الناس يسمعون أغنية (إنت عمري) وهى تأتي فى مقدمة الأغنيات التى تبثها الإذاعات العربية ومنها إحدى إذاعات الإف إم السودانية وكلماتها عامية بسيطة من السهل الممتنع ويكفي أن الملحن هو عبدالوهاب وأن التى غنتها هي أم كلثوم. وكل أو معظم قصائد أحمد شفيق كامل نظمت بالعامية وله أغنية وطنية شهيرة وفى غاية الجمال والفخامة وهى أغنية (وطني الأكبر) وهى أيضاً من ألحان محمد عبدالوهاب واشترك فى أدائها كبار مطربي مصر ومطرباتها من أمثال عبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة وشادية وفايزة أحمد ووردة وتم تقديمها أيام المد القومي فى عهد عبدالناصر. ولم توصف أغنية (إنت عمري) فقط بوصف لقاء السحاب وإنما وصفت بوصف معبر آخر فقد قيل عنها إنها أول مؤتمر قمة غنائي والقائل هو الشاعر الصحفي المصري الراحل صالح جودت وربما استوحى الوصف من الجو السياسي العام فى ذلك الوقت من عام 1964 الذى شهد مولد الأغنية الجميلة الشهيرة فقد انعقدت فى مصر ذلك العام ثلاثة مؤتمرات قمة هي القمة العربية والقمة الأفريقية وقمة عدم الانحياز.